“حماس” تدفع ثمن فشل وحدة الساحات
أحمد مطر
مما لاشك فيه ان عملية “طوفان الأقصى” التي زلزلت إسرائيل وغيرتها، غيرت بالفعل موقف من هو عصي على أي تغيير رئيس الحكومة اليمينية المتطرفة بنيامين نتنياهو.
الذي قبل فترة من الزمن قال لوزرائه من يريد رفض قيام دولة فلسطينية فليحافظ على حماس، في إشارة إلى أهمية الانقسام الفلسطيني بالنسبة إلى قادة إسرائيل الرافضين للتسوية.
أظهر التعاطي السياسي بمجمله في التعاطي مع تداعيات ومخاطر عملية طوفان الأقصى التي قامت بها حركة حماس ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في غلاف قطاع غزة على لبنان، عجزا فاضحا في القيام بأي مبادرة او التأثير على حزب الله، للجم تحركه على الحدود اللبنانية الجنوبية، حتى ولو كان تحت شعار دعم ومناصرة الشعب الفلسطيني ضد الاعتداءات الإسرائيلية الاجرامية المتواصلة على قطاع غزة، لتحاشي اي ردة فعل إسرائيلية غير محسوبة، قد تجر لبنان برمته الى هذه الحرب، التي لا يريدها معظم اللبنانيين، وما يمكن ان ينجم عنها من خراب ودمار، يدفع ثمنه الشعب اللبناني دون سواه .
تحرك حزب الله بمفرده عسكريا كعادته، متجاهلا ارادة اكثرية مكونات الشعب، وكأن الدولة اللبنانية غير موجودة، بكل مكوناتها، الا لتغطية تحركه، وللملمة ما يتسبب به من اضرار جسيمة كما حصل في حرب تموز العام 2006 وغيره من الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان .
الكل يعلم ان ما يقوم به حزب الله، ليست دوافعه محلية صرفة وانطلاقا من المصلحة الوطنية العليا للشعب اللبناني، وانما بايعاز ايراني مفضوح، عبر عنه وزير الخارجية الايراني أمير عبد اللهيان مرارا في الأيام الاخيرة وغيره من المسؤولين الإيرانيين البارزين، عندما هدد بتحريك كل حلفاء واذرع النظام الايراني في المنطقة لدعم حركة حماس في الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة .
تصر إيران بشكل يومي على النأي بنفسها عما يجري في غزة منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى ويتيح حزب الله المجال لقوات الفجر الجناح العسكري للجماعة الإسلامية وكتائب القسام بتوجيه ضربات صاروخية من جنوب لبنان نحو الاراضي المحتلة، فيما تؤكد في الوقت عينه على موقعها في المشهد الفلسطيني تمهيداً للانتقال في اللحظة المناسبة من موقع الرعاية العقائدية لحماس الى موقع الاستثمار السياسي والشراكة في الوضع النهائي .
ما يقوم به حزب الله من تحركات عسكرية حاليا على الحدود اللبنانية الجنوبية، يمكن توصيفه بأنه تحرك بالنيابة عن ايران، التي تستغل لبنان كساحة مستباحة لتوجيه الرسائل وعقد الصفقات على حساب اللبنانيين ولتفادي تنفيذ وعودها وتهديداتها المتواصلة باستهداف الدولة العبرية بواسطة صواريخها واسلحتها الحديثة وكذلك للتعويض عن تحريك جبهة الجولان السوري المحتل ضد إسرائيل، بالرغم من وجود عشرات القواعد والمراكز العسكرية والمليشاوية، للحرس الثوري الايراني المنتشرة على طول وعرض الاراضي السورية وخصوصا في المناطق المحاذية للجولان السوري المحتل، والتي تبين ان وجودها، هو لدعم النظام السوري ضد ابناء الشعب السوري المطالبين بالحرية والمشاركة بالسلطة، ولترسيخ هيمنة النظام الايراني ومليشياته المذهبية، وليس لمواجهة العدو الاسرائيلي انطلاقا من الجولان السوري المحتل .
انطلاقا من هذا الواقع، تبدو حركة الحكومة، داخليا وخارجيا لمنع انزلاق لبنان الى الحرب الاسرائيلية الدائرة في غزة، وكأنها تدور بالفراغ وفي حلقة مفرغة، لانها لا تستطيع تبرير المخاوف التي يواجهها لبنان بانعدام قدرتها بالتاثير على حركة حزب الله ولو بشكل محدود، وكل الضمانات التي تطلبها من الدول المؤثرة، تتوقف عند حدود تهدئة تحركات الحزب عسكرياً .
ختاماً بالنظر الى ميزان القوى ومسار الأحداث التي تلت 7 تشرين، لا يبدو أمام حماس إلا حل من اثنين. الخروج نهائياً من المعادلة إذا نجحت إسرائيل في تحقيق هدفها الاستراتيجي المعلن، أو التحول طرفاً منهكاً ومتهماً بتوريط شعب غزة في عملية خارقة تحولت نكبة تاريخية جديدة، في حال أُرغمت إسرائيل على وقف حملتها الوحشية. وحينها لا بد لمنظمة التحرير، مهما تهالكت أوضاعها السياسية والتنظيمية من التقاط واحتضان حماس المثخنة بالجراح سواء رفعت شارة النصر أم الراية البيضاء كونها جزءاً من حركة التحرر الوطني الفلسطيني وليست منظمة إرهابية مهما حاولت إسرائيل وحلفاؤها وصمَها بهذه الصفة ، وهكذا ندرك أن أهل غزة باقون حتى إشعار آخر تحت رحمة النار والدمار، وأن غزة تُركت لمصيرها .
اما بشأن لبنان وما يجري تحديداً على الجبهة الجنوبية وما تشهده من تصعيد منذ بداية الحرب على غزة، فإن المنطق والحكمة يدعوان الى تحذير الجميع من مغبة زج لبنان في حرب مدمرة، طالما وعدتنا اسرائيل بها وباعادة لبنان الى القرون الوسطى .
Visited 10 times, 1 visit(s) today