اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء وآفاق المستقبل

اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء وآفاق المستقبل

المعطي قبال- باريس

      في الثلاثين من شهر يوليوز، انتهت «حكاية الحب» (استعمل إمانويل ماكرون هذا التعبير غداة زيارته الرسمية للجزائر) بين فرنسا والجزائر، وذلك بعد أن قرر ماكرون طي صفحة العلاقات مع الجزائر والالتفات صوب المغرب لوضع العلاقات على سكة جديدة ترسم أفاق جديدة بناء على اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء.

 ذلك أنه أمام الشلل السياسي والتناحر داخل الهيئة العسكرية الجزائرية بين مؤيد للتقارب مع فرنسا ومناهض لها، أمام التلكؤات والمزايدات على ملف الذاكرة وطلب العفو،  قرر قصر الإيليزيه إذا نهج سياسة برجماتية مع طي إلى أجل غير مسمى، صفحة علاقاتها مع الجزائر. وقد أبلغ ماكرون أرباب الشركات الفرنسية الكبرى : إنجي، سان غوبان، أو د إف الخ… بفحوى الرسالة التي بعث بها للعاهل المغربي. قد تؤثر خطوة ماكرون بالكاد على الزيارة الرسمية التي كان عبد المجيد تبون يعتزم القيام بها في شهر سبتمبر إلى فرنسا.

من المحتمل أيضا أن تجمد العقود التي وقعت بين البلدين في مجالي النفط والصناعات، ناهيك عن تسمم العلاقات في مجرى شبكات التواصل الاجتماعي. وبما ان الجزائر مقبلة على انتخابات الرئاسة ، من المحتمل أن يستغل الرئيس تبون هذه الفرصة لتلويك الخطاب المكرور عن «فرنسا الاستعمارية» و«الحجر الكولونيالي» الذي تمارسه فرنسا بإفريقيا.

 الواقع أن هذا الخطاب بشعاراته المعادية لفرنسا وللفرنكوفونية قد أفلست قيمته في المحافل السياسية والثقافية. وتمشيا مع «سياسة النيف»، سحبت الجزائر على التو إثر إبلاغها برسالة ماكرون إلى العاهل المغربي، سحبت سفيرها المعتمد بباريس سعيد موسي.

وللذكر أجرت صحيفة لوفيغارو في عددها اليوم استفتاء لدى قرائها في موضوع «هل إمانويل ماكرون على صواب باعترافه بسيادة المغرب على الصحراء الغربية»، أجاب 77 في المائة بأنه على صواب، فيما أجاب 23 في المائة أنه مخطيء في اختياره.

من جهة أخرى ارتفعت جوقة الصحافة الجزائرية للتنديد بهذا الاعتراف. وتحاول الجزائر بعد توتر علاقاتها مع مالي والنيجر الاقتراب من موريتانيا. وفي هذا الصدد يقوم اليوم الرئيس المزعوم لجبهة البوليساريو، إبراهيم غالي بزيارة لنواكشوط وذلك لحضور حفل تنصيب محمد ولد الشيخ الغزواني رئيسا لولاية ثانية. وفي مثل هذه المناسبات من الصعب الحديث في أمور السياسة وعليه سيكتفي بذرف دموع الخيبة والحسرة أمام الموريتانيين.

 بعد نهاية الألعاب الأولمبية، ستعرف رهانات هذا الاعتراف تفاعلات جديدة من الصعب التكهن بشكلها وحجمها. يبقى أن اختيار ماكرون لتوقيت الاعتراف، احتفال العاهل ب خمسة وعشرين عاما على تربعه على العرش، هو هدية للمغرب، للملك وضربة معلم قوية في المجال السياسي والدبلوماسي. بعد هذا الاعتراف، يصبح الخيار العسكري الذي ما فتئت الجزائر تلوحه في كل المناسبات لاغيا ،لأنها تعرف اليوم جيدا بأن الترسانة الحربية المغربية جاهزة ومكتملة. المؤكد أن المغرب لن يميل إلى هذا الحل بل سيدافع عن مشروع السيادة والشرعية والحوار الهادف.

Visited 48 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".