هل مات حقًّا صاحب عبارة “حلل يا دويري”؟
عبد السلام بنعيسي
تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، خبر استشهاد مهند رزق جبريل، صاحب مقولة (حلل يا دويري) والتي رددها في فيديو سابق نشرته كتائب القسام، وظهر الشهيد مهند في الفيديو، في إحدى المعارك، وهو يستهدف بقذيفة جنودا إسرائيليين، مرددا عبارة (حلل يا دويري)، في إشارة إلى الخبير العسكري الأردني، فايز دويري، الذي يحلل في قناة الجزيرة، مجريات الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية.
وإذا كان ناشطون على مواقع التواصل، قد أفادوا الجمهور بأن الشهيد مهند خريج كلية الإعلام في جامعة فلسطين، وأنه واحد من مقاتلي القسام، فإن عبارة (حلل يا دويري) التي أطلقها في خضم المعركة، أضحت على كل لسان، وأمست رائجة بين مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، وتتردد على الألسنة، وتحولت إلى أغنية وأهزوجة يترنم بكلماتها جمهور المقاومة، ويتبادلها، على نطاقٍ واسع، في فيديوهات في التيك توك واليوتيوب…
ارتقى مهند جبريل إلى جوار ربه، وأكرمه الله بالشهادة، وترك لنا هذه العبارة التي ستظل متلازمة مع هذه الملحمة البطولية التي خاضها الشعب الفلسطيني منفردا ضد أقوى جيش في منطقة الشرق الأوسط، وأكثر الجيوش تسليحا، وتجهيزا بأحدث الأدوات التكنلوجية الفتاكة التي وضعتها أمريكا ومعها أوروبا رهن إشارته، لكي يستعملها أداة، لسحق المقاومة الفلسطينية.
عبارة (حلل يا دويري) كانت بمثابة صرخة يوجهها مهند إلى الرأي العام الدولي يُشهدِهُ فيها على وجود شعب فلسطيني، تحت الاحتلال، وعلى أنه يقاوم، ويكافح، ببسالة منقطعة النظير، من أجل نيل حريته واستقلاله، ويسعى لطرد المحتل الغاصب من أرضه. العبارة/ الصرخة تفيد بأن العالم يتفرج في الإبادة التي يتعرض لها هذا الشعب، وأن لا أحد بادر لإنصافه، ووقْفِ العدوان عنه، بما في ذلك إخوته وأشقاؤه، وأنه لا يملك إلا سواعد أبنائه، يدافع بواسطتها عن نفسه.
استُشهد مهند جبريل، مات موتة كريمة، وترك خلفه هذه العبارة التي ستظل حية لزمن طويل، لن تبلى ولن تتقادم. من خلال عبارة (حلل يا دويري)، سيبقى مهند، ومعه كل الشهداء الذين سقطوا في هذه الحرب الوحشية، أحياء في النفوس، وحاضرين في الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني. كلما استُحضرت عملية طوفان الأقصى في المستقبل، ستُستحضر معها عبارة (حلل يا دويري) ومعها قائلها ورفاقه الذين قاتلوا إلى جانبه، فمنهم من استُشهد، ومنهم من ينتظر، وما بدَّلوا تبديلا..
حلّل يا دويري في قناة الجزيرة، كما أوصاك بذلك الشهيد مهند، أما ولاة أمرنا في العالم العربي، فإن لهم عالمهم الخاص بهم. لقد صاروا، يحللون الحرام، ممثلا في ممارسة الاستبداد، وامتهان الفساد، واختيار التناحر، والتطاحن بينهم، والتودد للعدو، والتطبيع معه، وجعله صديقا وحليفا، وباتوا يحرمون الحلال، ممثلا في التضامن والتآزر بينهم، والعمل من أجل نصرة شعب شقيق يتعرض للسحق، ورفع الظلم عنه، والحث على المقاومة والجهاد، لصون المقدسات، والدفاع عن حق الأمة العربية في أن تكون لها مكانتها تحت الشمس. إنهم أحياء كالأموات، وأموات كالأحياء.