القدس.. بوابة السلام في الشرق الأوسط
مدريد – عبد العلي جدوبي
اعتبر الفلسطينيون إقدام وزير الأمن الإسرائيلي على اِقتحام باحات المسجد الأقصى، يشكل تحديا خطيرا لمشاعر الشعب الفلسطيني، وينذر بحرب دينية بالمنطقة. أما الناطق باسم البيت الابيض فقد أكد أن موقف واشنطن راسخ بشأن الحفاظ على الوضع القائم في القدس، واحترام الأماكن المقدسة.
ومما لا شك فيه فإن القدس ستبقى حجر الزاوية في أي مشروع إسرائيلي، وبالتالي في أي مشروع سلام بالشرق الأوسط؛ وإذا كان الكيان الصهيوني قد احتل القدس عام 1948، واحتل القدس الشرقية العام 1967، واستطاع أن يكسب تأييدا سياسيا لعملياته الاستطانية بدعم من لوبياته المزروعة داخل الكونغرس الأمريكي، فإن هذا لا يعني أن موضوع القدس قد انتهى وأصبح احتلالها أمرا واقعيا.
لقد احتلت قضية القدس في الأمم المتحدة حيزا بارزا، وكانت وما تزال من أهم القضايا التي تفرعت عن القضية الأم، قضية فلسطين وقد نوقشت تفاصيلها الكثير من الأجهزة الرئيسية بالأمم المتحدة، غير أن المنظمة الدولية لم تتمكن من أن تكون فاعلا أساسيا في مسلسل التسوية أمام تعنت الحكومات الإسرائيلية، وعدم امتثالها للقوانين الدولية، ولا بالقرارات الصادرة عن الهيأة الأممية مند أول قرار صادر عن الجمعية العامة عام 1947 عقب التوصية بخطة تقسيم فلسطين، وإلى يومنا هذا..
وتتابع الحكومة الإسرائيلية الحالية سلسلة الإجراءات الممنهجة لتهويد القدس وتغيير معالمها وحقائقها العربية الإسلامية بالرغم من النداءات الدولية المتكررة بمطالبة إسرائيل بالتخلي عن هذه الممارسات التي تعطل عملية السلام برمتها.
إن التنديد بالنزعة الاستيلائية والتوسعية للصهاينة، شكل مبدءا لا محيد عنه لنصرة الحق الفلسطيني، وعدم المساس بمعالم المدينة المقدسة، من أجل رعاية قيم التعايس والوفاق، باعتبار القدس الشريف تنفرد دون غيرها من المدن العالمية باجماع الديانات السماوية الثلاث على أهميتها وقدسيتها.
لقد مثلث القدس بصفتها حاضرة تاريخية عربية، وعاصمة الدولة الفلسطينية، عبر العهود والعصور المختلفة رمزا دينيا وتاريخيا وسياسيا على درجة فائقة من الأهمية، وهي بالنسبة للمسلمين في العالم أولى القبلتين وثالث الحرمين، وتضم الصخرة المشرفة، ومسجد عمر وغيره من الأماكن المقدسة الإسلامية، وبالنسبة للمسيحيين فالقدس تشغل لمختلف طوائفهم مكانة هامة أيضا، فهي المكان الذي نزل به المسيح ونشر فيه رسالته، وتشمل مجموعة من الكنائس والمعابد والأديرة، أما بالنسبة لليهود فهي موطن الهيكل الذي بناه سليمان ومجدهم الغابر كما يقولون وفق الرواية اليهودية.
هذا ومن جهة أخرى لم تكن مسألة القدس والاحتلال ومحاولات تهويد معالمها تلقى ترحيبا من طرف الإدارة الأمريكية ظاهريا، بيد أن موقفها الملتبس يرتكز على قاعدتين اثنين:
الاولى أن مدينة القدس يجب أن تبقى موحدة في أية تسوية يتم التوصل إليها، وهو يعكس الموقف الاسرائيلي ذاته..
والثانية عدم تحديد صاحب الحق النهائي في المدينة برغم اعتراف واشنطن بأنها مدينة محتلة، وقد قاد هذا الموقف الملتبس إلى إمتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت على قرار مجلس الأمن 476 و 478 الصادرين عام 1980 عن مجلس الأمن الدولي، والذين اعتبروا القانون الإسرائيلي بضم القدس قرارا باطلا ويجب إلغاؤه .
Visited 4 times, 1 visit(s) today