هل ستتأجل الانتخابات النيابية في لبنان؟
تتسارع الأحداث في لبنان قبل أقل من تسعين يوما على التاريخ الذي حددته الحكومة اللبنانية للانتخابات البرلمانية في 15 أيار/ مايو المقبل.
وبغض النظر عن التطورات التي تواكب التحضيرات اللوجستية للانتخابات، كإقرار المخصصات المالية لإجرائها، والتي لم تتعد بمجملها ال19 مليون دولار، فضلا عن الإجراءات المرافقة لاقتراع المغتربين في بلدان الانتشار، إلا ان أجراء الانتخابات أو عدمه تتساوى لدى بعض المراقبين، معتمدين على بعض المؤشرات.
فالمتفائلون بإجراء الانتخابات في الوقت المحدد ينطلقون من الإصرار الدولي على إجرائها، كمقدمة ضرورية لإحداث تغيير في الطبقة الحاكمة القابضة بالحديد والنار على زمام السلطة منذ أكثر من ثلاثين سنة، وأقحمت لبنان في محاور لا تلتقي مع قناعات معظم سكانه وقواه السياسية، وورطت لبنان في ما يشبه حروب تمتد من سوريا إلى اليمن مرورا بالعراق، مما جعله عرضة لعقوبات عربية ودولية، أوصلت أبناءه إلى حدود المجاعة. ويسعى هؤلاء من خلال الانتخابات إذا ما جرت إلى تغيير قواعد اللعبة والانتقال بلبنان من سياسة المحاور، إلى اعتماد سياسة الحياد والنأي بالنفس عما يدور حوله من أحداث. وبالرغم من أن أي جهة لا تستطيع المجاهرة برفضها لإجراء الانتخابات، إلا أنها تضمر خلاف ما تعلن، خوفا من وسمها بتعطيل الانتخابات، وهي تسعى جاهدة إلى عرقلتها بطرق تبدو قانونية في مظهرها، كطرح تعديل على قانون الانتخاب يجيز للمغتربين الانتخاب، في ما بات يعرف بالدائرة السادسة عشرة، أي انتخاب من يمثلهم إلى الندوة البرلمانية والمحصور عددهم بستة نواب، وبالتالي عدم انتخابهم للنواب ال128 الذين يشكلون عدد نواب البرلمان. وفي حال نجاح هذا التعديل يتعين على السلطة الاجرائية اعادة النظر في كل الخطوات التي اتخذتها التي تؤدي حكما إلى تأجيل الانتخابات إلى اشعار آخر.
ويتزامن اقتراح مثل هذا التعديل الذي يدعو اليه تيار رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل، مع ما طرح في آخر جلسة لمجلس الوزراء بضرورة إقرار ما يسمى “الميغاسنتر”، أي الاقتراع حسب السكن، وليس حسب الإقامة.
ومع أن الاقتراح يخفف عن كاهل المواطنين أعباء الانتقال مسافات طويلة للإدلاء بأصواتهم، إلا أنه يحمل في طياته بذور فشله، كونه في حال إقراره سيؤدي حكما إلى إجراءات لوجستية من شأنها تعطيل مسيرة الانتخابات. هذان العنصران- اقتراع المغتربين والميغاسنتر- في حال إقرارهما سيؤديان ليس إلى الغاء الانتخابات، بل إلى تأجيلها، إلا أن من سيؤدي إلى الغائها، حسب مصدر من أحد الأحزاب النافذة، هو حدث أمني، كاغتيال شخصية محورية لا سند شعبيا لها لا يؤدي في حال حدوثه إلى عودة الحرب الاهلية، وإنما إلى خضة أمنية تقف عندها الدول الساعية إلى اجراء الانتخابات عاجزة عن اقرارها. ويقول مسؤول في لقاء خاص: “ضمنا كل الأطراف تسعى إلى تأجيل الانتخابات، خاصة بعد انكفاء رئيس الوزراء السابق سعد الحريري وتيار المستقبل عن المشاركة فيها، إلا أن أحدا لا يجرؤ على إشهار ذلك نظرا للظروف الدولية المحيطة”.
صبحي زعيتر – كاتب وصحفي لبناني