موسوعة ويكيبيديا ورهانات المستقبل
المعطي قبال ــــ كاركاسون
“ويكيبيديا” هي موسوعة رقمية، متعددة اللغات، حرة المحتوى. يستطيع أي شخص التحرير فيها بدون تسجيل، ويستطيع أي شخص الاستفادة من المحتوى، واستغلاله بهدف تجاري أو غيره وفقًا لترخيص الموسوعة. هناك 317 نسخة من ويكيبيديا بلغة مختلفة. وفي النسخة العربية، يساهم أكثر من 5٬265 مساهما نشطا في كتابة ما يزيد عن 1٬219٬722 مقالة، ويجري آلاف الزوار، من مختلف أنحاء العالم، الكثير من التعديلات، وينشئون الكثير من المقالات الجديدة يوميًا… ». هذا ما ورد في تقديم الموسوعة الشهيرة التي يعتبرها البعض بأنها الإنجيل المرجعي لكل من يبحث عن دلالة، أصل، مفهوم، مكان أو شخصية تاريخية ذلك أن هذه الموسوعة تسعى إلى تغطية كل الميادين والمجالات. على النقيض من الموسوعات الكلاسيكية الشهيرة على غرار موسوعة بريتانيكا أو معاجم لاروس أو ليتري، فإن موسوعة وكيبيديا هي ابنة الإنترنت حيث تأسست عام 2001 علي يدي كل من جيمي ويلز ولاري سانجر.
تقوم الفكرة على تجميع متطوعين يساهمون في تحرير ونشر مقالات في المجالات التي تهم اختصاصهم. نتج عن هذا التطوع مليء للفراغ المعرفي وإثراء للميادين التي يعالجها هؤلاء الخبراء، لكن مع وقوع انزلاقات وانفلاتات أحيانا أثرت على مصداقية هذه الموسوعة. بعد 22 سنة من عمرها، تعرف ويكيبيديا حقبة من التعثرات يرشحها البعض إلى أن تعصف بكيان الموسوعة. فعلاوة على تسريب المعلومات الخاطئة هناك الأزمة المالية المزعومة التي تعرفها الموسوعة وعزوف عدد كبير من المحررين عن المساهمة في تحرير وتصحيح المقالات.
لكن مع زيارة 325 مليون زائر شهري للموسوعة، يعتبر الموقع خامس موقع الأكثر شعبية في العالم كما أن حملات التبرع السنوية التي تنطلق في شهر ديسمبر غالبا ما تحصل على مبالغ تتراوح بين 60 و70 مليون يورو. غير أن التخانق المرير بين المؤسسين جيمي ويلز ولاري سانجر قد يساهم في العصف بالموسوعة. فقد أعلن هذا الأخير بأنه فقد ثقته في الموقع بسبب المواقف الأيديولوجية المتكاثرة والمناهضة لليمين. أي أن المحررين يمررون قناعاتهم اليسارية داخل النصوص التي يحررونها، الشيء الذي يؤثر على الحياد المفروض في الموقع.
ومن حول هذا الموضوع احتدم سجال ساخن بين الجامعيين والباحثين والأخصائيين في مجالات السياسة، التاريخ، والقضايا الاجتماعية. فالبعض يعتبر أنه بدءا من 2009 فقدت ويكيبيديا حيادها لتصبح شكلا من أشكال البروباغندا فيما دافع البعض الآخر عن إسهاماتها في هذه المجالات التي تعالجها بحياد وموضوعية كاملة. من ناحية أخرى ركز البعض الآخر على الجانب الأوليغارشي للموسوعة بحيث لا تقبل المساهمة الشعبية إلا بشكل هامشي .
Visited 3 times, 1 visit(s) today