لبنان في مواجهة العدوان
حسين عطايا
بعيداً عن المماحكات والخلافات السياسية الداخلية، يتعرض لبنان لعدوان صهيوني على سيادته وثرواته، بدءاً من الحدود الجنوبية البحرية مع فلسطين المحتلة.
هذا الأمر يتطلب الدعوة إلى حالة طواريء تشمل كل الإدارات والمؤسسات اللبنانية، بما فيها العسكرية، وأن يكون مجلس الدفاع الأعلى بحالة انعقاد دائم، لمواجهة العدوان على شتى السُبُل والصُعُد، فالمطلوب اليوم قبل الغد، البدء بإعداد خطط المواجهة على المستويين القصير المدى والبعيد، بما فيها خارطة طريق دبلوماسية، تُحاك بطريقة مهنية وفعالة، للبدء بحملة دبلوماسية واتصالات خارجية تطال كل المؤسسات والمنظمات الدولية، لشرح الاعتداء الصهيوني على سيادة ووحدة الاراضي اللبنانية، وعمليات النهب المنظم لثروات لبنان التي تقوم بها دولة العدوان الصهيوني.
لذلك، المطلوب القيام بحركة دبلوماسية تتطال كل من:
الأمم المتحدة، وعلى رأسها مجلس الأمن، لحثه على تحمل مسؤلياته في الحفاظ على السلم الدولي ومساعدة لبنان للتصدي للعدوان الصهيوني على سيادته وثرواته، كذلك التواصل مع جامعة الدول العربية ورابطة العالم الإسلامي ومجموعة دول عدم الانحياز، لتوفي أكبر مروحة من الاتصالات لحشد أكبر قدر من الدول لتوضيح العدوان الصهيوني على سيادة لبنان ووحدة أراضيه وثرواته البحرية، من غاز ونفط.
هذا على الصعيد الدبلوماسي، أما على متسوى العمل الداخلي، مطلوب اليوم وقبل الغد، دعوة مجلس الدفاع الأعلى وقيادة الجيش وكافة الأجهزة الأمنية لوضع الخطط في سبيل تكوين جبهة داخلية متراصة، تعمل على وضع الخطط والأساليب التي تساهم في كيفية التصدي للعدوان، في حال تطور إلى عمل عسكري، كما مطلوب الالتفات إلى الوضع الاقتصادي وإلى الأمن الغذائي، لتوفير كل مستلزمات الصمود.
على صعيد قيادة الجيش، مدعوة إلى الانعقاد الدائم لدرس السبل والأساليب والخطط الكفيلة برد العدوان والدفاع عن سيادة الوطن وثرواته، في وجه العدوان الصهيوني الموصوف على لبنان.
لهذا، مطلوب الاستفادة من كل مسلتلزمات الصمود والأسلحة لمواجهة العدوان، بما فيها سلاح حزب الله، ليتم تشكيل فرفة عمليات عسكرية لمواجهة العدوان، وأن يكون سلاح حزب الله بإمرة الجيش اللبناني، وفقا لما تعده قيادة الجيش من خطط للمواجهة والتصدي.
قد يستغرب البعض دعوة قيادة الجيش للاستفادة من سلاح حزب الله ووضعه بإمرة الجيش، نعم ففي الأزمات الكُبرى التي تعرض فيها الوطن لأي اعتداء، مطلوب حشد كافة نقاط القوة التي تتوفر على مساحة الوطن لصد العدوان.
وهنا هذا الأمر ليس بعيدا عن توفير مستلزمات التصدي للهدوان وتوفير إمكانيات المواجهة والصمود.
على مدى أشهر تلكأت السلطات اللبنانية، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، في القيام بمهامها في ترسيم الحدود، لاسيما من ناحية توقيع تعديل المرسوم 6433 وإيداعه الأمم المتحدة، بأن الحدود اللبنانية تبدأ من النقطة 29 وليس من النقطة 23، كما أن السلطات، وبرئاسة رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين، أهملوا أيضاً الرد على مقترحات الوسيط الأمريكي عاموس هوكشتاين خطياً، مما منح العدو الصهيوني استغلال الظروف الدولية المحيطة، والتي أتت في ظرف العالم مشغول بالحرب الروسية – الأوكرانية، فكانت دولة العدو تعمل على رسم الخطط وتأمين وتوفير كل العدة والعتاد والعديد لعملية السطو على حقل كاريش المتنازع عليه، وبالتالي أتت بالمنصة العائمة، التي من خلالها تستطيع استخراج الغاز وتخزينه وتحميله على ظهر البواخر وضخه إلى البر الفلسطيني، بينما الدولة اللبنانية تتلهى بمماحكات وخلافات حول قضايا ثانوية، ولم تُقدم على أي عمل ما، من شأنه الحفاظ على الثروات الغازية في بحر لبنان الجنوبي، أو السُبُل الكفيلة بالتصدي لأي اعتداء، كما هو حاصل اليوم.
لهذا، وعلى الرغم من أن الإهمال التي مارسته الأجهزة الرسمية على كافة مستوياتها، والذي يُعتبر إهمالاً مقصوداً أضر بلبنان وبمصالحه، ما يقع تحت فرضية المحاسبة القانونية بتهمة الإهمال، وصولا إلى تهمة الخيانة العُظمى. ولكن، وبما أننا اليوم أمام عدوانٍ موصوف، مطلوب حشد كل الإمكانيات والسُبُل الكفيلة بوضع الخطط للتصدي للعدوان، وأي إهمالٍ أو تريُث، يُعتبر خيانة عُظمى بحق الوطن وشعبه وثرواته.
كما أن عدم المواجهة يُعتبر هزيمة شنعاء أمام العدو، وبالتالي يترتب على الهزيمة مضار كثيرة تُلحق الأذى بحق الشعب اللبناني والأجيال القادمة، نتيجة التفريط بحقوق الأجيال اللبنانية، بثرواتها التي تتازلت عنها، عن سابق تصور وتصميم، القيادات اللبنانية، وهو ما يعد بمثابة الخيانة للوطن والشعب.
إن أسلوب العمل المُتبع حالياً لا يُبشر بالخير، لأن السلطات اللبنانية تتعاطى مع الموضوع وكأنه أزمة ثانوية ليست بحجم أزمة وطن وعدوان صهيوني موصوف، قد تكون نتائجه أصعب بكثير من نتائج عدوان تموز ٢٠٠٦، لأن ما سينتج عنه من نهب للثروة البحرية يُرتب خسائر كُبرى، لو أحسنت الدولة اللبنانية إدارة المعركة لكانت وفرت للشعب اللبناني مليارات الدولارات من عائدات النفط والغاز، وكانت أنقذت الوطن من حالة الإفلاس، وانتشلت لبنان من أزماته المالية والاقتصادية، بدل الجري خلف ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي وعلى أربع سنوات.
في لبنان إمكانيات كُبرى لو تيسرت لهذا الوطن إدارة حكيمة، تضع مصالح الوطن فوق اعتبارات المصالح الشخصية الآنية.