حرب مفتوحة أم تسوية مؤقتة أم دائمة؟

حرب مفتوحة أم تسوية مؤقتة أم دائمة؟

 هاني المصري

دخلت الحرب يومها الخامس والعشرين مخلّفة وراءها أكثر من 10 آلاف شهيد ومفقود، وأكثر من 20 ألف جريح، وتضرر أكثر من 200 ألف وحدة سكنية، فضلًا عن تدمير 32 ألف وحدة بشكل كامل، لدرجة يمكن وصف ما يدور بالمذبحة الجماعية المفتوحة. ومع ذلك، لا يزال المجتمع الدولي والدول العربية عاجزين عن إدخال المساعدات الإنسانية التي تدخل بالقطارة، ولا تسمن ولا تغني من جوع، فما دخل خلال 25 يومًا أقل من 100 شاحنة، وهذا أقل بكثير من المعدل اليومي لدخول الشاحنات قبل الحرب، مع أن القطاع بحاجة حاليًا إلى 11 ألف شاحنة في الحد الأدنى.

ولا تزال صفقة تبادل الأسرى الجزئية والهدنة لأيام عدة أو لعقد صفقة شاملة لتبادل الأسرى تراوح في مكانها بين الشد والجذب؛ حيث لا تريد حكومة الطوارئ الاحتلالية أن تمنح نصرًا للمقاومة، ولا أن توقف إطلاق النار لمدة خمسة أيام أو أسبوع، ولا أن تضم الصفقة إطلاق سراح عدد كبير يشمل النساء والأطفال وكبار السن والمعتقلين المرضى في السجون الإسرائيلية، وإزالة القيود عن مرور المساعدات الإنسانية، والتعهد بعدم إعادة اعتقال المفرج عنهم، كما تطالب المقاومة، بينما يصرّ المفاوض الإسرائيلي على تقليل عدد المفرج عنهم فلسطينيًا، ووقفًا لإطلاق النار لساعات عدة أو يوم كامل فقط، ويرفض الفصل بين الأسرى المدنيين والعسكريين والإسرائيليين وحاملي الجنسية المزدوجة، ويفضل صفقة شاملة.

هذا ما كان يقوله المفاوض الإسرائيلي في المفاوضات، ولكن ما جرى على أرض الواقع مخالف تمامًا؛ إذ جرى تصعيد الحرب، مع الادعاء أن أول أهداف الحرب البرية إطلاق سراح الأسرى، مع أن ما يحدث فعلًا هو تعريضهم للقتل؛ حيث قُتل حتى الآن جراء القصف نحو 50 أسيرًا إسرائيليًا؛ ما يدل على أن الحكومة الإسرائيلية لا تزال أولوياتها تحقيق انتصار.

الضفة غضب مكتوم ونار تحت الرماد

لا تزال الضفة الغربية تشهد نوعًا من “الانتفاضة” المحكومة بظروفها، من حيث تنظيم التظاهرات والمواجهات اليومية في ظل فرض الطوق والإغلاق وتشديد الحواجز من جهة، واعتداءات قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين من جهة ثانية، واستمرار مساعي السلطة لضبط الوضع بالضفة وعدم تحوله إلى انتفاضة شاملة من جهة ثالثة. وعلى الرغم من كل ما سبق، قدّمت الضفة منذ طوفان الأقصى وحتى كتابة هذه السطور أكثر من 120 شهيدًا، ونحو 2000 جريح، وأكثر من 1500 معتقل.

وبدأت القوات المحتلة حربها البرية، ولكن ضمن خطط تجمع ما بين النصائح الأميركية عن ضرب أهداف موضعية ضمن عمليات جراحية من دون المغامرة في دخول كبير يؤدي إلى تداعيات كبيرة، مثلما حصل في حرب الموصل بالعراق؛ أي بشكل متدحرج وببطء وتردد، وبين محاولة الدخول الواسع، وما يعنيه ذلك في كل الأحوال من مواصلة المذبحة والتدمير الشامل، وأن الحرب مرشحة للاستمرار لأسابيع عدة وربما لأشهر، وهذا يعني حربًا طويلة لها أضرار كبيرة على الاقتصاد ومعنويات الإسرائيليين؛ لأن حكومة الاحتلال تهدف إلى وبحاجة إلى تحقيق نصر حاسم تستعيد من خلاله مكانتها الإستراتيجية التي تضررت، بل انهارت، بعد طوفان الأقصى، ولا يمكن تحقيق هذا الهدف من دون ثمن باهظ وخوض حرب برية داخل المدن والمخيمات.

من مصلحة نتنياهو إطالة الحرب

الحكومة، وخصوصًا نتنياهو، بحاجة إلى إطالة الحرب لتجنب الحساب الذي ينتظره بعد وقفها، وبدأت ملامحه بالظهور أثناءها، ولعل هذا ما يفسر الارتباك الذي يعيشه وظهر من خلال رفضه تحمل المسؤولية عن الإخفاق الكبير، وتحميلها في تغريدة لرئيسي الشاباك والاستخبارات، لكن سرعان ما حذفها مع الاعتذار لهما.

وبدأت الحكومة الإسرائيلية تنزل عن الشجرة، وغيّرت من أهدافها من الحرب لتصبح تدمير بنية “حماس” العسكرية، وليس تدمير “حماس”، مع الالتزام بعدم بقاء “حماس” في الحكم وعدم بقاء القوات الإسرائيلية بشكل دائم في قطاع غزة، مع أن وثيقة رسمية لدى وزارة الاستخبارات الإسرائيلية تضمنت تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء تمهيدًا لتهجيرهم لاحقًا إلى القاهرة ومدن مصرية أخرى، وإلى بلدان عربية وأجنبية.

تأسيسًا على ما سبق، يظهر أن أجهزة الدولة الإسرائيلية لا تزال مرتبكة وتحت تأثير صدمة طوفان الأقصى، كما قال يائير لابيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، لذلك بحاجة إلى مزيد من الدعم الأميركي الذي من دونه لا تقوى إسرائيل على البقاء كما صرح مارتن إنديك، السفير الأميركي الأسبق في تل أبيب.

في هذا السياق، نفهم عزم إدارة بايدن على إرسال وحدة التدخل السريع بعد إرسال جنرال وضباط ومستشارين، وفرقة دلتا، التي ساهمت مع قوات النخبة الإسرائيلية لإطلاق سراح عدد من الأسرى، وكان من نتيجتها كما قال دوغلاس ماكغريغور، مستشار البنتاغون السابق، هزيمة ساحقة وتناثر المهاجمين إلى أشلاء.

حزب الله وغموض حول احتمالات توسيع تدخله

لا تزال احتمالات توسع الحرب وامتدادها إلى جبهات أخرى تتذبذب صعودًا وهبوطًا مع ميلها للتزايد، مع استمرار وتصاعد الحرب المحدودة على الجبهة الشمالية، فكان الأحد الماضي أكثر الأيام اشتعالًا، وقد استعانت إدارة بايدن بالصين في محاولة لممارسة تأثيرها في أصدقائها وحلفائها، خصوصًا الإيرانيين.

ولكن من اللافت أن غازي حمد، عضو المكتب السياسي لحماس عن قطاع غزة، والمقرب من يحيى السنوار، طلب بعد خالد مشعل وموسى أبو مرزوق، في مؤتمر صحافي عقد في بيروت، من حزب الله المزيد من التدخل؛ ما يجعل الأيام القادمة وخطاب حسن نصر الله يوم الجمعة القادم أحداثًا حاسمة لمعرفة إلى أين تسير الحرب، خصوصًا بعد الظهور السريع لحسن نصر الله؛ إذ سيعلن نصر الله موقف الحزب والخطوط الحمر التي لا يمكن أن يسمح بتجاوزها، وهل ستتوسع الحرب أم لا، وهل هناك هدنة مؤقتة أم تسوية مؤقتة أم شاملة تلوح في الأفق أم لا؟

موقف عربي مشترك ولكنه عاجز عن التأثير

 يأتي ذلك في ظل استمرار موقف عربي رسمي مشترك رافض للحرب والتهجير والتدمير ولعدم تدفق المساعدات الإنسانية، ولكن لم يصل إلى حد اتخاذ إجراءات عملية تضع أقدامًا لموقفها السياسي وتجعله قادرًا على التأثير، فلم تتخذ الدول العربية المطبعة مع دولة الاحتلال، لا منفردة ولا مجتمعة، أية قرارات بسحب سفرائها وطرد السفراء الإسرائيليين، مع أن بعضها سبق أن فعل ذلك ردًا على العدوان العسكري إبان انتفاضة الأقصى في العام 2000.

كما لم تستخدم الدول العربية، لا مجتمعة ولا منفردة، أوراق القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية، حتى وفق ما حصل في الموقف التركي الذي تغيّر بشكل محسوس من دون الوصول إلى سحب السفير وقطع العلاقات، ولم تفعل كما فعلت الدول النفطية إبان حرب أكتوبر 1973، حتى ترسل رسالة قوية إلى حكام تل أبيب ومن يشد على أياديهم، سواء إلى حد الشراكة مثلما يفعل حكام واشنطن ولندن، أو إلى حد الدعم وتوفير الغطاء مثل معظم حكام العواصم الأوروبية.

إنّ عدم اتخاذ إجراءات عربية رسمية عملية يعطي مصداقية لما نقلته قناة “سي أن أن” الأميركية نقلًا عن مسؤول فلسطيني أنه طلب من الأميركيين بسرعة القضاء على “حماس” و”إلا سيُقضى علينا”. وكذلك لما جاء في مقال دينيس روس في صحيفة “نيويورك تايمز” أنه سمع من مسؤولين عرب بالسر غير ما يقولونه في العلن؛ حيث حثوا على سرعة القضاء على “حماس”. فهناك من العرب الرسميين من يعدّ “حماس” عدوًا وجزءًا من المحور الإيراني، وليست كما هي أولًا وقبل كل شيء جزءًا رئيسيًا من حركة التحرر الوطني الفلسطينية يسير نحو قيادتها.

تحوّل ملحوظ في الموقف الدولي

شهدنا خلال الأسبوع الماضي عملية تحوّل ملحوظ في الموقف الدولي في ظل انتفاضة شعبية عالمية امتدت إلى مختلف عواصم العالم ومدنه، خصوصًا في الدول الغربية، كما يظهر في استخدام الفيتو من قبل الصين وروسيا على مشروع القرار الأميركي في مجلس الأمن، والتشديد أكثر على وقف الحرب، ولو هدنة لتقديم المساعدات الإنسانية تمهيدًا لحصول هدن طويلة لتحقيق ذلك.

ويأتي في هذا السياق صدور قرار من الجمعية العامة يقضي بالهدنة الإنسانية بموافقة 120 دولة (من ضمنها دول أوروبية، مثل فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا وسويسرا)، ورفض 14 دولة، وامتناع 45 دولة (من ضمنها دول أوروبية، مثل المملكة المتحدة وإيطاليا وألمانيا، إضافة إلى دول صديقة لإسرائيل مثل الهند وكندا)؛ الأمر الذي قد يؤدي إذا تواصلت الحرب المروعة ضد المدنيين، التي أسقطت آخر ورقة توت تخفي عورة الغرب الاستعماري الذي سقط عن وجهه قناع القيم الإنسانية والأخلاق والعدالة والديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان، والذي يخفي به وجهه الحقيقي المدافع عن المعايير المزدوجة، وهذا الاتجاه مرشح للتواصل إذا استمر الصمود الفلسطيني، وتصاعدت انتفاضة التضامن العالمية معه، وتعرضت أوضاع الأنظمة الحاكمة للاهتزاز؛ خصوصًا إذا تكرر ما حصل في داغستان من هجوم بشري في المطار على طائرة إسرائيلية، وكذلك إلى تفكك التحالف الدولي لدعم حق إسرائيل في الانتقام بقتل المدنيين، خصوصًا الأطفال والنساء.

مبادرات وسيناريوهات

بالتوازي مع الحرب، تُطرح أفكار وسيناريوهات لليوم التالي، خصوصًا من مراكز أبحاث أميركية وأوروبية، تنطلق من أن السيناريو الوحيد هو هزيمة المقاومة الفلسطينية في هذه الحرب، وتتحدث عن سيناريوهات أحلاها مر بالنسبة إلى الفلسطينيين، وبالتالي هي جزء من الحرب السياسية والإعلامية والنفسية.

لا يوجد سيناريو واحد كما يزعمون، بل هناك سيناريوهات مختلفة تتراوح ما بين:

أولًا: انتصار فلسطيني يتحقق بإفشال أهداف الحرب الإسرائيلية. ويتعزز هذا السيناريو إذا تواصلت الانتفاضة الشعبية العالمية إلى حد المساس بالأوضاع العربية القائمة، خصوصًا في بلدان الطوق العربي، وإذا شربت الدول العربية، بما فيها ومفترض أولها السلطة الفلسطينية، حليب السباع، وارتقت إلى مستوى التحديات والأخطار، وهذا مستبعد، و/ أو إذا تحولت الحرب المحدودة على الجبهة الشمالية إلى حرب مفتوحة، وهذا محتمل وإن كان غير مرجح حتى الآن، أو إذا تحولت الوحدة الميدانية والشعبية الفلسطينية على أرض المعركة بمختلف ميادينها إلى وحدة سياسية مؤسسية فلسطينية تعيد بناء المؤسسات القائمة التي فشلت في الامتحان، أو تتجاوزها كليًا وتشكيل أطر ومؤسسات جديدة.

ثانيًا: تحقيق انتصار إسرائيلي، من خلال احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه وإقامة منطقة أو مناطق عازلة، أو توجيه ضربة قاصمة للمقاومة، خصوصًا لحركة حماس وكتائب عز الدين القسام، وعمل ترتيبات بعد الحرب ضمن صيغ مختلفة، أبرزها تشكيل إدارة انتقالية إدارية لحكم قطاع غزة بولاية عربية ودولية، وفرض صيغة عليها تشبه ما تقوم به قوات الاحتلال في المناطق المصنفة (ب) و(ج) في الضفة، أو تسليم القطاع للسلطة بعد تأهيلها وإعادة بنائها بما يستجيب تمامًا للأهداف الإسرائيلية.

ثالثًا: انتهاء الحرب بصيغة لا غالب ولا مغلوب، تسمح لكل طرف بالادعاء أنه الطرف المنتصر، وهذا السيناريو هو الأقوى حتى الآن؛ كونه يستند إلى قوة كل طرف وامتداداته وتحالفاته العربية والإقليمية والدولية، وإلى عودة القضية الفلسطينية إلى الصدارة على أجندة العالم كله.

وهنا، لا بد من التوقف عند الموقف الرسمي الفلسطيني الانتظاري العاجز والمحايد الذي يطالب، وكل ما يهمه الاستمرار في الاعتراف بالمنظمة التي جوّفت مؤسساتها وجُمّدت، وأنها المسؤولة عن السلطة المسؤولة عن الضفة وقطاع غزة، من دون أن تتصرف على هذا الأساس، بدليل عدم تنفيذ قرارات الإجماع الوطني فيما يتعلق بالعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، لا سيما سحب الاعتراف بالدولة التي تمارس حرب إبادة على الشعب الفلسطيني بما يهدد مستقبل القضية الفلسطينية مشروعًا وتمثيلًا وكيانًا.

وطالب الرئيس بعقد مؤتمر دولي لكي يطلق عملية سياسية لتحقيق حل الدولتين، كما كان يطالب سابقًا، وكأن شيئًا لم يتغير، ودعا بعد ثلاثة أسابيع من الحرب إلى عقد قمة عربية من دون أن يحدد الشروط والمتطلبات الفلسطينية، فأي قمة عربية لا تسعى إلى توحيد الفلسطينيين على أساس وطني وشراكة حقيقية وديمقراطية لا لزوم لها، وأي مؤتمر دولي لا يلتزم أطرافه مسبقًا بوقف الحرب وبتحديد مرجعيته بإنهاء الاحتلال والدولة الفلسطينية ومحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، لن يعقد، وإذا عُقِدَ سيمثل غطاء سياسيًا لحرب الإبادة.

المقاومة تمسك بزمام المعركة

على الرغم من حجم القصف الذي وصل إلى استخدام متفجرات أكثر مما حملته القنبلة النووية، واللجوء إلى قنابل زلزالية وإسفنجية وغيرها، بما فيها الأسلحة المحرمة دوليًا، وعلى الرغم من الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يتعرض لها شعبنا في قطاع غزة؛ لا تزال المقاومة صامدة وتطلق الصواريخ، وتستهدف مناطق بعيدة، مثل إيلات وحيفا، وتتركز على تل أبيب، كما تصدى المقاومون لتقدم القوات المحتلة في محاور عدة، وألحقوا بها خسائر ملموسة تدل على قدرة المقاومة على الصمود والقتال وتكبيد القوات المقتحمة خسائر فادحة.

الحرب مرشحة للاستمرار والهدنة واردة والتسوية محتملة

الحرب مرشحة للاستمرار، ويمكن جدًا التوصل إلى هدنة؛ لأن الحكومة الإسرائيلية لا تملك حلًا سحريًا قادرة فيه على الحفاظ على حياة المحتجزين والأسرى وإطلاق سراحهم بسرعة، لا سيما في ظل استمرار القصف الهمجي، وبدء الحرب البرية التي لا تملك فيها القوات المهاجمة أهدافًا عسكرية ويملك فيها المدافعون مزايا كبيرة على المهاجمين بعد توغل القوات الإسرائيلية إلى داخل القطاع، فأخشى ما تخشاه القوات الإسرائيلية أن تفاجئها المقاومة بمفاجآت أخرى شبيهة بمفاجأة 7 أكتوبر.

من المفيد التحذير من طرح مبادرات فلسطينية وعربية أو من فلسطينيين وعرب تنطلق بشكل مباشر أو غير مباشر من سيناريو الهزيمة؛ لأنها تصب في خدمته بغض النظر عن النوايا، وتهدف إلى لفت الأنظار لأصحابها واستعدادهم للقيام بدور ما في الترتيبات الجديدة. فيجب أن يكون التركيز على وقف الحرب أولًا وثانيًا… وعاشرًا، ونزع الشرعية عمن يقوم بها ووفر له الدعم والغطاء، إضافة إلى إفشال الأهداف الإسرائيلية، فانتصار إسرائيل لن يفتح الطريق إلى أفق سياسي وما يسمى “حل الدولتين”، وإلى منظمة تحرير تضم مختلف الأطراف الفلسطينية، بل إلى مضي إسرائيل بقوة أكثر في تطبيق برنامج الضم والتهويد والتهجير وإقامة “إسرائيل الكبرى”. ولعل توزيع مستوطنين في الضفة لمنشورات تمنح الفلسطينيين مهلة للهجرة إلى الأردن وإلا مواجهة الموت دليل آخر على أن الهدف تصفية القضية الفلسطينية.

خطر التهجير قائم… تَراجَعَ ولكنه لم ينتهِ

يجب الحذر من اعتبار أن خطر التهجير تراجع بشكل كلي. الحقيقة أنه تراجع أو جرى تأجيله، ولكنه سيبقى أحد السيناريوهات المفضلة لإسرائيل، وما تقوم به قوات الاحتلال من تدمير شامل ومذبحة جماعية مستمرة ومع الاستعداد لحرب طويلة ورفض دخول المساعدات الإنسانية يُبقي خطر التهجير قائمًا وإن تراجع مؤقتًا، فيمكن أن يزحف إذا استمر التخلي وُوضع الفلسطيني أمام البقاء أو الموت.

توسيع الحرب قد يكون أسرع طريق لوقفها

كتبت سابقًا وما زلت أعتقد أن الخشية من الخسائر الفادحة جراء الحرب البرية ومن امتداد الحرب إلى جبهات أخرى وتحولها إلى حرب إقليمية، وربما عالمية، وتصاعد الانتفاضة الشعبية العالمية و الضغوط الداخلية والخارجية على حكومة نتنياهو لإعطاء الأولوية لإتمام صفقة تبادل، تشمل المدنيين ومزدوجي الجنسية، قد تدفع إلى حل أكبر، وإلى وقف الحرب والشروع في التفاوض على حل شامل تشارك فيه الأطراف الفاعلة في الإقليم والعالم، ولعل تحذير توماس فريدمان، المقرب من إدارة بايدن، حول غرق إسرائيل في أنفاق “حماس” يجد صدى في إسرائيل، في ظل تزايد الأصوات المطالبة بمحاسبة نتنياهو حتى أثناء الحرب، وهذا أمر يحدث للمرة الأولى، فالمحاسبة عادة تبدأ بعد انتهاء الحرب.

Visited 12 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

هاني المصري

باحث وصحافي فلسطيني