الجامعة اللبنانية وطلابها.. رهينة المسؤولين

الجامعة اللبنانية وطلابها.. رهينة المسؤولين

د. نجاد عبد الصمد

توجه عضو اللجنة التنفيذية لأساتذد الجامعة اللبنانية الدكتور نجاد عبد الصمد برسالة مؤثرة الى طلاب الجامعة اللبنانية، داعيا إياهم إلى الدفاع عنها والوقوف إلى جانب أساتذتهم لرفع المعاناة، مفندا سياسات السلطة الجاهلة وجرائمها التي ترتكبها بحق جامعة الوطن. وهي تقدم فكرة عن الواقع المؤلم الذي تعيشه الجامعة في ظل حالة الإنهيار التي تعيشها قطاعات التعليم في لبنان لا سيما الرسمي منها.

وهنا نص الرسالة:

أبناءنا، طلّاب الجامعة اللبنانيّة الأعزّاء،

من يراقب الصورة الكبرى في الجامعة اللبنانيّة، يدرك أنّ اهل الجامعة (بالمطلق) هم “رهائن” بأيدي مسؤولين لا يحملون من المسؤوليّة وأوزارها، سوى اللقب الذي يعرّفون به عن أنفسهم.

منذ أعوام ومصير الجامعة يتأرجح ما بين الصعاب والتحدّيات، والأفخاخ المتلاحقة. وفي كلّ عام تكبر المعاناة في صفوفنا جميعًا؛ فلا يُستثنى الموظّف، أو الأستاذ، أو الطالب في معركة، باتت تتّسم بالوجود أو اللاوجود، بالتمسّك بالجامعة الوطنيّة الأمّ، أو بالمحاولات التي لم تتوقّف، عن قصد أو عن غير قصد، بغية تصفيتها وتدميرها على كلّ الصعد.

طلّابنا، أملنا وغاية وجودنا كصرح أكاديميّ، وكرسالة لا تتمّ إلّا من خلالكم، نعم، أنتم “رهائن” كما حالنا، رهائن لدى سلطة لا تعرف الخجل، ولا تقدّر شعبها، ولا ضوابط لجرمها وغلّها… سلطة جشعة جاهلة، ممتلئة بالنعم الواهية، صبّت جام جهلها على المكان الأوّل والأغلى على قلب كلّ الشعب اللبنانيّ، بجميع طبقاته، الغنيّة، والمتوسطة، والفقيرة، وأنزلت سهام غدرها واستهتارها، ليصيب مقتلًا في الجامعة اللبنانيّة، “أمّ الكلّ” ، والمصهر النابض الذي لا يتوقّف عن ضخّ الحياة بضخّ العقول المنيرة فيها.

لعلّ ما نقوله اليوم بات مكرّرًا بالنسبة إليكم، أنتم الشباب الغضّ النضر الذي يتوق إلى أن يفجّر طاقاته علمًا وأخلاقًا، ومعرفة وإبداعًا، ونعلم علم اليقين الوضع المأزوم الذي أنتم فيه، ناهيك عن الوضع العامّ في البلد، والذي أنهك الجميع وأنهككم، وحمّلكم هموم الحياة التي، كان من واجب تلك “السلطة”، أن تجعل دأبها الدؤوب، تذليل صعوباتها ومشكلاتها، لتقول لكم “قد قمت بواجبي تجاهكم، أنتم قادة الغد رجال المستقبل لهذا الوطن”! ولكن… هيهات! فلا حياة لمن تنادي!

كان بودّنا أن يكون مسارنا طبيعيًّا، كما الحال في كلّ بلدان العالم التي تحترم نفسها باحترامها لمؤسّساتها التعليميّة، وأن تكونوا أكثر الطلّاب تميّزًا من حيث التقديمات وتأمين الوسائل التعليميّة والمختبرات والمنح التعليميّة التي تليق بكم، فلا تنظرون إلى زملاء لكم في الجامعات الخاصّة، أو أولئك الذين تركوا لبنان للتعلّم في الخارج لأن “إمكانيّاتهم الماديّة تسمح بذلك” بعين اليأس والألم من الواقع!

كان بودّنا ألّا تواجهوا مثل تلك الصعاب، أو أن تشعروا بالخطر يهدّد مستقبلكم وشهاداتكم التي عليها تعلّقون الآمال، مع أهلكم وذويكم… لكنّ الخطر الذي يتربّص بكم، كثروة أصيلة لهذا الوطن، بات واقعًا، والنوايا الخفيّة التي تلعب بمصير الجامعة، قد يكون فاتها (أو لا) بأنّ أيّ انهيار للجامعة اللبنانيّة يعني أنّ السواد الأعظم من شعب لبنان سيضحي أميًّا، ولن يكون العلم الجامعيّ متاحًا بعد ذلك سوى لصفوة من المتموّلين الذين لا مشكلة لديهم في الأساس إن بقيت الجامعة اللبنانيّة، وإن زالت، لا قدّر الله!

نقول هذا، لأنّكم الثروة الحقيقيّة التي لا تعادلها ثروات العالم، فالاستثمار في الإنسان هو خير استثمار شهدته البشريّة، وأنتم الزاد وملح الأرض المبارك.

فهبّوا معنا لنصرة الجامعة، وكونوا بالمرصاد لكلّ من يحاول أن يفصل ما بين شرايين حياة الجامعة، فيعمل على إحداث شرخ بينكم وأساتذكم، وموظّفي الجامعة… أثبتوا له أنَّ سعيه مردود عليه، وأنَّكم على دراية بألاعيب الكارهين للجامعة وأهلها، المدسوسة، ووسائلهم المكشوفة… أثبتوا لهم بأنّ جامعتكم ومستقبلكم ليس شاةً يُضحّى بها إشباعًا لأطماعهم المبيّتة.

هي كلمة حقّ تحملونها في وجه الباطل، وهو نداء الواجب يناديكم لتكونوا على دراية ووعيٍ بما يحصل… راجعوا تفاصيل أيّامكم، ووازنوا تضحياتكم أمام الهجمة الاقتصاديّة المفترسة التي تنهش لحمنا، ولا من مغيث، ولا من متعاون أو منقذ!  فكونوا أنتم، أولادنا الأعزّاء، من تدافعون وتنقذون جامعتكم الأمّ من الزوال.

فبالله عليكم،

لا تصمتوا عن الحقّ بحجّة “النفاذ بريشكم”، وإنجاز عامكم الجامعيّ (والذي هو حقّكم)، وتحت شعار “ليتحمّل غيري المسؤوليّة”، فقد يكون في صمتكم هذا تشجيعًا للمتربّصين بالجامعة شرًّا، ليقوموا بنفي أيّ فرصة لتعلّم  جامعيّ راقٍ ،لإخوة لكم وأخوات في المستقبل القريب، لا البعيد!

الجامعة تستنجد، وتطلب دعمكم،

فكونوا إلى جانبها كي تبقى منارة العلم والتطوّر بمواجهة ظلام الجهل بأنواعه.

طلّابنا الأعزّاء،

أنتم على قدر الهمّة وأهل لها… فلا تبخلوا بتلبية النداء…

وحسبنا أنَّنا بلّغنا!

أنقذوا الجامعة اللبنانية….

 

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *