المقامرة بدم الغزاويين وغموض اوراق التفاوض

المقامرة بدم الغزاويين وغموض اوراق التفاوض

 فهد موسى جابر*

 إلى اي حد تبدو الصورة قاتمة؟ وهل يبدو في الأفق أي مسعى لايقاف المجزرة (التأديبية) التي سمح بها الغرب وامريكا وحتى الهند التي كانت تاريخيا مؤيدة للحق الفلسطيني وتم دفعها الى كره العرب والمسلمين بعد تصاعد وافتعال صراعات دينية بين الاسلام والبوذية في اكثر من مكان، مع قناعتي أن أصابع المخابرات الغربية والاسرائيلية كان لها ادوار في تحقيق مثل هذه النتيجة.

لقد تكلمت عن الهند كمثال، لأبيّن كيف ان منظمة مثل حماس، استطاعت ان تحوّل التعاطف العالمي مع قضية الشعب الفلسطيني وتغيّره الى تعاطف قوي مع اسرائيل وآلتها العسكرية البغيضة .

هذه التنظيمات التي اعتبرت ان صراعها مع اليهود وليس مع الصهيونية والتي اعتبرت انه لا لزوم لاحد غيرها في الساحة الفلسطينية لكونها مكلّفة من الله وتنطق بأسمه مقلدةً غيرها: كحزب الله والقاعدة وطالبان وكل حركات الاصولية السنية المتطرفة .

هم لن يفهموا ولن يقتنعوا انهم قد قامروا بدم الغزاويين لتستثمر فيه الدول الاقليمية ( ايران، قطر، تركيا ).

بالامس اعلن رجب الطيب اردوغان في خطابه ما يشبه الدعوة للجهاد في حين ان الطيارين الاسرائيليين يتلقون تدريباتهم في قواعد تركيا الاطلسية وفي حين كان قد سمح بمعاودة النقل البحري بين تركيا واسرائيل بعد عملية الطوفان بأيام .

تبقى الخفايا موجودة ولا تزال العملية غامضة، وهناك تساؤلات من اسرائيليين وخبراء وتقنيين يتساءلون عن كيفية الدخول الى غلاف غزه لثمان ساعات بدون رد فعل مباشر او انذار الكتروني لطالما اعتبرته اسرائيل الاكثر تقنية في العالم.

المهم: اذا لم تكن حماس قد حسبت ردود الفعل، فهذا معناه انهم غير كفؤئين لقيادة شعب لا يبالون بأرواحه .

ويبدو ان اوراق التفاوض لم تجهز بعد، ولا اظن أن العدو الاسرائيلي اصبح جاهزا وقادرا الآن على التفاوض. هذا التفاوض لن يحصل قبل انهاء مفاعيل هجمة ٧ تشرين الى الحدود الدنيا واهمها المفاعيل والتأثيرات المعنوية والنفسية على سكان اسرائيل من الصهاينة .ولن يحصل تفاوض برأيي  قبل ان يحصل  نتانياهو على  إنتقام رادع للمستقبل، بعد ان اهتز الكيان فوق العشر درجات ريختر، إن الخسارة في الالتحام الميداني المباشر، تعني الكثير لاسرائيل ولن تخرج من تأثيراتها بسنوات ولن تفاوض قبل تعويم معنوياتها .

كان على حماس ومن وراءها ان يحتسبوا بان عمليتهم المحدودة هذه لن تنهي الصراع نهائيا وبالمفاهيم العسكرية البحتة .هم كانوا يعرفون ان اسرائيل ستستوعب الصدمة الاولى وستبدأ برد فعل همجي لتعويض خسارتها المعنوية، من لم يفهم هذا اكيد هو اما لا يفهم سياسة وادارة صراع معقد .او انه تقصّد ذلك لاعطاء اسرائيل مبررا لتدمير غزة والبدء بمشروعها لتثبيت يهودية الدولة العبرية، عبر تهجير غزة بالكامل وابعاد عرب الـ٤٨ وتهجير اهل الضفة .

ولن اعتبر ان حماس كانت تهدف لذلك (لا سمح الله ولكن نحن لا نعرف خفايا موقف ايران وعلاقة الملالي باسرائيل وبمدى اتساع دورها في تفتيت دول العرب لتقاسمها مع اسرائيل الكبرى الموعودة لليهود).

والملفت للنظر هو مسارعة وزير خارجية إيران حسين عبد اللهيان لحصر اوراق الاسرى بيده وبتصريح منه، لم يصدر عن حماس ولكنها لم تنفيه .

 كما ان حماس لم تأت لغاية الآن على ذكر اي طرف فلسطيني قد تتواصل معه، من منظمة التحرير او من فتح فهي لا تعترف بشرعية منظمة التحرير ولا توافق على مشروع الدولتين الذي تخلصت منه اسرائيل الآن نهائياً.

وقد كان إسماعيل هنية قد دعا الفلسطينيين في كل مكان للتظاهر ضد فتح ومنظمة التحرير اي اعتبرهم اعداء مشروعه التوراتي لادارة الصراع مع اسرائيل اليهودية عبر جهاد المسلمين الى يوم القيامة والذي جزاؤه الجنة بالطبع وهو صراع قال عنه هنيّة انه دائم ولا ينتهي الاّ يوم القيامة.

إن الصورة تبدو سوداوية والتدخل  الغربي المباشر للسيطرة على المنطقة صارا امرا مباشرا وتداعياته قد تؤسس لصراع عالمي لا احد يعرف مسرحه ولا انواع اسلحته ولا نتائجه على سلامة الكوكب نفسه .

الجهة القادرة على خلط الاوراق هي فقط حماس، ويكون ذلك بتغيير توجهاتها الايرانية الحالية التي تستفيد منها ايران فقط والمسارعة للاعتراف بمنظمة التحرير وتطبيع علاقاتها مع كل فصائل الشعب الفلسطيني ومكوناته التاريخية والسياسية .لربما استطاعت بهذه المبادرة حشر اسرائيل التي تعتاش من الحرب وتقوى عبر النزاعات والتي لا يهزمها الا السلام الذي تتهرب منه منذ اكثر من خمسين سنة.

كاتب ومحلل سياسي*

Visited 9 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة