اليوم الــ 82 للحرب: جلاء مقاتلي مصنع آزوفستال ومحققو “الجنائية” على الأرض
السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير
في اليوم الــ 82 للحرب، أعلنت القيادة العسكرية الأوكرانية أن مهمة الدفاع عن مصنع آزوفستال قد انتهت مع إجلاء مقاتليها الذين كانوا محصّنين في مخابئ وأنفاق هذا المجمّع، في حين تستعد روسيا لمواصلة هجومها المركّز في شرق أوكرانيا بعد سيطرتها على مدينة ماريوبول بالكامل إثر حصار استمر 82 يوماً.
في غضون ذلك، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان الثلاثاء نشر فريق من 42 محققا وخبيرا في أوكرانيا هو الأكبر يرسل على الأرض، للتحقيق في جرائم ارتكبت خلال الغزو الروسي للبلد.
وقال كريم خان في بيان “أؤكد أن مكتبي أرسل اليوم فريقا مؤلفا من 42 محققا وخبيرا في الجنايات وموظفي مساندة آخرين إلى أوكرانيا”، موضحا أنها “أكبر بعثة من حيث العدد تم نشرها حتى الآن في منطقة دفعة واحدة”.
وقال “بفضل نشر فريق من المحققين سنتمكن من درس الخيوط بشكل أفضل وجمع الشهادات المتعلقة بهجمات عسكرية قد تشكل جرائم مشمولة في ميثاق روما” المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية.
ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن أندريه رودينكو، نائب وزير الخارجية الروسي، قوله الثلاثاء 17 ماي (أيار)، إن روسيا وأوكرانيا لا تجريان محادثات “بأي شكل”،
ونقلت الوكالة قوله، “لا تُجرى مفاوضات. أوكرانيا انسحبت عملياً من عملية التفاوض”.
من جهة ثانية، قالت وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء إن صواريخها دمرت شحنات أسلحة أميركية وأوروبية في منطقة لفيف بغرب أوكرانيا.
في الأثناء، استسلم العشرات من المقاتلين الأوكرانيين، بعضهم جرحى على ما يبدو، الثلاثاء بعد أسابيع من التحصن في المخابئ والأنفاق التي تقع أسفل مصنع آزوفستال للصلب في ماريوبول مع اقتراب الحصار الأكثر تدميراً في الحرب الروسية في أوكرانيا من نهايته. وذكرت وكالة “تاس” للأنباء أن لجنة تحقيق روسية ستستجوب المقاتلين الأوكرانيين الذين استسلموا، مضيفةً أن ذلك سيتم في إطار التحقيق الروسي في ما تسميه موسكو “قضايا جنائية تتعلق بجرائم النظام الأوكراني”.
ورأت “رويترز” حافلات تغادر مصنع آزوفستال للصلب الليلة الماضية ووصلت خمسة منها إلى مدينة نوفوازوفسك التي تسيطر عليها روسيا. وفي إحدى الحافلات، التي تحمل علامة الحرف “زد” التي أصبحت رمزاً للهجوم الروسي، رقد جنود مصابون على محفات وأُخرج أحد المصابين على كرسي متحرك وكان رأسه ملفوفاً بضماد سميك. وأظهرت تسجيلات فيديو أصدرتها وزارة الدفاع الروسية مغادرة المقاتلين للمصنع وبعضهم محمولاً على محفات والبعض الآخر رافعاً يديه انتظاراً لتفتيش القوات الروسية لهم.
وقالت روسيا إن 256 مقاتلاً أوكرانياً “وضعوا سلاحهم واستسلموا”، منهم 51 مصاباً بجروح خطيرة. وقالت أوكرانيا إن 264 جندياً منهم 53 مصاباً غادروا المصنع والجهود جارية لإجلاء آخرين ما زالوا بالداخل.
وقالت الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في بيان، “حامية ماريوبول أتمت مهمتها القتالية”. وأضاف البيان، “القيادة العسكرية العليا أمرت قادة الوحدات المتمركزة في آزوفستال بإنقاذ حياة الأفراد… المدافعون عن ماريوبول هم أبطال زماننا”. وفي وقت سابق، قال قائد كبير في القوات الأوكرانية المتحصنة أسفل مجمع آزوفستال إنه ينفذ قراراً من القيادة العسكرية العليا لإنقاذ حياة الجنود، لكنه لم يشر إلى الاستسلام.
وأضاف القائد دينيس بروكوبينكو في مقطع مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، “الأمر المهم هو إدراك جميع المخاطر، هل هناك خطة بديلة، هل أنت ملتزم تماماً بتلك الخطة التي يجب أن تسمح بتنفيذ المهام الموكلة مع الحفاظ على حياة الأفراد وصحتهم؟”. وتابع القول، “هذا هو أعلى مستوى من الإشراف على القوات، وخصوصاً عندما يتم اعتماد قرارك من قبل أعلى قيادة عسكرية”.
وينهي الاستسلام في ما يبدو معركة ماريوبول التي تعتقد أوكرانيا أن عشرات الآلاف قُتلوا فيها تحت القصف والحصار الروسي الذي استمر شهوراً. وتحولت المدينة الآن إلى أنقاض. والسيطرة الكاملة عليها هي أكبر نصر تحققه القوات الروسية في الحرب أخذاً في الاعتبار أنها تسيطر بالكامل الآن على ساحل بحر آزوف وعلى منطقة متصلة تمتد في شرق وجنوب أوكرانيا بحجم اليونان.
لكن ذلك يأتي بعد تقهقر الحملة الروسية في مناطق أخرى، إذ تراجعت قواتها التي تطوق مدينة خاركيف في الشمال الشرقي في الفترة الأخيرة بأسرع وتيرة منذ طردها من الشمال والمنطقة المحيطة بالعاصمة كييف في نهاية مارس (آذار).
ولم تورد السلطات على الجانبين أي إشارات عن مصير آخر المدافعين عن ماريوبول، ويبحث المسؤولون الأوكرانيون شكلاً من أشكال المبادلة بأسرى روس لكنهم لم يوردوا تفاصيل.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب ألقاه في الصباح الباكر، “نأمل في أن نتمكن من إنقاذ حياة رجالنا… بينهم جرحى يعانون إصابات خطيرة. يتلقون العلاج. أوكرانيا تحتاج لبقاء الأبطال الأوكرانيين على قيد الحياة”.
وقالت هانا ماليار، نائبة وزير الدفاع الأوكراني، إن 53 جنديا مصابا نقلوا إلى مستشفى في نوفوازوفسك التي تسيطر عليها روسيا والتي تبعد مسافة 32 كيلومتراً باتجاه الشرق ونُقل 211 آخرين إلى بلدة أولينيفكا التي يسيطر عليها انفصاليون مدعومون من روسيا. وأضافت أن جميع الذين تم إجلاؤهم ستشملهم مبادلة محتملة للأسرى مع موسكو.
وأجرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الثلاثاء، محادثة هاتفية “طويلة وذات مغزى” مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الحرب في أوكرانيا.
وأضاف زيلينسكي على “تويتر”، “تحدثنا عن مسار الأعمال القتالية وعملية إنقاذ الجيش من آزوفستال ورؤية مستقبل عملية التفاوض. أُثيرت مسألة إمدادات الوقود لأوكرانيا”. وتابع، “ناقشنا أيضاً الدعم الدفاعي من فرنسا، وإعداد الحزمة السادسة من عقوبات (الاتحاد الأوروبي ضد روسيا)، والسبل الممكنة لتصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية. عقدنا مناقشة موضوعية لطلبنا الحصول على وضع مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي”.
وتكثفت الهجمات الروسية في شرق أوكرانيا وأوقعت عشرة قتلى على الأقل في مدينة سيفيرودونيتسك الخاضعة لسيطرة كييف، في حين حذرت روسيا من أنها سترد على نشر الأطلسي أي “بنى تحتية” عسكرية في فنلندا والسويد المرشحين للانضمام إلى الحلف.
وفي بروكسل سعى وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الاثنين للتوصل إلى اتفاق بشأن حظر النفط الروسي، إلا أن المجر اعترضت بحجة أن هذا الأمر سيلحق ضرراً كبيراً باقتصاد البلاد.
في سيفيرودونيتسك قُتل عشرة أشخاص على الأقل في قصف روسي طاول المدينة الواقعة في شرق أوكرانيا، وشبه المحاصرة من جانب القوات الروسية، بحسب ما أفاد حاكم المنطقة يرغي غايداي الاثنين.
وعلى الرغم من دعوات السلطات الأوكرانية سكان ليسيتشانك التي لا يفصلها عن سيفيرودونيتسك سوى نهر سيفرسكي دونيتس، إلى إخلائها، لا يزال في المدينة 20 ألفاً من أصل مئة ألف من سكانها، وفق متطوعين ينشطون في توزيع المساعدات في المنطقة. وقال الشرطي فيكتور ليفتشنكو “من يبقون هنا يعتقدون أن الأمور ستكون على ما يرام”، وهو يختبئ مع عشرات في ممرات تحت الأرض وفي الطوابق السفلية المتداخلة لأحد أكثر أبنية المنطقة تدعيماً.
وأضاف الشرطي “لكن للأسف الأمور ليست على ما يرام”، مشيراً إلى المخاطر التي يتعين على عناصر الشرطة مواجهتها للوصول إلى هؤلاء وتوفير المواد الغذائية لهم وإجلائهم.
من جانبه، أعلن حاكم دونيتسك المجاورة بافلو كيريلينكو مقتل تسعة مدنيين الاثنين وإصابة 16 آخرين في منطقته.
وفي شمال شرقي أوكرانيا استعاد الأوكرانيون السيطرة على جزء من الحدود في منطقة خاركيف، وفق كييف. وفي بيان نشرته على “فيسبوك” مرفق بشريط فيديو يظهر فيه جنود أمام شارة حدودية ملونة بالأصفر والأزرق وهما لونا علم أوكرانيا، قالت وزارة الدفاع “الكتيبة 227 من لواء الدفاع الإقليمي 127 التابع لقوات خاركيف المسلحة طردت الروس وتمركزت على الحدود”.
وأعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية أن قواتها صدت القوات الروسية واستعادت السيطرة على جزء من الحدود مع روسيا في منطقة خاركيف الشمالية الشرقية.
وقتل ثمانية أشخاص وأصيب 12 آخرون الثلاثاء بقصف روسي على قرية ديسنا الأوكرانية الواقعة شمال كييف التي تضم معسكر تدريب عسكري كبيراً، وفق ما أكد عمّال إغاثة محليون. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها استهدفت بصواريخ “عالية الدقة” مركزي قيادة أوكرانيين وخمسة مستودعات ذخيرة مدفعية بالقرب من زابوريجيا وباراسكوفيفكا وكونستانتينوفكا ونوفوميكايلوفكا في دونيتسك.