منظمات تطالب ماكرون بعدم التستر على تدهور حقوق الإنسان بالجزائر
باريس–المعطي قبال
قبيل زيارته الرسمية للجزائر غدا، رفعت 13 منظمة تنتمي لأطياف حقوقية مختلفة، رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تطالبه فيها «عدم التستر» على مسألة تدهور حقوق الإنسان بالجزائر و «عدم التغاضي عن انحراف النظام الجزائري نحو الاستبداد». وتابعت الرسالة تأكيدها على أمل «أن تكون الزيارة مثمرة للبلدين المرتبطين ارتباطاً وثيقاً بالتاريخ والجغرافيا والثقافة واللغة وبكل التبادلات والشراكات القائمة منذ الاستقلال». وشخصت الرسالة وضع حقوق الإنسان بالبلد مشيرة إلى أنه تم توقيف واعتقال 10 آلاف شخص يضاف إليها ألف حالة احتجاز احتياطي، وذلك على خلفية تظاهرات الحراك التي بدأت في شهر نوفمبر 2019 و الداعية إلى إحداث نظام ديمقراطي.
وبالطبع كان رد السلطات هو «انتهاج سياسة قمع غير مسبوقة باستراتيجيتها الإرهابية لإسكات الشعوب التي تعيش حالة انفصال عن قيادات النظام السياسي الحالي» تتابع الرسالة. وشدّدت المنظمات التي وقعت الرسالة على أن “بعض المكتسبات التي تم تحقيقها بعد عقود من الكفاح بشأن حرية التعبير والتنظيم والتظاهر والصحافة والنشاط السياسي في تدهور حاد، وعلى طريق الزوال”، لافتةً إلى أن “كل أشكال التعبير خارج خط النظام تُقمع بشكل منهجي”.
وأشارت الرسالة إلى أن “الجزائريين في فرنسا، ولكن أيضاً الفرنسيين من أصل جزائري، يخشون إجراءات انتقامية خلال ذهابهم إلى الجزائر، ما يقيّد حريتهم بالتنقل». وقالت المنظمات “السيد الرئيس لا يمكنكم التغاضي عن هذا الانحراف الاستبدادي للنظام الجزائري”. وأضافت “نحن، منظمات الانتشار نخشى بشكل كبير من تطور النظام السياسي الجزائري نحو الاستبداد، وعلينا واجب التعبير عن قلقنا العميق لكم، بشأن الوضع الخطير على الحريات الأساسية في الجزائر في ظل النظام الحالي».
سجلت هذه المنظمات الحقوقية موقفا واضحا من النظام الجزائري الذي ينحو صوب الاستبداد بوضعه لغطاء من حديد على الحريات الأساسية وطمسه لبعض المكتسبات التي تحققت في المجال الاجتماعي، الإعلامي، حرية التنقل والتعبير.
تلقى الإليزيه الرسالة الموجهة للرئيس، ويبقى السؤال: هل سيرد على مطالبها أم ستبقى حبرا على ورق؟
هل سيفاتح إيمانويل ماكرون عبد المجيد تبون ومن معه في موضوعها؟
ليست المرة الأولى التي يواجه فيها ماكرون هذا النوع من الوضعيات المتعلقة بحقوق الإنسان لدى زيارة هذا الطاغية أو ذاك الديكتاتور لفرنسا، أو خلال زيارته لبعض البلدان الاستبدادية. فقد كانت زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الأخيرة لفرنسا مناسبة لتأجيج الاحتجاجات من طرف المنظمات الحقوقية والإعلامية ومطالبة ماكرون بالعزوف عن استقباله، نظرا لتورطه في اغتيال الصحافي والمعارض جمال خاشقجي. وقس على ذلك بزيارة عبد الفتاح السيسي وغيره.
لربما نبس ماكرون بموضوع الرسالة بشكل ناعم، مع العلم أنه يعرف جيدا أن النظام العسكري الجزائري أطرش لما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان وبمواضيع أخرى.
هذه الرسالة من توقيع ما سمي بـ «منظمات الانتشار»، والكلمة ترجمة لكلمة دياسبورا وتعني الشتات. وينضوي تحت هذه المنظمات حركيون، ناشطون جمعويون واجتماعيون، كتاب وباحثون.
لكن أين هي الأقلام التي تحدث الكثير من الضجيج الإعلامي في الصحافة الفرنسية لما يتعلق الأمر بضرب الإسلام والطعن في المسلمين. لم نسمع ولم نقرأ بعد كمال داود أو ياسمينة خضرة (شوشو الصحافة الفرنسية) يعبرون عن آرائهم في موضوع الزيارة. أما بوعلام صنصال فقام خلال مقابلة مع موقع أتلانتيكو، بخرجة مدوية في حق الجزائر التي ستقايض في نظره فرنسا في إمدادات النفط والغاز وتطالبها بالتكفير عن ذنوبها مع طلب مساعدتها على العودة إلى المشهد السياسي الدولي. عودنا صنصال على مواقف استئصالية في مسألة الإسلام، لكنه هذه المرة وإلى الآن، كان المثقف الجزائري الوحيد الذي انتقد بعنف «الجزائر الجديدة للجنرالات».