نصرالله بين التصعيد والتفاهم الإيراني – الأميركي

نصرالله بين التصعيد والتفاهم الإيراني – الأميركي
حسين عطايا
   
    ثمة حيرة وضياع تختلط فيها الأمور ما بين ما يُصرح به السيد نصرالله، وماهو مرسومٌ له ولحزبه من دور وسقوف في حرب المشاغلة على الجبهة الجنوبية، من خلال عمليات التصعيد التي تقوم بها قوات الاحتلال الصهيوني، والضربات القاتلة في كثير من العمليات، والتي تتقصد فيها أذية المدنيين الجنوبيين وكوادر وعناصر حزب الله في قرى وبلدات الجنوب ومدنه، والتي تعدت في كثير من المرات الخطوط الحمر ولم تكن آخرها مجزرة النبطية، وكذلك مناطق التماس لا بل تبتعد وتغوص في مناطق شمال الليطاني، فقد كسرت قواعد الاشتباك في أكثر من مرة، وبذلك تتقصد إحراج حزب الله امام قواعده وجمهوره، وتسعى من خلال ذلك إلى زلة قدم قد يقوم بها حزب الله تجره إلى حرب شاملة ومفتوحة، وهذا ما يسعى لتحقيقه بنيامين نتنياهو، لكن الدور الأمريكي في كل مرحلة يُسرّع التدخل من أعلى سلطة في الإدارة الأمريكية، بدءاً من الرئيس جو بايدن، ومروراً بوزير خارجيته أنطوني بلنكين وهوكشتاين، وصولاً إلى رئيس المخابرات المركزية الأمريكية وليم برنز.
فخطاب الأمس حاول السيد نصرالله أن يخلط الأمور بدينامكيته وبطريقته، ليُعطي ما يُدغدغ عواطف جمهوره الحالم في حرب وانتصارات، ولذلك أطلق العنان لبعض التصعيد من خلال كلماته “الدم سيدفع ثمنه العدو الصهيوني دم”، وكذلك رده على رئيس أركان العدو هاليفي، واستعمل كلمة غير لائقة بالسياسة، وفيها بعض من الاستهزاء، وفي ذات الوقت ترك الأمر من دون تحديد مواعيد، وكعادته تركها لحركة وعمل الميدان.
السيد نصرالله يعلم أنه لا يمتلك حرية القرار واستقلاليته كونه خاضع لتسلسل الرتب في المنظومة الإيرانية، وبذلك دوره ينسجم مع التفاهم الإيراني الأمريكي، ولا يستطيع الخروج منه وعنه، وخصوصاً بعد ما تعرض لها الذراع الإيراني في اليمن “جماعة أنصار الله الحوثي” والضربات الأمريكية البريطانية، والتي تستمر لأسابيع ولا زالت، من دون تحرك فعلي من المنظومة الإيرانية، لا بل أتت في الأسبوع الماضي وزيارة حسين عبدللهيان وزير الخارجية الإيراني، وما صرح به في بيروت، وأبرز أسباب الزيارة هي الرسالة الواضحة لنصرالله وحزبه حول عدم الانجرار لما يُبيته نتنياهو وحكومته، مع ما فيها من بعض العراضات السياسية، حين قال “أمن بيروت من أمن طهران”، وهو، أي عبد اللهيان، يعلم أنه حتى أمن طهران ليس بمقدور إيران أن تمنع من اختراقه وتضمنه لكي تضمن أمن بيروت ومواجهة إسرائيل وواشنطن.
لذا حاول السيد نصرالله المواءمة ما بين ضرورة التصعيد الكلامي ومحاولته الحفاظ على خط الرجعة في عدم التصعيد لإعطاء ذريعة للعدو الصهيوني، ليقوم بمغامرة مجنونة تخدم نتنياهو واليمين الصهيوني المتعطش للدم في فلسطين ولبنان.
Visited 4 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني