“حزب الله” والجبهة الحنوبية وسوريا

“حزب الله” والجبهة الحنوبية وسوريا

د.خالد العزي

ما زال التصعيد العسكري والاعلامي هو سيد المشهد على الأحداث الدامية التي تعيشها مدينة غزة من خلال ردة الفعل الاسرائيلية التي باتت تشكل حالة من الحرب الحقيقية التي تخوضها إسرائيل ضد حركة حماس الفلسطينية التي تتخذ من قطاع غزة مقرا لها .

اسرائيل تواجه الهجمة بكل شراسة وتدير العملية بعقلية دولة مجتمعة أظهرتها  الاتفاقات التي أسست  بتاريخ 11تشرين الاول /اكتوبر 2023 لتأليف حكومة حرب وتفويضها بإدارة الحرب الحاصلة .

لاشك بان الوضع على الجبهة الشمالية مع الحدود الاسرائيلية لجهة جنوب لبنان في حالة صعبة جدا  لا تخلوا  من التوتر  والخوف من حرب ومن ردة فعل اكبر  يقوم بها حزب الله قد يجر لبنان اليها . لبنان  اليوم يعيش حالة من الفعل وردة الفعل المتبادلة  بين حزب الله من جهة والجيش الاسرائيلي من الجهة الثانية

الحزب كان يعتبر بان الساحات موحدة ويجب ان تفتح الجبهات ( غزة ولبنان والجولان ) من مختلف الحدود ، وعملية حماس “طوفان الاقصى”  كانت سببا مميزا لدفع المقاومين لاقتحام الجبهات  ولكن فجأة توقف الزحف واقتصر على الرد والرد المتبادل في اطار ضبط قواعد الاشتباك بين الطرفين واستخدام مصطلح الأرض المفتوحة ، وقد تتكرار هذه المشهدية في لبنان يوميا وقد تصل الى رد فعل أعنف بحسب مشاهد غزة .حتى في جبهة الجولان اكتفى الحزب بإطلاق رشقات من مدافع الهون ، وكأن يسجل مشاركة  لرفع المعنويات .

 لكن كما يبدو بان الحزب فتح  المنطقة امام الاحزاب الفلسطينية (حركة حماس وحركة الجهاد ) لتتحكم في سير الصراع بإشرافه ، وكأن الحزب  لم يرى  بعد ضرورة للسير في الحرب ، وهذا ما عبر عنه القيادي في  الحزب هاشم صفي الدين في مهرجان الدعم في 8 تشرين الاول الحالي بالقول بان الحزب جاهز للدخول بحال طلب الاخوان في غز  المساندة وحتى الآن لم يطلبوا .

من هنا نرى بان الحزب يحاول الحفاظ على مواقفه  التي تؤيد  أنه مع توحيد الجبهات وفتح الحدود لكن لم تمهله ربما  بسبب تنصل ايران من العملية التي نفذتها الحركة القريبة منها لجهة الضغط  الغربي  والذي يأتي من الامريكان مباشرة  وخاصة بان واشنطن تخوض المعركة مباشرة  نيابة عن اسرائيل فالحديث  الذي وجه للحزب جدي بضرب الضاحية ودمشق وابعاد سلطة الحزب عن سورية حيث باتت إيران ترى الخطر الحقيقي و لا تريد فقدان كل  الأوراق التي ترفعها بوجه الولايات المتحدة لأجل تفعيل دورها الإقليمي.

اذن الوضع على الجبهة صعب جدا حزب الله يمارس عملية تويتر للجبهة  وليس مشاركة لعدم اعطاء فرصة للاسرائيلي للراحة وخاصة بانه  مشغول في المعارك ضد غزة من اجل اعادة هيبة جيشه الذي فقدها في عملية طوفان الاقصى . لكن كما بات واضحا بان الحزب لن يتدخل  في هذه الحرب للأسباب  التي تم ذكرها بالاضافة الى الوضع اللبناني الهش وغياب السلطة السياسية والإجماع على التدخل وبسبب الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه لبنان وشعبه لذلك يرى الحزب  بان  الدخول في الحرب ستكون مغامرة مكلفة جدا  له و والى لبنان .

وبالتالي الايراني براغماتي لا يريد ان يخسر  كل شيء  دفعة واحدة فهو مشهور بادرة الحرب  بطريقة جيدة للحصول على مكاسب وابقاء اوراق بيده تخدم مشروعه.

لذا أعتقد بان الذي يفرض على حزب الله الدخول في الحرب  مباشرة دون النظر الى  الشروط الداخلية والخارجية ويمكن تخطي الأوراق الحمر التي يلتزم بها في الصراع مع اسرائيل حيث يعود ذلك الى نقطتين أساسيتين:

–  الاولى بحال استطاعت حركة حماس  والفصائل الفلسطينية من تغيير معادلة  الرعب و أفشل  مخطط الهجوم  الإسرائيلي وتقطيعه من خلال قدرتها النارية والعسكرية  على تغيير معادلة المواجهة لصالحها وهذا مستبعد لان عقلية حماس في ادارة المعارك عقلية مليشيات وليست عقلية دولة  .

-النقطة الثانية  هي التي تعرض حزب الله لخط  الاجتثاث او التصفية اي شن حرب ضده مباشرة  وخاصة بعد تصفية  حماس او الشعور باجتثاتها  فتكون الخطوط الحمر أصبحت مباحها  امامه ولن يعود مجبر بالتزام الخطوط الحمراء،  ولن يعد هناك من رادع يردع الحزب لان حياته باتت في خطر مما يستوجب الدفاع عن حزبه وأفكاره ووجوده .ومن ناحية اخرى عندما تأمره إيران  بالدخول في حرب  مباشرة بحال تعرضت مصالحها  للخطر اذا  حاولت اسرائيل توجيه ضربة  قاسية في العمق  الايراني لذلك شاهدنا واشنطن تبعد ايران عن المواجهة من خلال : لا نمتلك الدلائل الكافية بان طهران  على صلة بالهجوم مما دفع بطهران بالرد السريع عليها بتصريح الإمام علي الخامنئي بانهم لا  يعلمون أي شيء عن العملية بالرغم من تحالفهم مع حركة حماس اذا هناك مصالح أمريكية  مع إيران  تفرض عدم المواجهة  المباشرة بالاضافة الى ان الولايات المتحدة تريد ضبط الصراع وإدارته بين إسرائيل وحماس من خلال رفع معنوياتها اي (تل أبيب)  من جهة عبر ضربة قاسية توجه  لقطاع غزة ومن ناحية اخرى  فرض مخرج لائق فيما بعد  على  حكومة نتنياهو ،  واجباره لاحقا  للإذعان  الى السلام والسير به ،  لانه المخرج  الحقيقي للدولتين و إنهاء العنف  ضد إسرائيل،  وهنا  ايران تخسر الورقة الفلسطينية لصالح الاعتدال العربي المصر على اقامة سلام عادل  لشعوب المنطقة بمن فيهم اسرائيل وفلسطين .

يمكن القول ان ايران ربحت ورقة العملية التي نفذتها حماس في الداخل  لكنها خسرت ورقة الهيمنة على القضية الفلسطينية والتفاوض عليها لان الاعتدال العربي لن يسمح بتصفية القضية الفلسطينية والاستفراد الإسرائيلي بها  .

Visited 5 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني