رهانات السياسة اللغوية لدى مغاربة العالم

رهانات السياسة اللغوية لدى مغاربة العالم

     السؤال الآن:

  شارك إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، في فعاليات الندوة  العلمية التي احتضتنها مؤخرا المكتبة الوطنية للمملكة بالرباط، حول موضوع ” من التعدد إلى التعددية.. محاولة لفهم رهانات السياسة اللغوية بالمغرب”، وهو نفس عنوان الإصدار الأخير للأستاذ الباحث سعيد بنيس.

وساهم في هذا اللقاء كلا من الكاتب الصحفي جمال المحافظ رئيس المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الاعلام والاتصال، والجامعية والكاتبة زهور كرام، والفاعل الامازيغي عبد الله حيتوس وذلك بحضور نخبة من الفعاليات الأكاديمية والباحثين والحقوقيين والاعلاميين.

   اعتبر ادريس اليزمى في مداخلته التي خصصها للحديث عن إشكاليات التعددية ورهانات السياسة اللغوية بالنسبة لمغاربة العالم  مشيرا إلى أن المسار الإصلاحي الذي عرفته البلاد، تفاعل مع عدد من التحديات، منها  ما يتعلق بالتعددية اللغوية، والذي تشكل العلاقات مع مغاربة العالم، كذلك إحدى رهانات هذا التحدي، خاصة في ظل التمثلات المطروحة بالنسبة للمغاربة داخل وخارج الوطن.

وأكد في معرض رصده للسمات الرئيسة، على أنه لا يمكن فهم ذلك، الا من خلال استيعاب مسألة عولمة وجود مغاربة العالم، مذكرا في هذا الصدد، بأنه في تسعينيات القرن الماضي كان عدد المهاجرين المغاربة مثلا في إسبانيا أقل من 100 ألف مهاجر، قبل أن يتجاوزوا حاليا 900 ألف مهاجر، ونفس الشيء  يحدث في إيطاليا.

 وأضاف اليزمي الرئيس السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن ” هذا يعني أنه في ظرف تاريخي قصير تمت عولمة مغاربة العالم بالخارج الذين ما زالوا يعيشون نموا ديمغرافيا مستمرا، موضحا أن ما بين 15 ألف مواطن مغربي و20 ألفا يهاجرون سنويا إلى الخارج بطريقة شرعية، وأن من بين مميزات مغاربة العالم، أن الأجيال الجديدة لديها جنسية وثقافة مزدوجة بنسب مختلفة.

 وبعدما سجل المشاركة الواسعة لمغاربة العالم حملة التضامن مع ضحايا زلزال الحوز والاقاليم المجاورة يبرز اليزمي، قال إنه لا يغيب عنا بأن مغاربة العالم متجذرون في مجتمعات دول الاستقبال، لكن في الوقت نفسه، يحافظون على الانتماء إلى الوطن والولاء للجنسية المغربية. كما شدد على أن أي حديث عن مغاربة العالم، لن يستقيم إلا إذا تم الأخذ بعين الاعتبار التحولات العميقة التي عرفتها الهجرة المغربية خلال العقود الأخيرة والمرشحة مستقبلا، كذلك أن تشهد متغيرات بشكل أكبر.

 وعزا اليزمى الكاتب العام للفيدرالية الدولية لعصب حقوق الانسان سابقا ذلك، لعدة عوامل حددها  أساسا في عولمة متزايدة من خلال تواجد المهاجرين المغاربة في جميع القارات، على الرغم من أن معظمهم يستقرون في أوروبا وتأنيث متزايد (حوالي مهاجر مغربي من اثنين امرأة).

 كما تتعلق هذه العوامل – يضيف اليزمي- بالتوجه نحو الاستقرار النهائي في بلدان الإقامة، مع بروز الجيلين الثاني والثالث للمغاربة الذين ولدوا وترعرعوا خارج المغرب، فضلا عن اتساع مجالات أصول المغاربة المهاجرين لتشمل مجموع جهات المملكة .

بيد أنه لفت الانتباه الى أن من الإشكاليات المطروحة على السياسات العمومية المغربية كيفية مواكبة مغاربة العالم الذين يزيد عددهم عن خمسة ملايين وثلاثمئة ألف مهاجر يعيشون بشكل قانوني في بلدان الاستقرار  .

ودعا في هذا السياق إلى احترام الانتماء المزدوج لمغاربة العالم باعتبار أن الأجيال الجديدة فهم مغاربة، لكنهم مختلفون ليس فقط على المستوى اللغوي، بل يتميزون بتعدد لغوي وسياسي وثقافي وتاريخي. وقال في هذا السياق: ” علينا أن نقبل فكرة الانتماء في مختلف مستوياتها، وأن نحترم اندماجهم”.

ولاحظ رئيس مجلس الجالية المغربية في الخارج، أن الحركية المتزايدة للأشخاص والناتجة عن العولمة ونتائجها وتنقلات الأشخاص ذوي الكفاءات والمؤهلات العالية، هي ظاهرة تمس وستمس المغرب مستقبلا أكثر فأكثر. وقال بصفة عامة، فان المستوى الدراسي للمهاجرين المغاربة، عرف تطوراً ملحوظا، غير أن الهجرة غير الشرعية التي تشجع عليها شبكات تهريب البشر تظل إحدى مميزات الهجرة، على الرغم من المجهودات التي تبذلها السلطات العمومية في مجال مراقبة الحدود خلال السنوات الأخيرة.

فخلال العقود الأخيرة، عرفت الجالية المغربية بالخارج، تحولات جذرية عكسها النمو الديموغرافي الهائل، والعولمة المتزايدة، والتأنيث، واتساع ظاهرة الهجرة، لتشمل كل الفئات الاجتماعية وكل مناطق المملكة، مع تنوع في الخلفيات السوسيو ثقافية للمهاجرين المغاربة، يوضح اليزمي الذي أكد أن مسلسل الاندماج في مجتمعات الإقامة يؤدى إلى تزايد عدد المتقاعدين من جهة ونمو معدل الأجيال الصاعدة من جهة أخرى.

وعبر عن اعتقاده بأن هذه التحولات تفرض العمل على تحيين السياسات العمومية، بجعلها تواكب مسلسل الاندماج في مجتمعات الاقامة وتأمين مواصلة الارتباط بالوطن، لكون الجاليات المغربية، كثيرا ما عبرت عن عدة مطالب ذات صلة بالهوية وبالإشكالية الثقافية.

وفي طليعة هذه المطالب، قال ادريس اليزمي، قضية التعليم واللغة وبرامج إعلامية واعتبار مغاربة العالم صلة وصل بين دول ومجتمعات بلدان الإقامة والمغرب، يعملون لصالح الضفتين من أجل تقريب وجهات النظر والمساهمة في بلورة مشاريع مشتركة في العديد من الميادين فضلا عن الدفاع على المبادئ الإنسانية النبيلة، كقيم التسامح والتعددية وحقوق الإنسان.

وتوقف ادريس اليزمي عند الإشكالية اللغوية لمغاربة العالم وقضية المساواة، وكونية حقوق الانسان، دعا الى العمل على احترام التعدد الثقافي والانتماء المزدوج للجالية، باعتبار أن  كلهم مغاربة، وفي نفس الوقت مختلفين، وأن هناك مستويات مختلفة للانتماءات.

 ومن بين المقترحات التي قدمها خلال هذا اللقاء احداث وكالة وطنية للعمل الثقافي، تعني بالترويج للإنتاج الثقافي المغربي بالخارج ودعم المبادرات الثقافية لمغاربة العالم والتعريف بإنتاجاتهم الفكرية والابداعية، مع الاهتمام بالترجمة مع العلم أن الكاتبات باللغتين الفرنسية والانجليزية، يشكلن الغالبية.

Visited 30 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة