تحرير القرم هل هو طوق النجاة لأوكرانيا ..كيف و لماذا؟
محمد العروقي
خلال إبريل الماضي و أثناء إشتعال المعارك في مصنع “أزوفستال ” في مدينة مارويوبول ، كانت القيادة الاوكرانية تتحدث عن تحرير خيرسون و مناطق واسعة في شرق أوكرانيا ، هذه التصريحات قوبلت بالاستخفاف من قبل المراقبيين و كذلك بالسخرية من الاوساط الروسية و النخب المهتمة.
اليوم نشاهد أن كل ماصرحت به القيادة الاوكرانية كان جادا و لم يكن من باب العواطف و الحديث المشحون بالقصائد الوطنية ، و أن معظم منطقة خاركيف شرق أوكرانيا قد تحررت و دخلها الجيش الاوكراني و أن مدينة خيرسون بالجنوب و أكثر من نصف المقاطعة حتى ضفة النهر اليمنى قد تحررت ، و هناك اخبار تتوارد عن قرب إنسحاب الجيش الروسي من منطقة زابروجيا و محيط المحطة النووية.
يبدو أن روسيا واجهت العديد من الانتكاسات الاستراتيجية في حربها على أوكرانيا والسبب في ذلك يرجع لعدم وجود إستراتيجية واضحة لتحقيق أهداف الحرب ، و اعتمادها على الكم و ليس الكيف ، أي على العدد و القوة النارية المفرطة امام جيش اعتمد على احدث انواع التكنولوجيا الغربية ، و بمساعدة اجهزة الاستخبارات الغربية ، لنجد روسيا عند بداية الحرب تنسحب من أطراف العاصمة كييف بعد أن كانت قريبة منها ، يتلو ذلك إنسحاب من خاركيف شرق أوكرانيا لتكون الانتكاسة الكبرى الانسحاب أخيرا من خيرسون.
ومع تغير الاستراتيجية الروسية بالحرب و توجهها نحو قصف قواعد البنية التحتية في أوكرانيا و التي تشمل محطات توليد الطاقة و كل ما يترتب عليها من نتائج يبدو أن القيادة الاوكرانية تسعى في ظل تلك الظروف الصعبة لفرض واقع ومعادلة جديدة على الارض و قبل الحديث عن تلك المعادلة يجب الاشارة بأن جميع الخطوط الحمراء الغير متفق عليها بين الطرفين قد استبيحت في بداية أكتوبر الماضي عندما تم تفجير جسر “القرم” تلى ذلك قصف روسي واسع للعاصمة كييف و مختلف الاراضي الاوكرانية ، لذلك نجد في الآونة الاخيرة كثرة التصريحات الاوكرانية عن تحرير شبه جزيرة القرم ، بعد ان أيقن الجميع أن القرم جزء من روسيا ، و انها اصبحت من الماضي بالنسبة لأوكرانيا .
وتأتي نوايا أوكرانيا للتوجه نحو جزيرة القرم بعد احرازها تقدم بالمعارك على الارض لان الواقع الجغرافي في خيرسون و الاسلحة الغربية يسمحان لها بهكذا هجوم ، لكن في المأمول السياسي فإن ضغط الجيش الاوكراني على جبهة القرم قد يقنع روسيا بالجلوس على طاولة المفاوضات على أساس الانسحاب من الاراضي على احتلتها بعد 24 فبراير 2022 على الاقل و استعدادها لمناقشة مستقبل الدونباس على أن يبقى تحت السيادة الاوكرانية في جميع الاحوال ، و كذلك مستقبل القرم في حل يرضى الطرفين ، لذلك من المتوقع ان تبدأ القيادة الاوكرانية بالتفكير جديا نحو هذا الاتجاه بالوصول للقرم لتخفيف اعباء القصف الروسي للبنى التحتية و فرض وقائع جديدة على الارض ، غير أن ذلك قد يكون له تبعات داخلية روسية ومن غير المستبعد أن نجد الدبابات وحاملات الجند قد ظهرت في موسكو ان حققت أوكرانيا نجاحا على جبهة القرم على غرار ماحدث في موسكو عامي 1991 و1993 في تغيير قد يمس نظام بوتين.