لبنان بعيدا عن الحلول الدولية وساحة للاستخدام الايراني
أحمد مطر
يتساءل بعض الوسط السياسي عما آلت إليه الاتصالات والمداولات في شأن خريطة الطريق الكويتية الخليجية، التي قدمها وزير خارجية الكويت، إلى المسؤولين اللبنانيين، وحمل الجواب عليها وزير الخارجية اللبناني إلى الاجتماع العربي الوزاري التشاوري في الكويت في 29 كانون الثاني الماضي. أساس التساؤل أن لبنان يكمن بأنه ليس جزيرة معزولة عما يجري من تطورات في محيطه، وبالتالي كان من المفترض النظر إلى معطيين أساسيين، الأول هو مفاوضات فيننا، التي تتناول الملف النووي الإيراني. أما الثاني فهو الحوار السعودي الإيراني.
في هذا السياق، إن الملف اللبناني لا يمكن أن يكون بعيداً عن التطورات القائمة في الإقليم، بغض النظر عما إذا كانت تداعيات التسويات الكبرى ستكون مباشرة أو ستنتظر بعض الوقت، لا سيما أن لبنان سيكون في الفترة القصيرة المقبلة على موعد مع انتخابات نيابية، باتت تجمع غالبية القوى السياسية على وصفها بالمصيرية، من المفترض أن تتبعها انتخابات رئاسية، لا تقل أهمية. أساس الترابط يكمن بالتعقيدات التي بلغها الملف اللبناني، في الفترة الماضية، حيث لم يعد من المنطقي الحديث عن قدرة افرقاء الداخل على إنجاز الحلول القادرة على تمرير المرحلة، بينما لدى العديد من القوى الإقليمية قناعة بأن الحلول المرحلية لم تعد تجدي نفعاً، بدليل كلام الوزير فيصل بن فرحان، عن أن العلاج الترقيعي لن يفيد لبنان.
بالنسبة إلى الكلام السعودي، لا يمكن أن ينفصل عن التحول القائم على الساحة السنية، لا سيما بعد قرار الرئيس سعد الحريري العزوف عن المشاركة في الانتخابات النيابية، الذي كان يصنف على أساس أنه رجل المملكة الأول في لبنان، هو من أبرز الشخصيات السياسية التي تبحث دائماً عن التسويات بينما بات من المؤكد أن الرجل لم يذهب إلى هذا الخيار من تلقاء نفسه، وهو ما عبر عنه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بشكل واضح، في حديثه لصحيفة الأهرام المصرية، عندما أشار إلى أن الحريري أجبر على الانسحاب من المعترك السياسي والانتخابات النيابية.
في هذا الإطار، من الضروري الإشارة إلى أنه على مستوى أسابيع مفاوضات فيينا بات الحديث عن حاسمة، الأمر الذي من المفترض أن تظهر معالمه خلال شهر آذار – مارس المقبل، بينما على مستوى المفاوضات السعودية الإيرانية كان لافتاً ما أعلنه بن فرحان، لناحية تأكيده أن الرياض تتطلع إلى جولة خامسة من المحادثات مع طهران، بالرغم من إشارته إلى عدم تحقيق أي تقدم جوهري في الجولات الماضية.
ضمن هذه الأجواء، ترى الاوساط المتابعة أنه لا يمكن تجاهل التقدم الحاصل على مستوى ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، لا سيما بعد الجولة الماضية التي قام بها الوسيط الأميركي، نظراً إلى الأجواء الإيجابية التي كانت قد رافقتها، خصوصاً بعد المواقف اللبنانية التي أكدت على أن الخط 29 هو خط تفاوضي، بينما كان الجميع يدرك أن الجانب الأميركي يسعى إلى الانتهاء من هذه المفاوضات قبل نهاية شهر آذار- مارس.
وتنقل هذه الأوساط عن مرجع كبير كلاماً واضحاً يصب في هذا الاتجاه، كان قد أبلغه في الفترة الماضية إلى العديد من المسؤولين الإقليميين، مفاده أن لبنان يتأثر بمشاكل المنطقة والإقليم، وبالتالي الحلول فيه مرتبطة بحلول أكبر، بينما أقصى ما يمكن أن يفعله لبنان، في الفترة الفاصلة، هو تمرير الوقت عبر إجراءات لا تحتاج إلى قرارات أكبر منه، مركزاً على أهمية إعادة فتح قنوات الاتصال مع الدول الخليجية.
في الختام، تجزم الأوساط نفسها أن المنطقة، على الأرجح، قادمة على تسويات من العيار الثقيل في المرحلة المقبلة، لبنان لن يكون بعيداً عنها بأي شكل من الأشكال، لكنها تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول إمكانية أن تكون ترجمتها المحلية، قبل أو بعد الانتخابات النيابية، نظراً إلى أنها لن تكون بالحجم الصغير، بل تتناغم مع الحجم الذي وصلت إليه الأزمة اللبنانية.