هل النظام الإيراني أمر واقع؟

هل النظام الإيراني أمر واقع؟

حسين عابديني

      منذ السقوط المدوي لنظام شاه في إيران والذي إعتبره البعض بمثابة زلزال سياسي في المنطقة والعالم، فإن النظام الذي أعقبه والذي يقوم على أساس ديني بحت، قد أصبح ولازال هاجس بلدان المنطقة والعالم مثلما إنه صار بمثابة أکبر کابوس يجثم على صدر الشعب الايراني، وقد دفع ويدفع الشعب الايراني قبل العالم کله ضريبة باهضة لمجئ وبقاء وإستمرار هذا النظام فيما دفعت وتدفع شعوب المنطقة أيضا ثمنا نوعيا لبقاء وإستمرار النظام الايراني کجار لها، لکن القاسم المشترك بين الشعب الايراني وشعوب المنطقة هو الحلم بزوال هذا النظام، وهذا الحلم سعى الشعب الايراني للعمل من أجل جعله أمرا واقعا من خلال الانتفاضات التي قام بها بوجه هذا النظام والتي کان آخرها إنتفاضة 16 سبتمبر2022، والتي لازالت آثارها وتداعياتها مستمرة.

حري القول بأن النظام الايراني قد واجه ويواجه رفضا داخليا عارما ضده، کما إنه يواجه أيضا رفضا إقليميا لايمکن تجاهله ولاسيما بعد کل المآسي والمصائب التي أنزلها بسبب من تدخلاته في المنطقة، إضافة الى أن هذا النظام قد واجه نوعا من الرفض الدولي ضده لکن الذي قوض ويقوض هذا الرفض کان ولازال سياسة مسايرة هذا النظام والسعي من أجل إسترضائه، لکن النظام وفي مواجهة کل هذا الرفض لازال قائما ومستمرا، حتى إن البعض قد أشار الى إنه قد تمکن من تجاوز وتخطي کل العقبات التي واجهته، فهل يمکن القول بأنه قد أصبح أمرا واقعا لامناص من الاقرار والاعتراف به؟

القول بأن هذا النظام قد أصبح أمرا واقعا، هو زعم سعى ويسعى النظام الايراني من أجل تسويقه ولاسيما وبشکل خاص جدا خلال هذه الفترة تحديدا والتي يبدو إن هناك من لاينتبه الى ذلك جيدا وحتى لايأخذه بنظر الاعتبار والاهمية، وبالاخص إن النظام وهو يقوم بالتسويق لهذا الزعم، فإنه وفي غمرة التطبيل والتزمير لحسمه الامور لصالحه بعد الانتفاضة الاخيرة، فإنه يعمل من جديد وبصورة بالغة الخبث من أجل العمل على الإيحاء من إنه ليس هناك من معارضة وطنية فعالة ضده وقطعا فإنه يريد ليس التقليل من شأن منظمة مجاهدي خلق المعروفة دورها وتأثيرها عليه وإنما حتى لتصويرها بأنها قد تلاشت، ولکن هذا الإيحاء يتعارض ويتناقض تماما مع الاعترافات الصريحة السابقة لقادة النظام بدور هذه المنظمة في الانتفاضات المختلفة التي إندلعت بوجهه وبشکل خاص الاخيرة منها.

هل إن الرفض الشعبي ضد النظام قد انتهى فعلا؟ وهل إن المعارضة الوطنية المتمثلة في مجاهدي خلق قد تلاشت ولم تعد موجودة على الساحة الايرانية؟ الحقيقة إن من يقرأ مابين أسطر خطب وتصريحات قادة النظام الايراني يجد هناك حالة من الخوف والقلق والترقب وحذر ملفت للنظر من أحداث وتطورات غير عادية قد تحدث في أية لحظة، وهذا في حد ذاته يٶکد بأن الصورة الايرانية ليست إطلاقا کما يسعى النظام الايراني لرسم خصوطها.

الملاحظة الاخرى والمهمة هنا؛ إن الرفض الاقليمي للنظام لايزال رفضا غير متکاملا ولم يتم تفعيله بأن تنأى هذه البلدان بنفسها بعيدا عن هذا النظام، کما إن الرفض الدولي ومع وجود سياسة المسايرة والاسترضاء هو رفض تمويهي على الاغلب وليس بذلك القوة والتأثير بحيث يعاني النظام منه، إذ لو کان هناك حقا رفضا إقليميا ودوليا حقيقيا ضد هذا النظام في خضم الانتفاضة الاخيرة وتم ترجمته على أرض الواقع بالتضامن مع إنتفاضة الشعب الايراني وذلك بقطع العلاقات مثلا مع هذا النظام ووالاعتراف بالمعارضة الايرانية فإن الصورة کانت ستختلف تماما عما هي عليها الان.

النظام الايراني وبشکل خاص في ضوء الرفض الشعبي ضده والذي أصبح منظما الان، لا ولم ولن يصبح أمرا واقعا أبدا ولکنه وفي ظل المواقف الاقليمية والدولية المفيدة للنظام الايراني تمنحه قدرا أکبرا من المطاولة والاستمرار، وفي کل الاحوال فإن الشعب ومنظمة مجاهدي خلق سيواصلان المسير في درب الاشواك ضد النظام مهما طال المسير وبقدر ماسيدفع الشعب الايراني من ضريبة باهضة من جراء بقاء وإستمرار هذا النظام فإن المنطقة والعالم لن يتخلصا من شره وعدوانيته المفرطة التي تتزايد عاما بعد عام.

Visited 11 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عابديني

سياسي ومعارض إيراني