ماذا حقق زيلينسكي في الولايات المتحدة؟

ماذا حقق زيلينسكي في الولايات المتحدة؟

 د.خالد العزي

كما كان مقررا استقبل الرئيس الأميركي جو بايدن امس الخميس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤكدا  على وصول أولى دبابات “أبرامز إم 1” الأمريكية إلى أوكرانيا “الأسبوع المقبل”، لتعزيز قدرات كييف على التصدي للقوات الروسية وإنجاح هجومها المضاد.  وأعلن بايدن موافقته على الشريحة التالية من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، التي قدرها البنتاغون بـ325 مليون دولار. بينما ناشد الرئيس الأوكراني المشرعين الأمريكيين مواصلة دعم بلاده في الحرب مع روسيا.

وتشمل شريحة المساعدات الأميركية صواريخ للدفاع الجوي، وذخيرة لمنظومات هايمارس الصاروخية، وأسلحة مضادة للدبابات، وطلقات مدفعية، لكن الحزمة لا تشمل صواريخ “أتاكمس” الأمريكية بعيدة المدى، التي طالبت بها كييف مرارا، الا انها ستحصل على طلقات مدفعية عيار 155 ملم، تحوي ذخائر عنقودية كانت واشنطن قد وافقت للمرة الأولى على تزويدها بها في تموز/يوليو، على الرغم من مخاوف من مخاطر تتهدد المدنيين على المدى الطويل جراء القنابل غير المنفجرة.

فيما كانت الولايات المتحدة تروج إلى حصولها على ضمانات تخفض إلى أقصى حد المخاطر التي تشكلها هذه الأسلحة على المدنيين، وعدم استخدامها في مناطق مأهولة.

وكانت واشنطن تعهدت تسليم أوكرانيا 31 دبابة أبرامز في مطلع العام، في إطار تعهد بمساعدة عسكرية بأكثر من 43 مليار دولار. وستكون الدبابات مزودة بطلقات من اليورانيوم المنضب خارقة للدروع عيار 120 ملم.

وكان زيلينسكي قد زار الكونغرس محذرا جمهورييه المترددين في إقرار حزمة جديدة من المساعدات الكبرى لأوكرانيا، من أن بلاده تواجه خطر خسارة الحرب أمام روسيا في حال توقف تدفق الدعم. وكتب على منصة إكس: “شددت على أن انتصار أوكرانيا يضمن ألا تزعزع روسيا ولا أي ديكتاتورية أخرى استقرار العالم الحر”. وأضاف: “للانتصار يجب أن نبقى موحدين”.

وتختلف الزيارة الثانية للرئيس الأوكراني إلى العاصمة الأمريكية منذ بدء الهجوم على بلاده في شباط/فبراير 2022، عن سابقتها في 21 كانون الأول/ديسمبر من العام ذاته. إذ طال التغيير السياسة الأمريكية الداخلية، إذ بات الخصوم الجمهوريون لبايدن يمسكون بالغالبية في مجلس النواب.

وأكد زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس النواب كيفن ماكارثي الثلاثاء أن لديه “أسئلة أريد طرحها عليه (زيلينسكي). أين هي المحاسبة على الأموال التي أنفقناها؟.

إلا أن اللافت خطاب الرئيس الأوكراني أمام غرفتي الكونغرس قوبل مرتين بالتصفيق الحار والوقوف تقديرا، حسبما أكد على منصة “إكس” السناتور الديمقراطي كريس مورفي. وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي مايكل ماكول: “سألناه عما يحتاج إليه وعن خطته لتحقيق الانتصار”، مبديا تفاؤله بالمصادقة على حزمة جديدة من المساعدات بقيمة 24 مليار دولار.

 وزيلينسكي الذي القى كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 من الشهر الجاري حاول من خلالها كسب تعاطف الدول التي لا تدعم أياً من طرفي الصراع، لا سيما أن المحاولات السابقة لإقناع دول الجنوب العالمي بإعادة النظر في موقفها لم تتوج بنجاح جدي، ولكن من الواضح أن كييف امام هذه الدول لم تستسلم إذ شدّد زيلينسكي في خطابه على منبر الأمم المتحدة في نيويورك، على أن “نقاشات هامة جرت في هيروشيما وكوبنهاغن وجدة بشأن وضع خطة للسلام موضع التنفيذ. ونحن نأمل تنظيم قمّة عالمية للسلام. داعيا الكل الى عدم التسامح مع أي عدوان، والتحضير بشكل مشترك للقمة”، كما طالب المحتلين الروس العودة لأراضيهم.

وكان زيلينسكي خاطب العالم في  الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة عبر الفيديو، ولكن هذه المرة في كييف قرروا حضوره الشخصي بالرغم من معارضة روسيا لاعطائه الكلمة ولان كييف كانت تعرف سيكون للكلمة المباشرة  التأثير  الأكبر وأكثر فائدة من التحدث عبر الشاشة. فمنذ عدة أشهر، تقاتل كييف وحلفاؤها من أجل الحصول على تعاطف الدول غير الغربية، التي، في رأيهم، يمكن أن تلعب دوراً مهماً في إنهاء الصراع الروسي ـــ الأوكراني إذا تخلت عن حيادها.

 وفي المقابل ترى روسيا  بأنه بالرغم من كل المحاولات  من الغرب  التي لم تؤد حتى الآن إلى نجاح ملموس، لان ممثلي الجنوب العالمي أكثر نشاطًا من غيرهم في الدعوة إلى تسوية سريعة. صحيح أن الظروف التي يقترحون مبادراتهم  لا تناسب أوكرانيا أو حلفائها. ولأن كافة خطط السلام، سواء كانت صينية أو أفريقية على سبيل المثال، تنطوي على وقف إطلاق النار دون شروط مسبقة، فضلاً عن البدء الفوري لمفاوضات السلام. ورغم أنها تحتوي على نحو ما على إشارة إلى احترام السلامة الإقليمية، فإن مثل هذه المبادرات يتنظر إليها في كييف باعتبارها عرضاً لأوكرانيا في مقابل السلام للتخلي عن جزء من الأراضي الواقعة داخل حدود عام 1991. ليس من الواضح تمامًا أن زيلينسكي أراد إقناع الجنوب العالمي على الرغم من أن كييف لا تعتبر مثل هذا السيناريو ممكنًا. ومع ذلك فإن نسبة كبيرة من الخبراء يشكون في أن خطاباً واحداً، ولو بشكل شخصي، من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة من شأنه أن يجبر اللاعبين غير الغربيين على النظر إلى المشكلة بشكل مختلف.

روسيا أيضا لم تستطع النجاح بترويج مشروعها في عمليتها الخاصة ضد أوكرانيا والحصول من دول الجنوب على اعتراف رسمي بعمليتها والأراضي التي ضمتها فهي في ورطة حقيقية  بسبب عدم رغبة المقربون منها من الاعتراف بسيادتها على ارض محتلة  وخاصة الصين التي لم تعترف بالقرم ولوغانسك ودونيتسك منذ العام 2014 ولا  الهند ولا  اسرائيل  وكازاخستان ولا ارمينيا وهذه مشكلة حقيقية امام روسيا يجب حلها من خلال تقديم شيء مناسب من اجل التسوية.

وبنفس الوقت بان روسيا لم تستطع الحفاظ على كافة الاراضي التي احتلتها  وإعلانها مناطق روسية بسبب الحرب الشرسة التي تخوضها أوكرانيا ضد روسيا مما يعني بان هجوم اوكرانيا قد حقق بعض النجاحات  ويجب روسيا على التفاوض من خلال شروط أوكرانيا والغرب الداعم للمواجهة العسكرية  ضد روسيا.

اذن حاول الطرفان كسب التأييد الدولي لجهة الدول التي لا تزال بعيدة الانغماس في  الصراع لجهة طرف ضد اخر، وبالمناسبة فان الاتكال على بعض الدول  الافريقية التي تحاول روسيا من خلال مشكلاتها  مع الغرب كسب تأييدها وموالاتها لها غير جدي وهذا ايضا يرتكز على قدرة روسيا  في تقديم المساعدات والإعانات لهم .

اما اوكرانيا فلا يمكنها السير طويلا في معارك دون تحقيق نتائج فعلية على الارض يمكن ان تخاطب الدول المحايدة وتفرض عليهم شروطها للبدء بالمساعي الحورية للوصول لاتفاق سلام .

طبعا الولايات المتحدة قدمت لأوكرانيا نوعية جديدة من السلاح والدعم المالي واللوجستي ولكن الولايات المتحدة تسير بالحرب وفقًا الى أجندتها التي تريد أن تفرضها على الطرفين وتعمل على تسويقها.

وكان زيلينسكي، في مقابلة مع شبكة سي بي إس، أكد مرة أخرى أن الصراع مع روسيا لا يمكن إنهاؤه من خلال التنازلات الإقليمية. “لا. وقال الرئيس الأوكراني: “هذه أرضنا”، مشددًا على أنه لا هو ولا بلاده على استعداد لمبادلة الأراضي مقابل السلام. علاوة على ذلك، لم يستبعد زيلينسكي في وقت سابق عودة شبه جزيرة القرم بالوسائل العسكرية، فقد ترك هذه المرة سؤالاً مماثلاً من المراسل دون إجابة.

 

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني