استبكار نصر الله وذر الرماد في عيون اللبنانيين

استبكار نصر الله وذر الرماد في عيون اللبنانيين

حسين عطايا

في اوضح خطاب ادلى به حسن نصرالله الامين العام لحزب الله منذ ما يُقارب انفجار ازمة النظام اللبناني في السابع عشر من تشرين الاول – اوكتوبر ٢٠١٩ ، في 12 الجاري بذكرى ما يعرف بحرب تموز 2006،  إذ تمحور خطابه الأخير حول الفراغ الرئاسي ومرشح الحزب سليمان فرنجية ،  موضحا بصراحةٍ تامة وجلية وظاهرة للعيان، على انه لا يعترف بلبنان كدولة ولا يحترم دستور الجمهورية اللبنانية ، حيث  قال بصريح العبارة ، انه هو وحزبه لم يطلب يوماً ضمانات دستورية لسلاحه ولايحتاج لذلك من احد ، مايطلبه هو رئيس على شاكلة إميل لحود وميشال عون، لانهما  لم يطعنا مقاومته بالظهر ، وهو لذلك رشح سليمان فرنجية ولن يتخلى هو وحزبه وتابعه في الثنائية نبيه بري على الاطلاق  .

هذاه المصارحة تعبر بشكل جلي عن مكنونات نصرالله وحزبه ومن خلفه الدولة الراعية له ايران ومرشدها وحرسها الثوري ، ومردُ ذلك الى ان فائض القوة الذي بلغه حزبه من مجموعة عمليات القضم الذي اقدم عليها منذُ العام ٢٠٠٥ ولليوم مكنته من السيطرة على الدولة اللبنانية بكاملها ، وهو روض مؤسساتها ودجن بعضها الاخر ، حتى انه ادخل الكثير من الاتباع الى الجيش اللبناني وهي المؤسسة التي لازالت في بعض الحدود تتمرد وبشكلٍ خجول على حزب الله .
لذا فهو لم يُطالب بتغيير النظام اللبناني لانه في الاساس لايعترف بلبنان كدولة او كيان بل هو يسعى لما هو اكبر من مُجرد كيان زرعه الاستعمار في خاصرة سورية “وفق مايعتقد”، بل طموحه وحزبه بلبنان ولاية مُلحقة بدولة الولي الفقيه في ايران وهذه الولاية مع شقيقاتها ممتدة من البحر الابيض المتوسط مروراً بسوريا الى العراق وصولاً لطهران ، و كلُ مايتحدث عنه الاعلام والكُتاب والصحافة بمختلف تلاوينها سقط وبالضربة القاضية .

النقطة الثانية في الخطاب وهي ثانوية لانه لم يأت على ذكرها إلا لشحذ همم الأتباع من حزبه واصدقائه وحلفائه، موضوع الخيمتين التي اقدم حزبه على نصبهما خارج الخط الازرق في مزارع شبعا المحتلة، وهو شدد على ان هذه الخيم هي التي ستُحرر الجزء الشمالي من قرية الغجر المحتلة ، وبالتالي فتحت باب المفاوضات لتحرير مزارع شبعا ، وفي هذا كلام حق يُرادُ بهِ باطل فقط ليذر الرماد في العيون ويُزايد على بقية اللبنانيين ، وقد بدا واضحاً من خلال هذه النقطة ان حزب الله هو ضرورة جدية ومُلِحة لحكومة نتنياهو اليوم، وهما اي حزب الله وحكومة إسرائيل المتطرفة يؤدون خدمات متبادلة لبعضهما البعض، ففي كل مرحلة يتم توتير الاوضاع على الحدود الجنوبية ضمن مسار خارطة اشتباك واضحة المعالم تؤدي دورها في كل حالة تأزم تُضيب الحكومة الاسرائيلية او كُلما تعقد الامر في الداخل اللبناني ومن خلاله تهتز صورة حزب الله ، لاسيما ان الدخول الاميركي على خط ماسُمي بالتهدئة لم يأت مُصادفة عبر وجود آموس هوكشتاين في تل ابيب لبحث مواضيع متعلقة بالنفط والغاز وموضوع شبعا والحدود الشمالية لفلسطين المحتلة .

النقطة الثالثة موضوع الحوار، ركز كثيراً في إطلالته على الحوار وظهر كحمامة سلام وكمن يتخذُ الحوار سبيلا واسلوب عمل ، وقد دعا لحوار بدون شروط ، لكنه لم يتحدث عن موضوع الحوار وما سينتج عنه وكأن اللبنانيين والقوى السياسية تمتلك ذاكرة السمكة فتنسى بلحظات ما قد سبق .

وهنا نُذكر  لِنُنعِشَ الذاكرة :
مُنذُ إنطلاقة حزب الله في اوائل ثمانينات القرن الماضي ولتاريخه لم يعتمد او ينتهج حزب الله يوماً قط على مُسميات الحوار ومخرجاته بل اعتمد على الحسم العسكري في كل معاركه حتى السياسية منها .
وفي هذا الشريط نُعيد بعضاً مما حدث :
في اواسط الثمانينات ويوم كانت المقاومة الوطنية ومعها بعض فصائل او مجموعات حركة امل لم يستسيغ ان يُشاركه احد اعمال المقاومة، فاقدم على تنفيذ اغتيالات لكوادرها حتى انهى وجودها وطبعاً بمباركة من النظام السوري يومها فبذلك استلم حصرية المقاومة واصبحت إسلامية .

في علاقاته بشريكه في الثنائية اليوم لم يُحاور على الاطلاق بدأت معاركه مع امل من الضاحية وصولاً الى اقليم التفاح وباقي الجنوب حتى انهى وجود امل في الضاحية ومُمارساته فيما بعد، ساهمت بتدجين الحركة ليُصبح رئيسها نبيه بري مُجرد تابع، واحد الوجوه التي يُحركها حزب الله وايران ، وفي معاركه هذه سقط قتلى مايزيد عن اعداد اللذين سقطوا في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي من شيعة الجنوب ولبنان بكثير .

في العام ٢٠٠٦ أُقيمت طاولة حوار واتُخذت فيها قرارات لم يُطبق منها شيء على الاطلاق .
في عهد الرئيس ميشال سليمان حوار بعبدا وإعلانها كُلنا يتذكر مقولة محمد رعد الشهيرة ” اعلان بعبدا بلوه وشربوا مائه ” وغيرها وغيرها الكثير ، لذلك اي حوار مع حزب الله هو مضيعة للوقت وفيه مصلحة للحزب فقط ويدفع ثمنه لبنان وشعبه بشكلٍ عام ويستفيد منه فقط حزب الله لتمرير مشاريعه .
إحزب الله حالة سرطانية غريبة عن المجتمع اللبناني بممارساتها وعملها ، وعلى وجه الخصوص يقوم بتثبيت تقاليد واعراف حتى في التشيع ليُصبح تشيُعاً فارسياً لا يشبه مذهب الشيعة اللبنانيين على الاطلاق .

حزب الله ،  إمتداد فارسي بأوجهٍ لبنانية حتى احاديثها تتحدث اللبنانية بلكنةٍ فارسية لا تشبه لهجة اللبنانيين الشيعة ولا تقاليدهم التي مرَ عليها قرونٍ وعقودٍ وازمنة كثيرة .

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني