نواف سلام .. العائد على حصان الطائفة والثورة

نواف سلام .. العائد على حصان الطائفة والثورة

مع عودة نواف سلام الى بيروت، فُتحت كوة في جدار موقف الطائفة السنية الذي بناه انكفاء رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري عن الانتخابات البرلمانية المقررة في 15 آذار/ مايو المقبل، كون نواف سلام لا يحظى بتمثيل سني فقط على الساحة البيروتية، إنما يحظى بتأييد سني عريض على مساحة الجغرافية اللبنانية، إضافة الى التأييد الشعبي من قوى “ثورة 17 تشرين” التي رشحته لرئاسة الحكومة بعد استقالة حكومة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري.

 يعود نواف سلام إلى لبنان، والشارع السني يفتقد إلى الزعامة التي تقارع العتاة من سياسيي المذاهب الاخرى، وخاصة الثنائي الشيعي مضافا إليه حليف حزب الله جبران باسيل. 

ثوابت نواف سلام

 لا يطمح نواف سلام بالترشح فقط للانتخابات النيابية، طموحه يتعدى ذلك إلى وراثة سعد الحريري، وزعامة الطائفة السنية، خاصة بعد أن خلت ساحتها بشكل عام، والبيروتية بشكل خاص من الزعامة، في ظل عزوف الرئيس تمام سلام (ابن عم نواف) عن الترشح للانتخابات وإعلانه فسح المجال لجيل من الشباب خوض الغمار السياسي. وعدم حسم الرئيس نجيب ميقاتي مسألة ترشحه أو عدمه للانتخابات المقبلة.

يتشبث نواف سلام، إذا ما أتيح له خوض غمار السياسة ببعدها الرئاسي، بالثوابت التي أعلنها عندما تم التداول باسمه بعد استقالة سعد الحريري بعد ثورة تشرين 2019، واعتذار المرشح مصطفى أديب، والتي تقوم على “قيام حكومة قادرة على الإنجاز السريع لوضع حدّ لعذابات الناس ووقف الانهيار وبدء عملية النهوض بلبنان”. 

ويؤكد “لا يجوز أن يختلف اثنان على أنّ البلاد في وضع خطير واستثنائي، بكل ما لهذه الكلمة من معنى. وهذا يقتضي معالجة استثنائية، عنوانها حكومة كفاءات مستقلة مع صلاحيات تشريعية استثنائية”. 

وهو يرى “أنّ الصلاحيات الاستثنائية وحدها تسمح اليوم بالتصدي بالسرعة الضرورية، وبالفاعلية المطلوبة للمشاكل الكبيرة التي تعانيها البلاد. فالناس سئمت السجالات العقيمة والمناورات الصغيرة، وهي تريد أفعالاً وإنجازات حقيقية. وليس صدفة أبداً أن تكون الدعوات الجادّة إلى الإصلاح قد اقترنت في السنتين الأخيرتين بقيام حكومة تمتاز بصلاحيات استثنائية.  

من هو نواف سلام؟

 ولد نواف عبد الله سليم سلام في 15 ديسمبر 1953 لعائلة بيروتية معروفة. والده عبد الله سلام ووالدته رقت بيهم. جده لأبيه هو سليم سلام مؤسس “الحركة الإصلاحية في بيروت”، وقد انتخب نائبا عن بيروت في مجلس المبعوثان العثماني عام 1912. عمه صائب سلام الذي عرف بنضاله من أجل استقلال لبنان عن الإنتداب الفرنسي، وقد تولّى لاحقاً رئاسة الحكومة اللبنانية أربع مرات بين 1952 و1973.

تولّى ابن عمه تمام سلام رئاسة الحكومة اللبنانية بين 2014 و 2016. متزوج من الصحافية سحر بعاصيري سفيرة لبنان لدى منظمة اليونيسكو، وله ولدان عبد الله ومروان.

 نال سلام شهادة دكتوراه دولة في العلوم السياسية من معهد الدراسات السياسية في باريس عام 1992 وشهادة ماجستير في القوانين من كلية الحقوق في جامعة هارفرد (1991) ودكتوراه في التاريخ من جامعة السوربون (1979). 

الحياة المهنية     

 عمل سلام من 1979 إلى 1981 محاضرا في مادة التاريخ المعاصر للشرق الأوسط في جامعة السوربون. غادر باريس عام 1981، ليمضي سنة كباحث زائر في مركز ويذرهيد للعلاقات الدولية في جامعة هارفرد. وبين 1985 و1989 كان محاضرا في الجامعة الاميركية في بيروت، إلى جانب ممارسته لمهنة المحاماة في مكتب يوسف تقلا. وبين 1989 و 1990 عاد باحثا زائرا إلى كلية الحقوق في هارفرد. كما عمل مستشارا قانونيا في مكتب محاماة إدواردز وانغلز من 1989 إلى 1992. وبعدها عاد إلى بيروت ليستأنف عمله كمحام في مكتب “تقلا”، وتعليم مادتي القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة الاميركية في بيروت. وصار أستاذا زائرا مساعدا في العلوم السياسية في هذه الجامعة عام 2003 ثم أستاذا مساعداً عام 2005. وقد تولّى منصب مدير دائرة العلوم السياسية والإدارة العامة فيها من من 2005 إلى 2006.

 انتخب سلام عضوا في المكتب التنفيذي للمجلس الاقتصادي ــ الاجتماعي الأول في لبنان بين 1999 و2002، كما كان عضواً في الهيئة الوطنية للأونيسكو من 2000 إلى 2004.وفي 2005 و 2006 عيّنه مجلس الوزراء عضوا في الهيئة الوطنية لإصلاح قانون الانتخابات المولجة إعداد مسودة قانون انتخابي جديدة في لبنان وانتخب أمين سر لها. 

وهو أيضا عضو في مجلس أُمناء المركز اللبناني للدراسات. مندوب لبنان الدائم في الأمم المتحدة شغل سلام منصب سفير ومندوب دائم للبنان في الأمم المتحدة في نيويورك بين تموز 2007 وكانون الأول2017. 

تميّزت ولاية سلام في الأمم المتحدة بمداخلات متكررة في مجلس الأمن داعيا إلى احترام سيادة لبنان وتأمين استقراره من خلال تنفيذ قرار مجلس الامن رقم 1701، وتعزيز سياسة النأي بالنفس من النزاع السوري والسعي إلى إنهاء الإفلات من العقاب من خلال إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري بموجب قرار مجلس الامن رقم 1757. كما ثابر على الدفاع عن الحقوق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بما فيها حق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. مثّل سلام لبنان في مجلس الأمن إثر انتخابه عضوا غير دائم في مجلس الأمن لعامي 2010 و 2011. تسلّم لبنان الرئاسة الدورية لهذا المجلس خلال شهر أيّار 2010 ممثلا بسلام. شغل سلام منصب نائب رئيس الدورة ال67 للجمعية العامة في الأمم المتحدة من أيلول 2012 وأيلول 2013. مثّل لبنان في المجلس الاقتصادي والاجتماعي في 2016 و 2017. خلال ولايته في الامم المتحدة، ترأّس سلام وشارك في عدة وفود لبنانية إلى مؤتمرات واجتماعات دولية، من بينها القمم حول التغير المناخي (باريس 2015 وكوبّنهاغن 2009)، والمؤتمر الدولي حول تمويل التنمية (أديس أبابا 2015) وقمة Rio+20 حول التنمية المستدامة (ريو دي جانيرو 2012). قُلَّد سلام بعام 2012 وسام جوقة الشرف الفرنسي برتبة ضابط.

صبحي زعيتر – كاتب وصحفي لبناني

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة