بالتي هي أحسن وأنبل

بالتي هي أحسن وأنبل
 
 مصطفى المنوزي
 
   يوم أمس السبت 11 فبراير التأمنا كمؤسسين وقدماء أعضاء المكاتب التنفيذية للمنتدى أي كمسؤولين (سابقا) عن تدبير شؤون واستراتيجيا المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف بالمقر المركزي للكنفدرالية الديمقراطية للشغل، عشية إنعقاد المؤتمر الوطني السادس، وقد تمت دعوتنا من المكتب التنفيذي الحالي للتفاعل مع سؤال مآل المنتدى بعد نيف وعقدين من الوجود والفعل والتأطير والحركية والقلق الفكري والصراع الاجتماعي والحقوقي بمقاربات سياسية وقانونية وقيمية وأخلاقية!
في بداية الاجتماع، ولهول اللحظة، سادت الرهبة والتوجس والتردد والارتباك على قدر جسامة مهمة ومسؤولية التفاعل مع سؤال مصير إطار حقوقي أسس لتجربة فريدة من نوعها في العالم، ألا وهي معالجة ومساءلة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، من اعتقالات تعسفية مقترنة بالتعذيب أغلبها تماهى أو تحول إلى إختطاف سياسي أو احتجاز طويل الأمد، بعضها نتجت عنه اغتيالات أو إعدامات فيزيائية أو معنوية / سياسية / رمزية .تجربة استثنائية لأنها عالجت وساءلت السياقات والأسباب وفتحت مطلب الحقيقة والعدالة ، وبلورت مشاريع القطع مع الماضي مع نفس النظام السياسي ومن داخل استمراريته، وبغض النظر عن تكلف الحقوقيين محل السياسيين في إدارة مقتضيات “العدالة الانتقالية” على الطريقة المغربية وخصوصياتها؛ فإن الثمرة التي لا يمكن إلا نعتز بها ونثمنها ، ألا وهي توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة كزبدة تسوية سياسية، غلبت فيها المقاربة التعويضية وسادت، في حين عرفت ضمانات عدم تكرار الانتهاكات تعثرا كبيرا، ناهيك عن عدم استكمال مقتضيات مطلب الحقيقة ومطلب إنصاف بعض الناجين من جحيم المعتقلات السرية، ضحايا الإختفاء القسري وذوي حقوقهم. وهي ملفات عالقة تدفعنا إلى مساءلة أدوار الفاعلين السياسيين من مسؤولين وصانعي القرار السياسي والأمني، ومن مكلفين بإنفاذ القانون، وغيرهم من السياسيين ، وعلى الخصوص الحزبيين والبرلمانيين . فقد حان الوقت لكي تصير مضامين استراتيجية المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف وتوصيات المناظرة الوطنية حول الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وكل ما انبثق من أدبيات وتوصيات الطيف الحقوق والهيئات الوطنية والعمومية والإستشارية ذات الصلة ، وبالأخص توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة ، شأنا مجتمعيا مؤطرا بتدبير عمومي تشاركي ، لأن المنتدى نفسه لم يعد ملكا حكرا على الضحايا ، ولحاجتنا للمسافة الموضوعية الضرورية، فمطلب عدم التكرار وسن ضماناته وملاءمة الإجراءات المتعلقة به كونيا تقتضي تأميمه وجعله شأنا سياديا، خاصة وأن المغرب يعيش مخاضا في العلاقة مع مطلب القطع مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والوطن، مما يعني ربط عدالة الإنتقال السياسي والديمقراطي في العلاقة مع توترات الجوار وفلول الإستعمار وبفك الارتباط مع الوكالات واامؤسسات المالية والأمنية ذات الصلة. لذلك فمصير المنتدى غير مرتبط بمجرد قرار بل بالحاجة الوطنية وبالخصاص الحقوقي، ومادام الصراع السياسي والاجتماعي والثقافي قائما، فالحاجة ستظل عظيمة إلى سلمية تقريره وشرعية تدبيره بمشروعية مأسسته ، وبالتالي فالجواب عن سؤال المآل لا يمكن تأمينه إلا بدمقرطة النقاش حوله عموميا ومؤسستيا بنفس جدوى وأهمية ومقتضيات أسئلة تقرير المصير.
شخصيا تفاعلت مع اللحظة وكأني أزاول طقوس الفقد، رغم أنني لست من يقدس الوعاء على حساب المحتوى، فرجاء مزيدا من التأمل والتبصر والنجاعة مع احترام المشاعر واستقلالية القرار والاختيار .
 
Visited 6 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

مصطفى المنوزي

رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن