“الناتو” وإصلاح أوكرانيا .. الدمج في هياكل أوروبا
د.خالد العزي
بتاريخ 4 تشرين الاول /اكتوبر 2023 في بروكسل، انعقد اجتماع لمجلس أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وبناء على نتائجه، ذكر أن كييف كانت أقرب إلى الانضمام إلى الحلف. وقبل ذلك، كان المسؤولون في الغرب يتحدثون فقط عن الآفاق الوشيكة لتكامل أوكرانيا مع أوروبا.
يعد الاجتماع الذي عقد في بروكسل الثالث من نوعه. تم إنشاء مجلس أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي في قمة الحلف التي انعقدت هذا الصيف في فيلنيوس. هدفها هو إنشاء منصة للتشاور في المواقف الصعبة أو المتأزمة. من حيث المبدأ، لعب نفس الدور مجلس روسيا-الناتو، الذي تم إنشاؤه في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ولم يعد له وجود الآن.
وبغض النظر عن الطرح الغربي او الاوكراني والروسي بهذا الخصوص، لكن من حيث المبدأ قطع الغرب شوطا طويلا في إصلاح النظام في كييف بطريقة سريعة من أجل الدمج في الهياكل الاوروبية وبصرف النظر عن الاجتماع الأول للمجلس، الذي انعقد في القمة في فيلنيوس بمشاركة الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، فقد تم استخدام منصة التفاوض هذه مرة واحدة فقط. في الشهر السابع من الماضي، تمت مناقشة الوضع مع تصدير الأغذية الأوكرانية عبر البحر الأسود في ضوء انسحاب الاتحاد الروسي من صفقة الحبوب على مستوى السفراء.
في هذا الاجتماع تم توضيح ما يرتبط به، ولكن يمكن افتراضه. حيث شاركت نائبة رئيس وزراء أوكرانيا أولغا ستيفانيشينا إلى بروكسل للمشاركة في المجلس. وهي مسؤولة عن اندماج الحكومة الأوكرانية في الهياكل الدولية. ومن جانب الناتو، كان محاورها هو نائب الأمين العام للتحالف ميرسيا جيوانا. ويشرف على قضايا مماثلة. لقد تفاوضت جوان مرارًا وتكرارًا بشأن قبول أعضاء جدد في الناتو.
اذن هذه اللقاءات والحوارات ليست اجتماعات عادية لكن لها وظيفة هادفة وخطة واضحة مبنية على اساس تخطي العقبات امام الدمج المنتظر في الهياكل الاوروبي ، والجدير بالذكر بان اوكرانيا تخوض حرب على ثلاثة جبهات الحرب العسكرية الميدانية مع روسيا للحفاظ على الدولة وعدم الانصياع للمطالب الروسية، والمحور الثاني هو تصحيح القضاء الأوكراني بما يرتبط بحقوق الإنسان والتعبير والمحاكم والقضاء والسجن والتحديث المنهجي في المدارس وحل الخلافات الداخلية .
اما المحور الثالث والاصعب هو محاربة الفساد والرشوة والمخدرات التي كانت تسيطر على اوكرانيا قبل الرئيس زيلينسكي لان هذه المشكلات لاتزال تعصف بكل جمهوريات الاتحاد السوفياتي بما فيها روسيا الاتحادية وتتطلب عملية محاربة هذه النقاط اكثر من عقد .
بالرغم من ان بيان الحلف ذكر بأن الحلف “يعمل على ضمان التوافق العملياتي الكامل للقوات الأوكرانية مع الناتو. كل هذا يعني أن أوكرانيا أصبحت أقرب إلى حلف شمال الأطلسي من أي وقت مضى”. ويبدو أن موضوع اللقاء لم يكن للمناقشة الروتينية لحزم المساعدات الجديدة، بل شيئاً آخر. ربما يكون هناك ارتباط هنا بوثيقة سرية لوزارة الخارجية حول استراتيجية الولايات المتحدة طويلة المدى تجاه أوكرانيا، والتي أعادت مجلة بوليتيكو سردها مؤخرًا. ويترتب على ذلك أن واشنطن تعتزم إجراء إصلاح جذري لقوات الأمن الأوكرانية من أجل تقريبها من معايير دول الناتو. وقد تمت مناقشة ذلك في رسالة حديثة موجهة إلى الحكومة الأوكرانية ورئيس البلاد من نائب مساعد رئيس الولايات المتحدة للأمن القومي مايكل بايل.
وبدورها تزعم صحيفة بوليتيكو أنه “يجب على وزارة الدفاع الأوكرانية تشكيل هيئة محترفة من الضباط الصغار وضباط الصف بما يتوافق مع عقيدة الناتو ومبادئه”.
وبحسب المنشور نفسه، فإن الرئيس الأميركي جو بايدن سوف يعلن عن حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا. لن ينتهك هذا القرار أي قوانين تشريعية، لكنه يتعارض مع موقف جزء كبير من الكونغرس الأمريكي، حيث، كما أظهرت المناقشة الأخيرة لقضايا الميزانية، فإن مواقف مؤيدي، إن لم يكن خفض المساعدات لأوكرانيا، ومن ثم فإن المبررات الأكثر جدية لحاجتها تكون قوية. لذا فإن التسريب يبدو وكأنه معاينة للمطالب التي ستطلبها الولايات المتحدة من دعمها.
تولي وثيقة وزارة الخارجية اهتمامًا كبيرًا بمكافحة الفساد في أوكرانيا. إن الحاجة إلى إصلاح جميع القوى الأمنية، وليس الجيش فقط، مبررة في المقام الأول. وتراهن الولايات المتحدة أيضًا على إحياء المجمع الصناعي العسكري الأوكراني. ولا يتعين على البلاد أن تتلقى الأسلحة من الغرب فحسب، بل يجب أن تنتجها أيضاً.
وبالتالي، فإن الناتو يستعد بجدية لحقيقة أن أوكرانيا سوف تضطر عاجلاً أم آجلاً إلى إدراجها في صفوف الحلف. ويقوم الاتحاد الأوروبي أيضًا بتوزيع السلف على كييف. وتقوم المفوضية الأوروبية بإعداد رأي حول ما إذا كان من الضروري بدء المفاوضات بشأن انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي. وبحسب نفس صحيفة بوليتيكو فإن الاستنتاج سيظهر في الشهر الحادي عشر في الولايات المتحدة وسيكون إيجابيا.
