فالنسيا تعيد إحياء “ليلة النار”.. عودة إلى زمن غارسيا لوركا

فالنسيا تعيد إحياء “ليلة النار”.. عودة إلى زمن غارسيا لوركا

عبد العلي جدوبي

استيقظ سكان مدينة فالنسيا الإسبانية الأسبوع الأول من شهر مارس، ليجدوا مدينتهم وقد غزاها جيش من المجسمات لدمى عملاقة، تم وضعها وسط شوارع المدينة، استعدادا للاحتفال السنوي الذي اعتادت سلطات المدينة تنظيمه، كتعبير من الاسبان في إحياء تقليد قديم يرجع إلى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي تحت مسمى: “الاحتفالات العربية الإسلامية – المسيحية”، وكتعبير عن الاهتمام وإحياء التراث العربي بفتح المماليك الإسلامية..

 بداية الاحتفالات 

 تبتدئ هذه الاحتفالات عادة في العاشر من شهر مارس وتختتم في العشرين منه بـ: (ليلة النار)، التي تحرق فيها كل المجسمات والدمى العملاقة، بحضور جمهور غفير من السياح ومن المقيمين. وقبل ذلك تكون الأجواق الموسيقية قد جابت شوارع وأحياء المدينة، تتقدمها سيدات وفتيات ترتدين اللباس التقليدي، والذي يعد من أغلى الألبسة على الإطلاق .

 قالت لي سيدة مكلفة بتنظيم فقرات الحفل بأن ثمن الزي التقليدي الواحد لدى السيدات قد يصل إلى عشرة آلاف يورو، أما لباس الرجال المشاركين في الحفل فهو يختلف من شخص لآخر، يمثل كل لباس حقبة زمنية معينة.. 

دمى تمثل شخصيات معروفة! 

في مدينة الهياكل وهي مجمع يضم 62 مشغلات كبيرا، يقع في الطريق الشمالي لمدينة فالنسيا، ينطلق العمل به لصنع الأشكال الأولى الهياكل المجوفة والشخوصات كقطع منفصلة لكي يسهل إخراجها من بوابات المشاغل، على أن يتم تجميعها في شوارع العرض بالمدينة.. وغالبية الشخوصات المعروضة تجسد شكل شخصيات معروفة في مجالات السياسة والآداب والرياضة والفنون. 

آثار عربية بنفحة إسبانية 

لم تستطع توالي السنين أن تخفي أو تحجب إشعاع الحقبة العربية. فالاسبان الذين أجهدوا أنفسهم في رحابها لإخفاء تلك الحقبة المظلمة التي تركت شرخا في حضارة العرب بالاندلس، ظلت الآثار العربية شامخة عبر التاريخ، تؤرخ لزمن ازدهار العلوم والثقافة والفنون وتألق العرب في فن العمارة.. فالحضارة العربية تركت أثارها الواضح بصورة من الصور. وحتى الساعة مازالت هناك عائلات اسبانية من أصول عربية تحتفظ بالكثير من الذكريات..

 مواطن من مملكة غرناطة! 

ويرى عدد من الباحثين الاسبان أن الشاعر الكبير فيدريكو غارسيا لوركا مجرد شاعر عربي كتب باللغة الاسبانية، فالروح التي جاءت بها أشعاره ورواياته ومسرحياته روح عربية أندلسية صرفة، وهو نفسه كان يعرف نفسه بأنه من (مملكة غرناطة)! هذه الاحتفالات هي نسيج تاريخي يجدد نفسه كل سنة في مدينة فالنسيا.

Visited 9 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي