ربيع الشعراء يتحول إلى تخريف أيديولوجي
كاركاسون- المعطي قبال
مرت 25 سنة على إطلاق التظاهرة الشعرية «ربيع الشعراء». كان وراء تنشيطها كل من الشاعرين إمانويل هوغ وأندريه فيلتير، وليس جاك لانغ كما يروج لذلك على المنصات الإخبارية والإعلامية. تعاقب على تسيير التظاهرة شعراء، كتاب وفاعلون في الحقل الثقافي، وكانت فترة جان- بيار سيميون الفترة الذهبية للتظاهرة .
كما شهد الربيع ولادة أقلام شعرية أصبحت مع الزمن أساسية في المحفل الشعري الفرنسي، حيث ترجمت أعمالها إلى الفرنسية وانتشرت في البلدان الناطقة بالفرنسية. العامل الآخر هو فتح الحدود في وجه شعراء إفريقيا، آسيا والعالم العربي. لكن المشهد الثقافي الفرنسي تغير اليوم بالكامل: انتشرت علنا الأفكار الرجعية المتطرفة وأصبح دعاتها من المفكرين، الكتاب، الشعراء والفنانين الخ… لا يخجلون من الدعوة والدعاية لها بالمكشوف. ولنا في السجال الحالي من حول الدورة القادمة التي تنطلق ابتداء من التاسع مارس مثال حي: فقد وقع 220 شاعر، كاتب، فيلسوف عريضة ينددون فيها بتعيين سيلفان تايسون، رحالة كاتب جال أكثر من قارة والذي أصبحت كتبه تتربع على رأس المبيعات بفرنسا، كونه على قرابة فكرية وروحية مع ميشال ويلبيك ويان مواكس، الثنائي الحاقد على الأجانب، وبالأخص على المسلمين، والداعي إلى فتح حوار مع اليمين المتطرف. وقد أشعلت هذه العريضة مواقع التواصل الاجتماعي ومنتديات الصحف والمجلات حيث انقسمت الآراء إلى فريقين: فريق يندد بالعريضة وفريق آخر يصفق لمحتواها.
غير أن جل التدخلات أدلت بآراء جانبية للتركيز على حرية التعبير ومخاطر الرقابة التي تمثلها هذه العريضة. لكن الحديث عن حرية التعبير يجب أن يشمل أيضا المنع والرقابة التي قادت بعضا من الصحافيين والرياضيين بسبب انتقادهم للسياسة الإسرائيلية أمام المحاكم أو إلى الفصل عن عملهم. علاوة على أن الأجانب المدعوين لهذه التظاهرة يعدون على رؤوس الأصابع بسبب التضييقات المفروضة على التأشيرة. ويتمشى هذا الإجراء مع قانون الهجرة الذي تسعى الحكومة الفرنسية إلى تطبيقه. لذا قد يتحول ربيع الشعراء إلى تظاهرة ما بين الفرنسيين مع مشاركة بعض الشعراء والشاعرات مزدوجي الجنسية. في هذه الحالة لن تكون للربيع أية أناقة ولا نعمة. ويتحول السجال إلى مجرد معركة ديكة لا غير.
Visited 4 times, 1 visit(s) today