التحالفات الدولية الجديدة وانعكاساتها على لبنان
أحمد مطر
انطلاقاً من واقع انعكاس العوامل الخارجية على الواقع اللبناني وفي ظل الازمات المتناسلة التي يعاني منها البلد وخصوصاً في ظل حالة الانسداد السياسي اللبناني على الواقع اللبناني برمته .
أدت معظم الأحداث الكبرى في العالم إلى تحولات كبرى في الشرق الأوسط وكانت لها دائماً تأثيرات كبيرة على الواقع اللبناني، وهو ما ينذر بأن احتمال توقيع اتفاقية سلام بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل ستكون له تداعيات كبيرة على الساحة اللبنانية .
تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لشبكة فوكس نيوز، حيث تحدث عن تقدم في المفاوضات مع إسرائيل عبر الوسيط الأميركي، جعلت من احتمال التوصل إلى اتفاق بين السعودية وإسرائيل الحدث الأكثر ترقباً في المنطقة حتى نهاية العام، لما سيكون له من تداعيات كبرى على صعيد المنطقة، وبكل تأكيد سينعكس ذلك على لبنان، الذي كان البلد الأكثر تعرضاً للهزات عند كل تحوّل نتيجة حدث عالمي كبير.
خلقت زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات للقدس واتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل تحالفات جديدة في المنطقة انقلب بعدها الرئيس السوري حافظ الأسد على الجبهة اللبنانية ودخل في صراع ضدالأحزاب المسيحية. وأصبح لبنان ساحة صراع على القرار الفلسطيني بين حافظ الأسد والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وما تبع ذلك من اقتتال فلسطيني ، فلسطيني وحرب المخيمات بين حركة أمل والفلسطينيين والحركة الوطنية اللبنانية، إلى الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982
كان الحدث الآخر اجتياح صدام حسين للكويت ومشاركة سوريا في التحالف العربي والإسلامي، وكان نتيجة ذلك التغاضي الدولي والعربي عن وصاية سوريا على لبنان حتى هجمات 11 أيلول 2001 ودخول المنطقة حروباً تدميرية وسقوط صدام حسين في 2003 وموجة الاغتيالات في لبنان بدءاً من محاولة اغتيال مروان حمادة واغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005 وخروج الجيش السوري منه
إذا استمر هذا النمط التاريخي فمن المؤكد أنه ستكون هناك ارتدادات في لبنان إذا ما توصلت السعودية إلى اتفاق سلام مع إسرائيل
سيكون وَقع الاتفاق المتوقع قوياً على لبنان، خصوصاً إذا قررت إيران مواجهة الاتفاق، لان لبنان. هو القاعدة الإيرانية المتقدمة ومركز عمليات حزبها الأقوى للانطلاق إلى سوريا واليمن وغيرهما يبدو أن طهران وحزبها في بيروت قد كشفا أخيراً عن ورقتهما الرئاسية المستورة ، ويبدو أن ثمة اختلافاً أساسياً حيال ذلك داخل الخماسية ، وهو ما أدى إلى تعثر الاستحقاق الرئاسي، حتى الآن ، فالمملكة العربية السعودية تعتبر لبنان قضية قائمة بذاتها. لها خصوصيتها وأولويتها عندها والدليل على ذلك التوصل الى اتفاق الطائف بالذات، يوم رعت السعودية وثيقة وفاق وطني لبناني لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة.
في مشاورات الخماسية دائماً كان موقف السعودية المتجدد المتكرر والدائم. وهو ما فهمته فرنسا جيداً ولو بعد تأخير وتجريب لبضعة أشهر.
ففي أحدى لحظات التفاوض بين باريس وطهران وبيروت وغيرها من العواصم المعنية بأزمة الرئاسة اللبنانية، فهم أعضاء الخماسية بطريقة ما، أن الحزب يريد فرض عرف دستوري جديد، مقابل تسهيله انتخاب رئيس جديد للبنان .
شيء من نوع اتفاق دوحة-2. وإن لم يفصح الحزب ولا راعيه الإيراني عن المضمون الذي يريده منه وعن المكاسب الجديدة التي يطمح إلى فرضها عبره. ففي الدوحة-1، انتزع الحزب بسلاحه فيتو ضمنياً أو صريحاً، على آليات عمل الدولة اللبنانية كلها. من وزارة المالية إلى تكليف رئيس حكومة وتأليفها، انتهاء بانتخاب رئيس، ومروراً بكل تعيين أو تفصيل في الدولة .
ختاماً أمام لبنان مرحلة دقيقة يزيد من خطورتها عدم وجود قيادة مسؤولة تحظى بإجماع وطني ، حال قررت إيران المواجهة كما فعلت سوريا في السابق بالتحالف مع إيران، فان أمن لبنان واستقراره مهددان بشكل كبير، خصوصاً أن إسرائيل مستعدّة أن تخوض مغامرة عسكرية لحماية إنجاز اتفاق سلام مع المملكة العربية السعودية
أما إذا قررت إيران تهدئة الأمور وانتهاج خيار معتدل فانها تريد ثمناً كبيراً مقابل ذلك، وأي صفقة مع طهران يمكن أن تكون على حساب سيادة لبنان وتجعل من إمكانية الحد من النفوذ الإيراني فيه أمراً صعباً…