هل يسعى النظام الإيراني نحو التعايش السلمي مع العالم؟
حسین عابديني
منذ بداية السنة الايرانية الجديدة، زادت التصريحات والمواقف الصادرة عن قادة النظام في إيران، والتي تميل إلى إبداء المرونة والحديث عن التعايش السلمي والمحافظة على الأمن والاستقرار والتعاون بين البلدان، وما إليه من مفردات ومصطلحات بنفس السياق، ويبدو أن هناك البعض ممن يميلون إلى الثقة بذلك، وحتى يتحدثون ويعقدون عليه الآمال، لکن هل حقا إن النظام الايراني يميل للتغيير وأن قادته يعنون فعلا مايقولون؟
عند صدور أي تصريح أو موقف مميز، سواء کان يميل للتشدد أو العکس من ذلك، فإنه يجب علينا أن ننظر للأوضاع المختلفة للنظام ومحصلتها النهائية، من حيث إنه في موقف قوة أو ضعف، إذ من دون ذلك فإن البناء على المواقف والتصريحات الصادرة من النظام وجعلها مقياسا للحکم عليه، يقود إلى صدور أحکام خاطئة وغير صحيحة بالمرة، ومن هنا فإن المواقف والتصريحات الصادرة منذ بداية السنة الإيرانية الجديدة “21 مارس 2023″، ولحد الآن، يجب السعي لعملية استقراء دقيقة لها، والسبب أو الأسباب والعوامل التي تقف خلفها.
بداية نريد أن نتمعن في الأوضاع العامة للنظام الإيراني في الوقت الحاضر، وهل إنها جيدة ومستقرة أو على الأقل عاديـة ومتوسطة الحال، وهل إن النظام متماسك والسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية متعاونة ومنسقة فيما بينها؟ قد لانبالغ کثيرا إذا ماقلنا بأن الأوضاع العامة للنظام هي على أسوء ماتکون، وحتى إن التضاد والتناقض بين السلطات الثلاثة لم يصل طوال أکثر من 4 عقود إلى ماهو عليه الآن من حالة من الاختلاف والانقسام، والذي يلفت النظر أکثر وحتى يضع علامة استفهام کبيرة على النظام ککل، هو إن هذه الحالة والأوضاع السلبية للنظام وخصوصا فيما بين السلطات الثلاثة، وعلى الرغم من نداءات خامنئي لرص الصفوف فيما بينها وضرورة التعاون والتنسيق، يأتي في وقت يسيطر فيه الجناح المتشدد التابع لخامنئي على هذه السلطات وله اليد الطولى فيها!
غير أن النقطة الأهم والتي لم نطرحها ونتطرق إليها حتى الان، هي ماقد نجم واستجد وتداعى عن انتفاضة 16 سبتمبر 2022، التي برزت فيها وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق بصورة غير مسبوقة، والتي استمرت لسبعة أشهر وجعلت أنظار العالم کلها تتجه إلى إيران، ومخطئ وغير منصف، بل وحتى يمکن القول بأنه لن يصل إلى أية نتيجة منطقية في دراسة وتحليل الأوضاع الحالية للنظام الإيراني، من دون أخذ التأثيرات النوعية الفعالة لتلك الانتفاضة عليها.
النظام، وعلى أثر انتفاضة 16 سبتمبر 2022، قد خرج وهو منهك، ويبدو الضعف عليه واضحا، وإن النظام في هکذا أوضاع يلجأ إلى إطلاق عدد قليل من الخطب والتصريحات النارية من أجل الإيحاء بأنه لايزال قويا، لکنه وباتجاه آخر يلجأ إلى إطلاق التصريحات المرنة والمسالمة، والتي تدعو إلى التعاون والتعايش السلمي وما إليه، إذ أن ذلك ليس إلا من أجل ذر الرماد في الأعين من أجل مساعدته على الخروج من المرحلة الصعبة والحساسة الحالية بسلام!