أمور تخيف اسرائيل!

أمور تخيف اسرائيل!

سمير سكاف 

       في حروبها في المنطقة وفي علة وجودها، تختلف بعض الأمور على إسرائيل بين تلك التي تقلقها وتلك التي تخيفها. وهذه أبرزها:

1 – تخاف اسرائيل من نفسها!

    إن خوف إسرائيل الأكبر على نفسها هو من نفسها، ومن سوء أدائها، ومن سوء استعداداتها، ومن سوء خططها واستراتجياتها وسياساتها… بمعزل عن أفعال أو ردود أفعال أعدائها!

إنه خوفها من فقدان الثقة بقوتها وبجيشها. لذلك، فهي حريصة على تفوق تجهيزها العسكري كما بالقبة الحديدية وصواريخ الباتريوت وطائرات F35 و F15 والتكنولوجيا الحديثة للموساد، والتي تستعملها في الاغتيالات، وبالتدريب العالي جداً لجيشها، وعلى عديده الذي يتخطى ال 170.000 عسكري، وعلى احتياطها الذي يصل الى 450.000 عسكري!

وإذا كان النجاح الهائل في ” 7 أكتوبر” يعود بالتأكيد لتنظيم وتنفيذ حماس لعملية طوفان الأقصى ودعم إيران لها! ولكنه يعود أيضاً، وخاصةً، للفشل الأمني الاسرائيلي، ولاستخفاف إسرائيل بحركة حماس، ولاستخفاف الموساد بتدريباتها في 6 مراكز مكشوفة، ولسهر في الملاهي ولسكر في الاحتفالات لمن يفترض أن يكونوا مستيقظين ومتيقظين لحماية الأمن، ولاعتقاد الاسرائيليين أن التكنولوجيا تكفي لوحدها من دون عنصر بشري لتحريكها والتحكم بها، ولاعتقادهم أن جداراً من حجر يحمي بشراً من بشر!

قد يكون هدف إسرائيل الأول في حربها على غزة اليوم هو استعادة وإعادة ثقة الرأي العام الإسرائيلي الداخلي بالجيش. لأنه المدخل الأساسي لاستعادة اسرائيل داخلياً لهيبتها، ولمكانتها، التي تلقت ضربة موجعة جداً في ” 7 أكتوبر”!

2 – زعزعة اللوبي الصهيوني، الأميركي تحديداً!

    تخاف إسرائيل من زعزعة اللوبي الصهيوني الداعم لها، ومن تراجع قدراته وامكانياته الدولية بدعمها. فهو الذي يؤمن لها الدعم الأميركي غير المحدود، كما الدعم الأوروبي؛ أي الدعم السياسي والعسكري والمالي واللوجيستي والإعلامي… كما يضع بتصرفها، وبجهوزية دائمة، الفيتو الأميركي في مجلس الأمن، ويؤمن لها تصويت بريطانيا وفرنسا الدائم الدعم لها. ولكن هذا اللوبي يبدو حالياً، أقوى من أي زمن مضى! وليس هناك لوبيات جدية لمواجهته، لا عربية ولا غير عربية.

3 – الخوف من تكرار “7 أكتوبر”!

    تخاف إسرائيل من أي كابوس… مفاجيء! تخاف المفاجأة! وتخاف في لياليها من كابوس “7 أكتوبر”. والأهم أنها تخاف من أن يتكرر.

ويعتقد كثيرون أنه لا يمكن لطوفان الأقصى أن يتكرر عملياً، بسبب تعلم إسرائيل، ودفعها لفاتورة ثقيلة جداً، لدرس ضرورة الجهوزية الدائمة ولتجنب عنصر المفاجأة. ولكن التكرار “الممكن” الوحيد له حالياً هو من جنوب لبنان، من حزب الله تحديداً! فهو الوحيد القادر ميدانياً و”جغرافياً”، من تنفيذ ” 7 أكتوبر” جديد!

إذ أن حماس تحتاج إلى عشرات السنين لاستعادة قواها. أما فلسطينيو الضفة فهم سيتعرضون لحملات اضطهاد إسرائيلية كبيرة بعد الانتهاء من غزة! وهم قادرون، على الأكثر، على إطلاق انتفاضة جديدة، قادرة إسرائيل بجيشها وبحوالى 750.000 مستوطن مسلح في أكثر من 100 مستوطنة في داخل الضفة، من السيطرة عليها.

ولمنع “7 أكتوبر” من أن يتكرر، فاسرائيل مستعدة للاستمرار بالحروب حتى خنق أي قدرة على تكراره! ما يعني أن حروب إسرائيل في المنطقة ستكون طويلة… جداً!

4 – صواريخ حزب الله القصيرة والمتوسطة المدى!

    لا تخشى إسرائيل الصواريخ الكبرى والبالستية، لا من إيران ولا من اليمن ولا من العراق ولا من لبنان باعتبار أن القبة الحديدية قادرة على اعتراضها جميعها! هذا ما تعتقده على الأقل.

وما يقلق إسرائيل من دون أن يخيفها هو قدرة المسيّرات “المحدودة” على اختراق الأجواء الإسرائيلية من دون اعتراض.

أنفاق حزب الله مقلقة جداً للجيش الإسرائيلي إذا ما أراد خوض معركة برية ودخول الأراضي اللبنانية لمحاولة تأمين منطقة عازلة، خالية من أسلحة الحزب حتى شمال الليطاني. وهي يمكن أن تشكل عامل ردع، ولو محدود، في خيارات الحرب الإسرائيلية.

أما الخوف الإسرائيلي الفعلي فهو من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى. لأنه يصعب، لا بل يستحيل عملياً على القبة الحديدية اعتراضها، مالياً بشكل أساسي.

هذه الصواريخ قادرة على منع مستوطني شمال إسرائيل من العودة إلى “منازلهم” (80 إلى 100 ألف مهجر “قسري”). وقادرة على تهديدهم بغزارتها وبتكاليفها “البسيطة” من إعادة تهجيرهم فيما لو عادوا! من هنا إرادة إسرائيل إخراج حزب الله من منطقة جنوب الليطاني. وهنا يكمن مفتاح الحرب الشاملة مع حزب الله ومع لبنان!

5 – الخوف من السلاح النووي الإيراني

    القلق الإسرائيلي والتخوف من امتلاك إيران للسلاح النووي يمكن أن يصبح لاحقاً خوفاً حقيقياً وتهديداً جدياً لها! إلا إذا، وهذا مرجح، عمدت إسرائيل إلى ضرب أي مفاعيل نووي في الداخل الإيراني قبل إتمامه، كما ضربت مفاعل أوزيراك العراقي بالقصف الجوي في 7 حزيران 1981.

6 – تكاثر عرب 48!

    يتخوف الكثيرون من الإسرائيليين اليهود من عملية تكاثر 48، بحجة إنهم يمكن أن يصبحوا الأكثرية فيها بيوم من الأيام، وبالتالي يمكنهم التحكم عندها، وعلى المدى الطويل بقرار دولة لن تعود عندها… يهودية! كما أنه يمكن لبعضهم التحرك أو الانتفاض ضد السياسات الحكومية. هذا إذا لم يتعرضوا بدورهم إلى مزيد من الاضطهاد!

يحمل عرب 48 الهوية الإسرائيلية “مرغمين”! ويقول الكثيرون منهم إنهم لم يفعلوا شيئاً سوى البقاء في أرضهم وفي منازلهم. وعددهم هو أكثر من مليوني نسمة بقليل، بينهم 400 ألف داخل الأراضي المحتلة، أي حوالى 21% تقريباً من عدد سكان إسرائيل البالغ 9.5 مليون نسمة، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية (أبريل- نيسان 2023). 80% منهم مسلمون، 11% مسيحيون، و9% يتوزعون بين دروز وشركس.

هل تنجح إسرائيل بتبديد مصادر مخاوفها؟ وهل تملك حلولاً وأجوبة أخرى عليها غير عسكرية، أم أنها تستطيع يوماً الوصول إلى سلام مع محيطها؟ المؤكد اليوم أن الطريق ما تزال طويلة ووعرة جداً، والتهديدات كثيرة والأمن والأمان مؤجلان، والحروب مستمرة!

 
 
Visited 14 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

سمير سكاف

صحافي وكاتب لبناني