نتنياهو والمنطقة العازلة في غزة…
خالد العزي
يقترب الجيش الإسرائيلي من تحقيق أهدافه العسكرية في شمال القطاع، بحسب ما أوردته صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية، الصادرة بتاريخ 5 كانون الأول / ديسمبر الحالي، نقلا عن منشورات باللغة العبرية، بأن الدول الغربية مترددة بشأن ما إذا كانت ستدعم مبادرة إسرائيل لتشكيل منطقة عازلة في قطاع غزة أم لا.
لقد اقترب الجيش الإسرائيلي من تحقيق أهداف العملية البرية في الجزء الشمالي من القطاع الفلسطيني، ويستعد إلى نقل القتال إلى المناطق الجنوبية. حيث توضح مصادر من المنشورات الغربية أن الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو ليست لديها أفكار محددة حول هيكل ما بعد الحرب في قطاع غزة. وهذه القضية تثير قلق إدارة جوزيف بايدن أيضًا.
أفادت صحيفة “هآرتس” في 4 كانون الأول /ديسمبر نقلاً عن مصادرها أن الدول الغربية تظهر ترددًا في مناقشة الفكرة الإسرائيلية بشأن المنطقة العازلة. ونقلت صحيفة هآرتس عن دبلوماسي غربي لم تذكر اسمه قوله: “نحن لا نتلقى إجابات واضحة، وهذا يثير مخاوف بشأن الغرض الحقيقي من العملية”. حقيقة أن الإسرائيليين قدموا خطتهم لإنشاء “شريط أمني” إلى الجانب الأمريكي، ودول الشرق الأوسط أصبحت معروفة منذ بضعة أيام. وأبلغهم مجلس الوزراء العسكري السياسي الإسرائيلي بنواياه فقط، لكنه لم يقدم تفاصيل. وذكرت منشورات باللغة العبرية أن المبادرة لم تتم الموافقة عليها في العالم العربي.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن الجيش يقترب من إكمال مرحلة واحدة من الحملة. وقال قائد اللواء المدرع اسرائيلي العميد (هشام إبراهيم)، لإذاعة الجيش، إن المهمة العسكرية”في الجزء الشمالي من قطاع غزة أوشكت على الانتهاء”. وأوضح القائد العسكري: “هذه حرب معقدة وصعبة وطويلة، لكننا حققنا تقدما في ضمان قدرة القوات البرية على المناورة في أعماق الأراضي”. وأضاف أن “الجيش الإسرائيلي بدأ بتوسيع مناوراته البرية إلى أجزاء أخرى من قطاع غزة بهدف الإطاحة بجماعة حماس الإرهابية”. بالإضافة إلى ذلك، قال إن هدف عمليات الجيش الإسرائيلي هو أيضًا “تهيئة الظروف لعودة المختطفين” الذين ما زالوا في أيدي المسلحين.
إن توسيع المناورة البرية يتطلب إعادة توطين قسري لعدد أكبر من الفلسطينيين. ودعا المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي إدري سكان خان يونس، ثاني أكبر مدينة في جنوب قطاع غزة، إلى الإخلاء والتوجه نحو المنطقة المحيطة بمدينة رفح على الحدود مع مصر. وأضاف أن “جيش الدفاع الإسرائيلي استأنف عملياته القتالية النشطة ضد حماس والمنظمات الأخرى في الجيب”، مضيفًا أنه يتعين على السكان المدنيين مغادرة منطقة العمليات حفاظًا على سلامتهم والذهاب إلى الأماكن التي يتم إعادة توطين النازحين فيها. ويدعي سكان خان يونس أن طائرات جيش الدفاع الإسرائيلي بدأت بإسقاط منشورات تطالبهم بمغادرة بعض المناطق.
ويثير القتال المتزايد قلق إدارة بايدن. ووصل وفد أمريكي برئاسة نائب مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس الأمريكي فيليب جوردون إلى إسرائيل في 4 كانون الأول /ديسمبر. أحد الأسئلة الرئيسية المطروحة: كيف سيكون شكل إدارة ما بعد الحرب في قطاع غزة؟ وقالت مصادر لصحيفة “واشنطن بوست” إن النقاش لا يزال صعبًا للغاية لأن أعضاء حكومة نتنياهو يدركون الحاجة إلى تطوير خطط لإدارة الجيب الساحلي، لكن ليس لديهم مقترحات مفصلة. وكما تؤكد صحيفة “واشنطن بوست”، فإن السلطات الإسرائيلية تفضل أن يتم اتخاذ القرار من قبل طرف ثالث غير مباشر.
ومن جهة اخرى أوضحت صحيفة “واشنطن بوست” أن واشنطن تقترح الآن أن تقوم حكومة الدولة اليهودية بنقل الإدارة المستقبلية للقطاع إلى السلطة الفلسطينية “المتجددة”. ويعترف المسؤولون الأميركيون بأن تسليم السيطرة على قطاع غزة سيطرح بعض الصعوبات، لكن الخيار لا يزال “الحل الأفضل وربما الوحيد” مقارنة بالخيارات الأسوأ، بما في ذلك الاحتلال الكامل لغزة، وفقا للتقييمات الأميركية. لكن الصحيفة تشير إلى أن المشكلة ناجمة عن انخفاض شعبية فكرة الحكم الذاتي الفلسطيني “المتجدد” بين السكان الفلسطينيين.
وهناك صعوبة منفصلة تتمثل في ما إذا كان ينبغي لقوات حفظ السلام أن تكون موجودة في الجيب. ويواجه وصول “الخوض الزرق” التابعة للأمم المتحدة معارضة من القيادة الإسرائيلية التي لا تثق في المنظمة الدولية. وفي المقابل، تتشكك الدول العربية في إرسال قواتها إلى غزة؛ فقد اقترحت مراراً وتكراراً تحويلها إلى قوة ثالثة تحكم المنطقة في فترة ما بعد الحرب.
ولكن أيضا المفهوم الإسرائيلي إلى “المناطق الأمنية” التي ليست بديلا للمقترحات الأمريكية، كما تشير المنشورات الصادرة باللغة العبرية. وكتبت صحيفة “هآرتس” أن “الشرط الأساسي لإنشاء منطقة أمنية هو الافتراض بأنه حتى بعد انتهاء الحرب، وحتى لو تراجع التهديد الباليستي، فإن قطاع غزة سيظل مصدر خطر على الأرض”.
وترى الصحيفة أن الفكرة الإسرائيلية بإقامة منطقة حدودية عازلة تشبه خطة المحميات التركية في شمال سوريا. فإن مثال تركيا يثبت ضعف فعالية الفكرة. وكتبت الصحيفة أن مثل هذه المناطق العازلة “لا توقف التطلعات القومية أو الاحتلال أو حتى التهديدات الإرهابية”. ويلخص المنشور أن “القطاع الأمني في غزة لن يؤدي إلا إلى المزيد من تهجير السكان ويجعل من الجيش الإسرائيلي هدفا سهلا للمنظمات المتطرفة الجديدة”.
وهنا يمكن القول بصراحة إن انتصار الشعب الفلسطيني في غزة يكمن في إفشال خطة التطرف الاسرائيلي القامة على تهجير سكان غزة خارج القطاع قسرا أو طوعا، لذلك إن صمود الأهالي في غزة تحت الحديد والنار يكون بالطبع انهزام لنظرية التطرف الصهيوني بتهجير السكان، عندها يكون الانتصار لصالح الأهالي في القطاع وللقضية الفلسطينية بشكل عام .