الله ليس معكم!
أحمد الرمح
جاء الربيع العربي كواحةٍ للمستضعفين في شرقنا البائس؛ ليطالبوا بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية بعد عقود عِجاف من الاستبداد.
ولكن الإسلام السياسي نجح بعملية سطو منظمة على ربيع المستضعفين؛ فأفشله في شرقنا البائس عموماً، وسوريا خصوصاً؛ فساهم مع الاستبداد بتدمير البلاد؛ وتهجير العباد.
ففي سوريا ما يزال دعاة الإسلام السياسي؛ يكابرون ويكذبون للتغطية على مساهمتهم بإفشال الربيع العربي؛ وتحويله إلى كارثة؛ أذَلَّت كرام الناس بقولهم: لا تحزنوا فإن الله معنا.
ليس صحيحاً أن الله معكم؛ ولن يقف معكم؛ ليس لأن الله ضدكم؛ ولكن لأنكم ضد سنة الله ونواميس كونه؛ فالله يقف مع المتحدين؛ وأنتم لستم كذلك.
لقد أنشأتم في سوريا أكثر من ألف فصيلاً عسكرياً، كل فصيل بما لديه من دعم مستبدون؛ وأسس المتأدلجون أكثر من مائة حزب؛ كلٌ بأيديولوجيته وحلمه بالسلطة يتنافسون؛ وأنشأتم ألفَ منظمة مجتمع مدني مكونة من عصابات تديرها عائلات؛ وألف منظمة إغاثية تعطي المساكين على الولاء لا على الاستحقاق! وحاشى لله أن يقف مع المتفرقين والفاسدين؛ فالرسول أكد على أنّ (يد الله مع الجماعة) وليس مع التفرقة. إذن الله ليس معكم.
الله ليس معكم.. فهو الذي حذركم من الاختلاف بقوله: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
وأنتم تنازعتم ألف مرة، وتقاتلتم فيما بينكم، حتى ذهبت ريحُكم، أي هيبتكم في أعين الآخرين. وضربتم بالتحذير الإلهي عرض الحائط.
الله ليس معكم.. وهو الذي طلب منكم الوحدة بقوله: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ).
وأنتم اعتصمتم بأمر الداعم والممول! فكيف يرضى الله عنكم؟ ليكون معكم!
الله ليس معكم.. لأنه يحب أن يكون المؤمن أخاً للمؤمن لا سيفاً مسلطاً عليه يكفِّره ويخوّنه؛ وأنتم قتلتم بعضكم بعضنا؛ وسفكتكم دماء بعضكم بعضاً؛ حباً بالسلطة والجاه والمال. فالله وصف من يحبهم بقوله: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ). وأنتم تبغضون بعضكم بعضاً.
الله ليس معكم.. لأن من يستبدل الاستبداد باستبداد أسوء منه؛ ويستبدُّ بالمواطن المسكين الضعيف؛ ويأخذ منه الإتاوات ويعتقله ويضطهده؛ لن يكون الله معه. والله يقول:(الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ). إذن الله ليس معكم.
الله ليس معكم.. لأنه بيّن في كتابه أن للنصر والتقدم والحضارة شروط؛ منْ يعمل بها يستحقها، حتى ولو كان غير مؤمن فقال: (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً). وأنتم لم يرَ المستضعفون منكم إلا السوء والظلم والاستبداد؛ فكيف يكون الله معكم؟
الله مع المتقين أي الذين لا يتظالمون ويعلمون الخير للبشرية كلها، ولا يفرقون بين عباد الله على أساس حزبي، أو سياسي، أو فصائلي، أو ديني، ويحسنون للجميع إذ قال: (إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ).ِ
فكيف يكون معكم، وأنتم لستم معه؟