في ذكرى رحيل المناضل اليساري محمد تيريدا

في ذكرى رحيل المناضل اليساري محمد تيريدا

 رفيق

   الحديث عن الفقيد المناضل اليساري محمد تيريدا، لا ينفصل بالضرورة عن استرجاع تاريخ اليسار الماركسي المغربي، من خلال رصيده النضالي عبر بنياته التنظيمية الأولى داخل تجربة الحركة الماركسية اللينينية المغربية، في ارتباط مع جدلية القمع والنضال.

ارتبط المسار النضالي للرفيق محمد تيريدا بالتجربة النضالية للحركة التلاميذية المغربية، التي ارتبطت تاريخيا بنضال الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، سواء في إطار وداديات التلاميذ أو النقابة الوطنية للتلاميذ، وهي نقابة وطنية ثورية سرية التحمت نضاليا بالبرنامج النضالي الثوري لليسار الماركسي المغربي، وكان الفقيد هو كاتبها الوطني، بمعية قيادة وطنية من أهم أطرها: فؤاد الهيلالي، ومصطفى أنفلوس، ومحمد البكراوي، والطاهر محفوظي… وآخرين.

تأسست النقابة الوطنية للتلاميذ في ظروف سرية تامة يوم 22 أبريل 1972، في سياق تحضير الحركة الطلابية للمؤتمر الوطني الخامس عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، الذي سيتوج بسيطرة اليسار الماركسي (منظمة “إلى الأمام”، ومنظمة “23 مارس”) على كافة الأجهزة الوطنية للمنظمة، ومن تم المصادقة على أهم المقررات السياسية المعلومة: (إدانة الإصلاحية كرد على انسحاب الطلبة الاتحاديين وطلبة حزب التحرر والاشتراكية من المؤتمر (وهم أقلية)، حق التلاميذ المغاربة في التنظيم النقابي، حق سكان الصحراء المغربية في تقرير مصيرهم، بتوصية من الطلبة الصحراويين)، كما تمكنت هذه القيادة من الإشراف على تنظيم أكبر مخيم صيفي للتلاميذ المغاربة في صيف 1972، وبشكل سري أذهل الجميع، وهو مخيم كانت فكرته مستمدة من تجربة “طريق الوحدة” التي أشرف عليها الشهيد المهدي بن بركة ومن تجارب الثورة الثقافية الصينية…

بدأ محمد تيريدا مساره كتلميذ بثانوية محمد الخامس بالدارالبيضاء، حيث سيؤسس لجنة تلاميذية نقابية داخل الثانوية عرفت باسم (الشبيبة التقدمية المغربية) رفقة أحمد حرزني، محمد محجوبي ولغريسي وآخرون، في سياق الحركة النضالية للتلاميذ، كما تميزت هذه اللجنة بدورها الريادي في قيادة انتفاضة 23 مارس 1965، والنقاش السياسي التقييمي الذي أعقب قمعها الدموي، حيث سيحضر مناضلوها بشكل واضح أثناء محطة تأسيس “منظمة 23 مارس” بمدينة الدارالبيضاء، في نفس اليوم من سنة 1970، كتتويج لنقاش طويل بين المجموعات الماركسية التي عرفتها مجموعة من المدن والمناطق بالمغرب وفرنسا…

من أهم المحطات النضالية التي ميزت الأداء النضالي للفقيد الرفيق محمد تيريدا، دوره المتميز في حماية التنظيم وتأمين استمراريته النضالية، بعد الضربة القمعية الأولى 1972، والتي أرغمت عددا من القياديين على الخروج نحو  المنفى (الجزائر ثم فرنسا ). كما فرضت على الآخرين الانخراط في حياة السرية التامة، وهي الضربة العميقة التي مست “منظمة 23 مارس” وباقي تنظيمات اليسار الماركسي…

أثناء الضربة القمعية القوية التي مست النقابة الوطنية للتلاميذ في مارس 1973، عندما اقتحمت قوات البوليس المقر الوطني السري للنقابة، حيث كانت القيادة الوطنية مجتمعة، بعد اعتقال أحد الطلبة بفاس واعترافه بعد التعذيب بكل التفاصيل، فأثناء اقتياد الجميع نحو كوميسارية المعاريف بالدارالبيضاء، طلب الفقيد تيريدا من جميع رفاقه المعتقلين، تحميله وحده المسؤولية، أثناء مواجهة التحقيق…!

أثناء انشقاق منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، وبسبب الموقف السياسي من دستور شتنبر 1996، يتذكر التقدميون المغاربة مقالاته الأسبوعية السياسية والنقدية المنشورة في جريدة “الأنوار”، وتميزت بالعمق والتركيب الشمولي الرصين بين الخلفية الثقافية/الفكرية الغنية، والتفكيك السياسي العميق رغم واقع التهميش السياسي والتنظيمي الذي عانى منه داخل منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، بسبب طروحاته المتميزة أمام التصورات السياسية الليبرالية والقومجية السائدة  والمستندة إلى تسييد  الحلقيات التنظيموية.. (فيس بوك)

Visited 4 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة