أطياف يْمَا
بقلم غيلان خالد
الرحيل…..
يما هل رحلت؟
أين أنت؟
هل تصغي إلينا؟
من يمنعك يا يما عن الرد؟
الهمس؟
والبوح؟
واللمس؟
من يفعل كل هذا بالأمٌ؟
فصل الأصل عن الفرع!
ها هي دموع الوداع،
الجاثمة على الصدر…
دعواتنا…
هل بالإمكان الاحتجاج،
مثلا الاحتجاج على الموت؟
على الفراق الصعب،
للوجه؟
اليقين…حضرة برزخية.
يوما نمضي إليك حيث أنت…
بركوب أول غيمة،
عند اقترابها من التل.
في انتظار ذلك،
الدعوات،
عند كل فجر،
وفي أي وقت.
الحضن…
أينما كنتِ،
يا يما،
فروحكِ،
وجدان،
أطياف الأٌنس.
متسامحة أنتِ،
يا يْما..
المتسلطةُ…ليستْ أنتِ.
نقذف بالكرة،
فتنكسر الأواني الزجاجية،
رميماً، الفوضى في الأكان.
ونحن نتدرب على حراسة المرمى في الصحن.
ارتماءات على فراش البيت…
وأخرى في حضن الأم …
ذكريات حلوة،
مذاقها مثل الشهد…
تقوم من مكانها،
لدقيق القمح،
تفاجؤنا بإعداد “الإسفنج”.
ولا تبالي بالأشياء،
إن انكسرت….
يْمَا ….الحرية…
الأم أحاسيس جميلة،
كيان بلا حدود…
مراقبتها هي وقاية أجسادنا
في أيام البرد والحر.
بعد نومنا،
تعيد وضع الغطاء،
مرات ومرات…
تعيد الكتاب إن سقط للرف،
فتخبرنا بما وقع عند الصبح،
تفسير الأحلام….
أعود كل مساء،
لآثارك …
أطيافاً…
تطفو؛
وجدت حبك في الجوف..
تابعت أثره عند الأخرين…
في الجهر والصمت،
اعترافات….
بالخبز القمحي مع الزيت،
وقهوة المساء…
والجدال،
من دون لجم…
لأقوال السائلين،
للشغف،
وأفعال كل الحالمين
حتى وإن اختلفوا…
فأنتِ هي أنتِ….
فضاءَ الحرية.
أن تكون…
في حضرة الأم ؛
تصير طائرا متكلماً،
فارسا مغواراً،
وشاعرا رقيقاً،
رئيساً،
ممثلاً،
بهلواناً،
طفلا مشاغباً،
تتكلم بدون قيد،
أو شرط؛
في السياسة،
في الدين،
في الجنس،
والجن،
وأسرار إعداد الجبن.
كل من يعرفنا،
هو سلطان بالبيت،
الباب مُشرع،
والمطبخ لا باب له أصلا…
ستارٌ من ثوب فق:
“رواق”.
العوالم في الحقيبة…
حقيبتك الأولى بُنية مستطيلة، أتذكرها،
تقليدية الصنع،
في جوفها،
مكحلة وسواك،
رزمة مجهرية
بها تراب،
دليل زيارة، مزارات:
خلوة مولاي عبد الله الغزواني،
ضريح سدي علال الحاج،
بالحرايق.
قطعة حجر مشيشية،
من جبل العلم.
بداخل الحقيبة، عود القماري،
نجوم،
وكواكب،
لا تعد ولا تحصى…
حقيبتك الأخيرة:
علبة سوداء!
مجهولة الصنع،
لا شرقية ولا غربية،
فقط شاهدة،
بها وثائق ثبوتية،
جواز سفر،
صوراً لزوجك،
لأبنائك وأحفادك،
وعطرك المفضل،
أشياء أخرى:
صيدلية؛
بها أدوية كثيرة …
أثار العودة من عمرة…..
الصندوق…
صندوق أندلس،
ورثناه، خشبي مزركش،
وصل مع يما عروسة،
على ظهر بغلة ليلا؛
زغاريد…
الميلاد،
الفرحة والدمعة…
العروسة،
مع الظهر،
هذه المرة ودعتنا
لوجهة أخرى.
الموسم، موسم الحصاد،
على نعشها رحلت….
فوق عود من قمر،
ركبت…
عمارية أخرى.
قبل الرحيل،
أشارت بأصبعها للسماء،
الشهادة…
أشارت،
لشجرة بها برقوقة حمراءْ…
حملقت في نظرات،
لجوانب من الرميد الأحمر…
للسماء لمحتْ،
كانت ممددة على الأرض،
محاطة بجمع غفير…
تلاوة الذكر الحكيم…
دموعنا اختلطت مع دموع من حضروا،
<
p style=”text-align: justify;”>ومن اتصلوا،
فالبقاء الفينا هو هذا الفناء.