لبنان: صفقات في مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل
حسين عطايا
بوضوحٍ تام، ومن خلال ما يتسرب من معلومات عما جرى خلال لقاءات ومفاوضات المستشار الأميركي لشؤن الطاقة عاموس هوكشتاين، بشأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، فاحت رائحة الصفقات والتنازلات.
وهنا لا بد من أن نعرج قليلا على سيرة المفاوض الأميركي هوكشتاين، لمن تخونه ذاكرته، فمن ناحية عاموس هوكشتاين يهودي الديانة، يحمل الجنسية الإسرائيلية، خدم لمدة ثلاث سنوات في الجيش الإسرائيلي، ويحمل الجنسية الأمريكية. وهذا يعني أنه ليس مفاوضاً نزيهاً، بل الموضوعية تدعوه ليكون منحازاً لمصلحة إسرائيل.
ومن ناحية أخرى، فإن الإرباك الذي تتخبط به الإدارة اللبنانية، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية، ظهرت قبل وصول الوسيط الأميركي إلى بيروت يوم 8 فبراير ـــ شباط الجاري، إذ تم تكليف مندوبة لبنان الدائمة في الأمم المتحدة آمال مدللي تسليم رسالة للامم المتحدة وطلب توزيعها كوثيقة على مجلس الأمن حول ترسيم حدود لبنان البحرية الجنوبية، واعتبرت هذه الرسالة الأولى من نوعها منذ العام 2011، لأنها تُمثل إعلاناً رسمياً وصريحاً بنقل التفاوض بشأن الحدود البحرية الجنوبية من الخط 23 إلى الخط 29. ولكن للأسف لاحقا ومن خلال مقابلة صحفية صرح رئيس الجمهوربة ميشال عون خلال حديثه بأن لبنان يوافق على أن الخط 23 هو نقطة التفاوض. هنا قمة التعارض في المواقف، مما جعل الجميع يتوجس من صفقة ما تماثل حد الخيانة، لأن في ذلك تنازل عما يقارب 1430 كلم مربع من المياه البحرية وما تكتنزه من ثروات غازية ونفطية، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المفاوضات وما طرحه الوسيط الاميركي بقيت سرية مع بعض التسريبات ليس بالضرورة أن تكون صحيحة. مع العلم بأننا ومنذ الصغر تعلمنا في كُتب الجغرافيا بأن الحدود الفاصلة بين لبنان وفلسطين المحتلة، وفق ترسيم الحدود بين سلطات الانتداب الفرنسي والانكليزي، تتخذ من رأس الناقورة البلدة الواقعة على الحدود مع فلسطين، نقطة فاصلة، وبالتالي هذه النقطة مسجلة في الأمم المتحدة وهي معتبرة جزءاً من القانون الدولي، وعلى هذا الأساس اتخذت قيادة الجيش قرارها بأن نقطة التفاوض هي الخط 29، لأنها متطابقة مع حيثيات القانون الدولي ومتلائمة مع قانون البحار، وهي تُلزم الدولة العبرية بالعودة إلى طاولة المفاوضات لحاجتها الملحة في البدء بالحفر بحقل كاريش والذي وفق الخط 29 الذي يمر في وسط حقل كاريش مما يعطينا كامل حقل قانا وكامل حدود البلوك رقم 9 كذلك البلوك رقم 8. ووفق ما صرح به العميد ياسين رئيس فريق الترسيم الذي كان يفاوض على ترسيم الحدود بأن التراجع عن الخطة29 يُشكل خطأ كبيراً لإنه يُشكل خسارة كبرى للبنان، ولأن الخط 23 هو خط وهمي يستند الى نقطة بحرية لا أساس لها ولا يمكن الدفاع عنها.
هنا لا بد من طرح السؤال التالي:
– هل الاستغناء عن الوفد المفاوض وحصر التفاوض برئيس الجمهورية هو لتمرير صفقة ما لها ثمن بالسياسة؟ خصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أمرين اثنين:
الأول: أن تكون عملية التراجع عن الرسالة التي تستند الى الخط 29 هي بمثابة تنازل خدمةً لعيون الصهر لعل وعسى تكون عربون على الحساب لرفع العقوبات عن جبران باسيل؟
الثاني: لأن العهد في عامه الاخير، وكلنا يعلم بأن العهد لم يحقق أي إنجاز قد يكون الهدف منها الجري خلف تحقيق إنجاز ما، لا سيما ونحن على أبواب انتخابات نيابية قد تساهم في استعادة بعضاً من شعبية “التيار العوني” والتي أصابها الضعف الكبير، مما يؤثر سلباً على شعبية التيار والصهر جبران، هذا الأمر برسم الأيام المقبلة حيث ستُعلن الأمور، حين يعود المفاوض الأميركي لأخذ جواب الدولة اللبنانية في شهر مارس ـــ آذار، لاسيما ما لمسه الوسيط هوكشتاين من تباين في وجهات نظر بين الرئاسات الثلاثة، وخصوصاً التباين بين الرئاسة الأولى والرئاسة الثانية.
إذا الأيام كفيلة بفضح المستور وعلى اساسها ستبنى المواقف.