33 عاما على الطائف: لماذا لم تطبق الإصلاحات؟
حسين عطايا
مرت 33 عاما على اتفاق الطائف عمره، ولا زال تطبيق كامل بنوده ومندرجاتها لم ينفذ، نتيجة تضامن الطبقة السياسية على تفريغه من مضامينه الاصلاحية التي وضعها المشرعون في مدينة الطائف السعودية، حيث كان إيذاناً بوقف الحرب ومدافعها، ونقطة فصل لبداية مرحلة جديدة سُميت بالجمهورية الثانية .
ليس صُدفة ان تمر سنواته الثلاث والثلاثون دون ان يجد هذا الاتفاق طريقه الى التطبيق ولا سيما نقاط الاصلاح التي وضعها المشرعون لتطوير الحياة السياسية اللبنانية وخصوصاً ما يتعلق منها بالغاء الطائفية السياسية بالتدريج كما نصت تشريعات الطائف .
ابرز النقاط التي اعتقد المشرعون اللبنانيون بأنها ستُساهم بتطوير السياسة اللبنانية وتبني مواطنة بعيداً عن الزبائنية الدينية والمذهبية وزعامات المناطق والاحياء ومنها:
ــــ انتخاب مجلس نواب على اساس القيد الوطني.
ــــ إنشاء مجلس للشيوخ تتمثل فيه العائلات الروحية وينحصر عمله في القضايا المصيرية، ومن دون ادنى قرار للفيتو من طائفة على طائفة.
ــــ كذلك نصت وثيقة الطائف على ضرورة تأسيس الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية والتي بعد إنشائها يجب إقرار تشريعات كمثل قانون الاحوال الشخصية والزواج المدني ومساواة المواطنين امام القانون دون تفرقة وتمييز طائفي ومذهبي .
كل هذه البنود لازالت غير مطبقة، مما يؤكد على ان الطبقة السياسية والتي تسلمت زمام الحكم منذُ تسعينات القرن الماضي، تمنعت عن تنفيذ ما تبقى من بنود الوثيقة الوطنية، بل كانت تتذرع طوراً بالاحتلال السوري، على الرغم من ان هذه الطبقة كانت على وفاق تام مع المحتل السوري، لا بل كانت من اصحاب الحظوة واستفادت من خيرات الاحتلال وتوزعت بينها المغانم والفساد والفاسدين، كما انه وبعد الانسحاب السوري في نيسان من العام ٢٠٠٥ لازالت لليوم ذات الطبقة السياسية تحكُم ولا زالت تتمنع عن التطبيق الكامل وتتذرع بشتى الذرائع لعدم التطبيق وتنقسم على نفسها في هذا الامر، بينما تتفق على المحاصصة ونهب المال العام وإفقار الشعب اللبناني ونهب ودائعه بالتعاون مع مافيا للمصارف .
لا شك بأن من يُدمر لا يمكن ان يستطيع البناء، فهذه الطبقة التي هدرت المال العام ونهبت خيرات الوطن، وتفننت في فنون الفساد لا يُمكن ان تتحصن اليوم في مواجهة الفساد والفاسدين وتُعيد بناء ما تهدم او تُعيد المال العام الذي نهبته لخزينة الدولة او لجيوب المودعين التي هُدرت اموالهم ونُهبت بالتعاون ما بين مافيا الحُكم ومافيا المصارف .
وثيقة الطائف شكلت طريق امان للبنان واهله ، ولا زالت صالحة وتحتاج عملاً جدياً فاعلاً وصادقاً لإستكمال ما تبقى من بنود في وثيقة الطائف، لوضعه موضع التنفيذ بما يُسهم في تطوير الحياة السياسية اللبنانية وصولاً الى إلغاء فعلي للطائفية السياسية لتُصبح المواطنة هي مسار للولاء للوطن وليس للطائفة او الزعيم، ويُصبح للبنانيين ولاء واحد لعلم الوطن وليس لغيره .
اليوم وفي ملتقى الطائف والذي تم انعقاده في في قصر الاونيسكو بدعوة من السفارة السعودية سمعِنا العديد من الكلمات والحوارات، ولكن للأسف لم يتم التطرق الى اهم ما تحدثت عنه وثيقة الطائف وفي مقدمتها ألا وهو “حل جميع المليشيات وسحب السلاح ليُصبح محصوراً فقط بيد المؤسسة العسكرية وباقي الاجهزة الامنية “.
<
p style=”text-align: justify;”>هذا الامر يدُل على ان الطبقة السياسية إما جبانة لا تمتلك القوة لطرح هذا الامر والتطرق اليه، او هي ذاتها شريكة حزب الله وسلاحه، وهنا قد تنطبق نظرية أن السلاح غير الشرعي يحمي الفساد والفاسدين ولذلك هم لا يُريدون تطبيق كامل مندرجات وثيقة الطائف لان هذه الطبقة مًستفيدة وشريكة في الفساد ونهب المال العام، وبالتالي غير صادقة في كل ما تطرحه من نوايا الاصلاح والنهوض الاقتصادي وغيرها من امور لن ترى النور مع هذه الطبقة الحاكمة والتي اثبتت فشلها في إدارة لبنان وإخراجه من الازمات التي يتخبط بها ومنذُ ما يُقارب الثلاث سنوات دون ان تستطيع هذه الطبقة إنجاز اي شيء يُخرج لبنان من ازماته او يضعه على الطريق السليم في الخروج من جهنم التي ادخله اليها عهد ميشال عون وحلفائه.