بلجيكا- هولاندا.. مافيات الموت
باريس-المعطي قبال
لن يكون بوسع الطفلة فردوس، 11 عاما، أن تسير بعيدا في درب الحياة. ففي التاسع من يناير الماضي، خطفتها رصاصات طائشة أطلقها مجهولون قبل اندثارهم في الطبيعة. وقع الهجوم بمنطقة ميركسيم ناحية انفيرس ببلجيكا. لم تكشف تحريات الشرطة بعد عن هوية المعتدين ولا عن دوافعهم أو مصدر إقامتهم. وبحسب المعلومات الأولية، فإن الفتاة كانت ضحية لعملية جانبية، فيما تؤكد مصادر أخرى أن استهدافها كان في الحقيقة موجها لعائلة أحد أقاربها المتاجرين في المخدرات والمقيم بدبي، ويتعلق الأمر بالملقب «البارون عثمان برج الحوت». وقد وصف عمدة أنفيرس عائلة هذا الأخير بـ «أنها أغنى عائلة لعصابة المخدرات».
وتابع العمدة أن حرب المخدرات جارية الآن بالفعل وأن البارونات الكبار يتواجدون بدبي، تركيا والمغرب وأن أفراد عائلاتهم هم المستهدفون. وأوضح العمدة أن هذا الحادث هو الثاني من نوعه في ظرف أسبوع واحد. ويعرف عن عائلة الضحية تورطها في الاتجار بالمخدرات، حيث أدين بعض من أخوالها بتهم ثقيلة فيما سبق وأن اختطف بعضهم وتحديدا يونس الملقب بالماجيكو، من طرف عصابات فرنسية طالبت من أخيه عثمان، المقيم بدبي، بمبالغ ضخمة. وقد حاول يونس، 28 عاما، إغراق سوق بلجيكا بالكوكايين قبل أن تعتقله الشرطة. وقد حكمت عليه محكمة انفيرس الجنائية بـ 8 سنوات. ثمة منظمة أخرى يطلق عليها « موكرو مافيا » تقع تحت سيطرة مغاربة من هولندا وزعيمها رضوان التاغي الذي يوجد رهن الاعتقال. وغالبا ما ينزل عناصر هذه المافيات إلى بلجيكا قادمين من هولندا للقيام بعملياتهم الإجرامية قبل العودة إلى نقطة انطلاقتهم. تتراوح أعمار هؤلاء القتلة، تحت الطلب، بين 16 و18 سنة. ويتقاضون ما بين 250 و 500 يورو، ويمنح لهم مسدس وعنوان الضحية. وتتألف «موكرو مافيا» من مغاربة إما ولدوا ببلجيكا وهولاندا وإما وصلوا في سن مبكر إلى هذين البلدين رفقة عائلاتهم.
اليوم أصبح التنظيم العنكبوتي، بدءا من تآلف أفراد العائلات، خطرا على أمن ومصالح هذين البلدين. هكذا يعيش الوزير الأول الهولندي والأميرة أماليا تحت حماية أمن مشدد تجنبا للاختطاف. وتشير صحيفة لوموند في تحقيق لها عن عصابة رضوان التاغي الذي يوجد رهن الاعتقال، فيما ألقت شرطة كولومبيا القبض على مساعده سعيد الرزوقي، أن الاختطاف وبالأخص اختطاف شخصيات سياسية وازنة لمقايضتها بإطلاق سراح التاغي، هو عنصر ضغط وابتزاز تعمل المنظمة على تنفيذه. الكل اليوم يهاب هذه المنظمة، بوليس، قضاة، صحافيين. داعت شهرة «الموكرو مافيا» إلى درجة تحولت قصتها إلى مسلسل تلفيزيوني من عدة حلقات شاهده جمهور عريض من المتفرجين الهولنديين. مقتل فردوس لا يعدو كونه حلقة ضمن عدة حلقات في حرب مافيات المخدرات لكسب المزيد من المال والسلطة ولو بثمن حصد أرواح الأطفال الأبرياء.