الغرف السوداء والأقبية المشبوهة .. وأمن لبنان
حسين عطايا
شهدت الأيام الثلاثة الماضية مجموعة أحداث أمنية، تُنذر بالخطر الداهم الذي ينتظر الساحة اللبنانية، وما يُحاك لها في الغرف السوداء وبعض الأقبية المشبوهة .بدأت مع إطلاق النار على الباب الرئيسي للسفارة الاميركية في منطقة عوكر شرق العاصمة بيروت، ومن ثم حدثت عملية إطلاق نار على مركز لــ “القوات اللبنانية” في حوش الامراء بالقرب من مدينة زحلة اللبنانية في سهل البقاع، مع رصد متابعين في منطقتي الشوف وعالية لسيارت ذات زجاج داكن تحمل لوحات سورية وقد استطاع بعض الأهالي من حجز إحدى السيارات وتم تسليمها لمخابرات الجيش اللبناني وبداخلها شُبان سوريين ومعهم سلاح فردي .
هذه الحوادث وخصوصاً ما حصل امام السفارة الاميركية في عوكر يُثبت بأن الأمن اللبناني مُتفلت ومشوبٌ ببعض الترهل حتى لا يُقال اكثر .
ففي قوى الامن الداخلي سريةٌ تحت اسم “امن السفارات”، حيث من الممكن ان يكون لها نقطة مُراقبة وحراسة امام سفارة الولايات المتحدة الاميركية، فأين كانت لحظة وقوع الحادث، لأنه وبعد مرور ما يزيد عن اربع وعشرين ساعة لا زالت التكهنات قائمة حول ثلاثة روايات كيف وصل مُطلق النار الى منطقة السفارة، رواية تقول انه وصل على متن سيارة دفع رُباعي من دون لوحات تسجيل، رواية ثانية تقول بأنه وصل على متن دراجة نارية، ورواية ثالثة تقول انه وصل سيراً على الاقدام ودخل منطقة السفارة عبر بوابة من المفترض ان تكون مُقفلة لكن الناطور السوري إدعى انه تركها مفتوحة لان قريب له سيأتي لزيارته، والناطور وقريبه يخضعان للتوقيف والتحقيق .
هذه الروايات الثلاث المُتضاربة، هل ستكون وسيلة التنصل من الوصول لمعرفة الحقيقة وتجهيل الفاعل، كما تعود اللبنانيون وعبر تاريخ ما بعد الطائف أن اي جريمة اغتيال سياسي او جريمة ذات طابع سياسي خصوصاً تتعلق بالمحتل السوري حتى العام ٢٠٠٥ وبعدها بحزب الله منذ ذاك العام وليومنا هذا، مصيرها التجهيل والتمييع لدرجة عدم الوصول الى الحقيقة والشواهد كثيرة وأقربها للذاكرة اغتيال جو بجاني، لقمان سليم، وليس آخرا الياس الحصروني في عين ابل وبالامس السفارة الاميركية .
وهنا لابد من بعض التساؤلات؟ هل إطلاق النار على بوابة السفارة الاميركية المقصود منها رسالة للعماد جوزيف عون لثنيه عن القبول بترشيحه كمرشح توافقي؟
هل هذه الاحداث المتفرقة هي مُقدمة لعمل أمني يفرض العجلة في القبول بمرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية ويحتم ذلك على قوى المعارضة الخضوع والقبول بمرشح حزب الله؟ ام ان في الامر إستعادة لزمن غابر عاشه لبنان واللبنانيين في اواخر تسعينات القرن الماضي، حين كَثُرت الاعمال العدائية تجاه البعثات الدبلوماسية والدبلوماسيين، وحيث كانت الاحداث تجري في بيروت ويتم التفاوض في دمشق ويجري قبض الثمن في طهران؟ ام ان الامر مجرد احداث عابرة وغير مُرتبطة ببعضها البعض؟.
كل هذه التساؤلات مشروعة وتحفز المواطن اللبناني الذي يئنُ تحت ثِقل الازمات المتعددة من اقتصادية إلى مالية وسياسية ومعيشية والفراغ الرئاسي وما يترتب عنه من انهيار لمؤسسات الدولة اللبنانية وتفلت زمام الامر وصولاً للتفلت والتسيب الامني حيث ازداد معدل الجريمة المُنظمة عشرات المرات وفق إحصاءات قوى الامن الداخلي وبقية الاجهزة الامنية .
هل هذه الاحداث مرتطبة مع موجة النزوح السوري الذي يشهدها لبنان عبر معابر غير شرعية وبتوجيه ومن ثم صمت سوري عن مُكافحة هذا التهريب؟
كل هذه الأمور ليست صُدفة ولن تكون، بل هي جراء خطة مُحكمة تُنفذ لارباك ما تبقى من مؤسسات الدولة اللبنانية واغراق لبنان بجموع النازحين والذي بلغ حدوداً تُنذِر بتغيير الخارطة الديمغرافية للبنان، وكأن الأمر ليس مُجرد عمليات نزوح بل هو بمثابة غزو سوري جديد بعد خروج الجيش السوري في نيسان من العام ٢٠٠٥ .
هذه الأمور مُجتمعةً معطوفة على ما حصل ولازال، في مُخيم عين الحلوة تدُل على خطر ينتظره لبنان يُنذر بمخطط جهنمي يُحاك وفق ما تقتضيه العمليات الجارية في إعادة رسم خارطة المنطقة وفقاً لمبرنامج مُمنهج لازالت بعض معالمه غير واضحة او غير ناضجة إنما على الطريق.