تسميم طالبات إيران يقلق العالم.. ومحمدي مستعدة للشهادة حول التعذيب والاغتصاب
السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير
مع استمرار حالات التسمم المتسلسلة في المدارس الإيرانية، تصاعدت ردود الفعل العالمية على هذا “الاغتيال البيولوجي”، حيث أعربت أستراليا، إلى جانب أميركا، عن قلقهما بشأن تسمم التلميذات في المدارس. كما حذرت “اليونيسف” من تداعيات هذا الحادث على نسبة تعليم الطلاب وخاصة البنات.
وفي أحدث حالات تسمم للطالبات في إيران، أعلنت وكالة أنباء “ركنا” الإيرانية عن تسمم 15 طالبة في مدينة أصلاندوز في أردبيل، شمال غربي البلاد، ونقلت عن مسؤول العلاقات العامة بمحافظة أردبيل قوله: “أصيبت 15 طالبة بالتسمم وهن الآن بالمستشفى لتلقي العلاج”.
ولكن بعد وصول ظاهرة التسمم إلى العاصمة خلال اليومين الماضيين، أعلن المدعي العام في طهران، علي صالحي اليوم، عن متابعة الملف قضائيا “في الفرع الخاص لمحكمة طهران”، وقال إن “تحقيقات شاملة” بدأت حول تسمم الطالبات.
وأمس الأربعاء، أفادت التقارير الواردة من إيران بتعرض طالبات 26 مدرسة في مختلف المدن الإيرانية، لحالات تسمم بعد تعرضهن لاستنشاق “روائح مجهولة” لا يعرف مصدرها، مما أدى إلى نقل العديد من الطالبات إلى المراكز الطبية.
من جهته، قال رئيس جامعة أردبيل للعلوم الطبية، علي محمديان إنه تم نقل 400 طالبة من 11 مدرسة في هذه المحافظة إلى المستشفيات بواسطة سيارات الإسعاف الطارئة وبعضهن من قبل عائلاتهن، ولا تزال 100 طالبة في المستشفى تعاني من أعراض تسمم شديدة.
وتأتي زيادة معدلات هذه الحوادث التي بدأت منذ 3 أشهر واستهدفت في أغلبها مدارس للبنات في مدينتي “قم” و”بروجرد” فيما رفض المسؤولون والمؤسسات الإيرانية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحديد واعتقال المتورطين.
وعلى الرغم من هذه الإحصائيات، التي أثارت قلقًا كبيرًا بين الطلاب وأسرهم، زعم وزير الداخلية الإيراني، أحمد وحيدي أن أكثر من 90% من الطالبات “تدهورت حالتهن بسبب التوتر”، ولم يتم العثور على مادة سامة محددة حتى الآن، وأضاف أنه لا توجد تقارير نهائية عن الحادثة حتى الآن، ولا تعرف المؤسسات الأمنية من يقوم بهذه الهجمات.
ونفت وكالة أنباء “إرنا” الحكومية الرسمية في إيران، في مقال لها وجود هذه “الهجمات البيولوجية” على الطالبات، وزعمت: “من المحتمل في بعض الحالات أن تنجم الأحداث بسبب شغب وفضول الطالبات أو خوفهن النفسي”.
علما أن السلطات الإيرانية قبلت، بعد 3 أشهر من النفي والإنكار، وجود هذه الظاهرة المتعمدة في “بعض المدارس” وتحاول توجيه أصابع الاتهام إلى “الأعداء وإسرائيل والمنافقين” وتحميلهم مسؤولية هذه “الاغتيالات الكيماوية“.
فيما أعرب عدد من المسؤولين السياسيين والمؤسسات الحقوقية في إيران والعالم عن قلقهم إزاء استمرار هذه الهجمات على الطالبات. وأكدت وزارة الخارجية الأسترالية، رداً على سؤال مراسل “إيران إنترناشيونال” حول حالات التسمم في إيران: “إن الحكومة الأسترالية قلقة للغاية بشأن الأنباء الواردة بشأن تسمم مئات الطالبات في عدة مدن إيرانية”. وقالت: “نحن نتابع الحدث عن كثب ونراقب الأوضاع بدقة”.
من جهة أخرى، كتبت السيناتورة كلير تشاندلر، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والتجارة بمجلس الشيوخ الأسترالي، على حسابها في “إنستغرام”: “هجوم مروع آخر على فتيات إيرانيات… تسمم تلميذات المدارس هو أحدث تكتيك من الوحوش لمواصلة الظلم على النساء والفتيات في إيران“.
في الوقت نفسه، أعلن مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في إيران، ردًا على استمرار ظاهرة تسمم الطالبات في إيران، أنه يتابع الأخبار المتعلقة بحالة التسمم عن كثب. وأكد مكتب اليونيسف في إيران أن “المدرسة هي ملاذ آمن للأطفال والمراهقين للتعلم في بيئة آمنة وداعمة. مثل هذه الحوادث يمكن أن تترك تأثيرا سلبيا على معدل تعليم الأطفال، وخاصة الفتيات”. كما وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية عمليات التسمم المتسلسلة للطالبات في مدارس إيران بأنها “مقلقة للغاية” و”مثيرة للاشمئزاز”، وقال: “التعليم حق عالمي، والنساء والفتيات في كل مكان من العالم لهن الحق في الحصول على التعليم والتربية”.
وأضاف: “نتوقع من السلطات الإيرانية أن تحقق بشكل كامل في تسميم الطالبات، وأن تبذل كل ما في وسعها لإنهاء هذه الأعمال ومحاسبة المسؤولين”.
من جهة اخرى، دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي شكل لجنة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان أثناء قمع الانتفاضة المناهضة للنظام في طهران الإيرانيين لإرسال المعلومات والوثائق والتقارير المتعلقة بقمع النظام للاحتجاجات إلى المجلس.
ونُشرت الدعوة على موقع مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، طلبت من الأفراد والمجموعات والمنظمات في جميع أنحاء العالم إلى تقديم معلومات وتقارير وأدلة إلى المجلس حول قمع الاحتجاجات في إيران.
وتنص على أن التقارير والوثائق يجب أن تكون حول الاحتجاجات التي انطلقت بعد وفاة مهسا أميني في سبتمبر (أيلول) الماضي، بما في ذلك الانتهاكات ضد النساء والأطفال والأقليات. وأكد مجلس حقوق الإنسان على أن “القمع العنيف للاحتجاجات السلمية من قبل القوات الأمنية الإيرانية، بما في ذلك السجن التعسفي والاعتقالات، والعنف الجسدي والجنسي، والإفراط في استخدام القوة، والتعذيب، ومقتل مئات المتظاهرين، وحجب الإنترنت، والاعتقالات التعسفية للأطفال المشاركين في الاحتجاجات هي من بين القضايا التي سيتم التحقيق فيها”.
ومع ذلك، أكد المجلس على أنه لن يقتصر على هذه الحالات وسيقوم بدراسة حالات أخرى في حال تم الإبلاغ عنها حول قمع الاحتجاجات.
في وقت سابق، أعلن فيديريكو فيليغاس، رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أسماء أعضاء لجنة التحقيق المتعلقة بالاحتجاجات الإيرانية، وعين المحامية البنغلاديشية، سارا حسين كرئيس لجنة التحقيق، بالإضافة إلى عضوية كل من شاهين سردار علي من باكستان، وويويانا كرستيجويج من الأرجنتين.
وفي 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، اعتمد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في اجتماع خاص حول قمع الانتفاضة الثورية الإيرانية من قبل الجمهورية الإسلامية، قرارًا تم بموجبه تشكيل لجنة دولية للتحقيق حول قمع الاحتجاجات في إيران. ووفقًا لتقارير المنظمات الدولية، قُتل أكثر من 500 متظاهر على أيدي قوات الأمن الإيرانية خلال الاحتجاجات الشعبية في إيران .
وكتبت الناشطة الحقوقية الإيرانية نرجس محمدي رسالة من السجن ردا على نفي وزير الخارجية الإيراني وقوع حالات اعتداء جنسي على النساء في المعتقلات، وقالت إنها على استعداد للإدلاء بشهادتها في هذا الخصوص، مؤكدة أنها شاهدت عدة نساء وعليهن آثار التعذيب بعد نقلهن من مراكز التحقيق إلى السجن.