هل من أصداء لتوصية د. حسّاوي بخصوص شهادات قدماء ثانوية الإمام مالك؟
المصطفى اجْماهْري
في الخمس سنوات الأخيرة قامت مجموعة من قدماء ثانوية الإمام مالك بالدار البيضاء بإصدار كتابين من شهادات قدماء هذه المؤسسة التربوية العريقة. ضم كل كتاب حوالي 14 شهادة ضمنها شهادتان لأستاذين سابقين بالثانوية هما كمال عبد اللطيف ومحمد بلاجي. الكتاب الأول حمل عنوان “ثانوية الإمام مالك بالدار البيضاء، تحولات جيل”، صدر سنة 2021، بينما حمل الكتاب الثاني الصادر سنة 2024 عنوان “ثانوية الإمام مالك بالدار البيضاء، تحديات جيل”. وقد حظيت هذه المبادرة بتقدير كبير من عدد من المتتبعين ومن بعض وسائط الإعلام المكتوب. كما خُصصت مناسبتان لتقديمهما بالدار البيضاء. المناسبة الأولى تمت في فبراير 2022 ونظمتها سعاد البكدوري الخمال، أستاذة سابقة بنفس الثانوية، ورئيسة الجمعية المغربية لضحايا الإرهاب، والمناسبة الثانية نُظمت بالثانوية نفسها من طرف الأستاذة خديجة بن رحو، مديرة المؤسسة.
وأن يصدر كتابان لصيانة ذاكرة مؤسسة تربوية مغربية من طرف ثلة من قدماء تلاميذها الذين تقاعدوا عن العمل منذ سنوات، فهو إلى ندرته ينم عن تعلق بقيم الثقافة والمعرفة التي لولا هذه المؤسسة التربوية وطاقمها التربوي لما كان لهم هذا الحماس المتجدد لربط الماضي بالحاضر والاعتراف بأفضال المدرسة العمومية عليهم وعلى جيلهم بشكل عام.
والملاحظ أن هذين الإصدارين يُعدان من بين الأعمال القليلة في المغرب المخصصة لتاريخ المؤسسات التعليمية، كما يُعدان من الأعمال شبه النادرة عن مذكرات التلاميذ الداخليين. وحسب الببليوغرافيا المغربية في هذا المجال فإن المؤسسات التعليمية التي صدرت بشأنها كتابات مونوغرافية أو تاريخية تبقى محدودة في معهد تارودانت، وكوليج آزرو، ومدرسة التهذيب الابتدائية الحرة بالجديدة، وثانوية ابن خلدون بالجديدة، وغيرها قليل.
وكما يقول مقدم الكتاب الأول من الشهادات، الخبير التربوي عبد اللطيف اليوسفي: ” فإن هذه الشهادات تقدم لنا نموذجا حيا لما كان عليه المجتمع المدرسي من اختلاط اجتماعي وطبقي غني؛ بحيث كانت المدرسة العمومية ذلك الخلاط، بل ذلك المرجل الذي صيغ فيه الاختلاط الاجتماعي الذي أغنى الوطن، وحقق التلاقح المنتج بين أبناء الطبقات الاجتماعية المختلفة، وضمن التفاعل الإيجابي بين أبناء المناطق المجاورة باحتضانهم في الداخليات”.
ورغم أهمية هذين الكتابين في التوثيق للذاكرة التربوية، حفظا لها من التلاشي وحفزا للأجيال الصاعدة على الارتقاء، فيبدو، كما لاحظت المجموعة التي أشرفت على العمل، أن التجاوب المنتظر من قبل المختصين في الشؤون البيداغوجية لم يكن في المستوى المطلوب. فعلى سبيل المثال رغم توصل بعض مدبري الشأن التربوي ببعض مراكز مهن التربية والتكوين بالكتابين على سبيل الإهداء إلا أن الغالبية لم تحرك ساكنا ولو بكلمة شكر. وإذا كان الأمر على هذه الحال، فلا مجال لتوجيه اللوم للقارئ العادي.
وللتذكير ففي كلمته التقديمية بمناسبة تكريم الدكتور محمد بلاجي من قبل قدماء تلاميذه بثانوية الإمام مالك بالدار البيضاء، يوم الخميس 23 ماي 2024، تقدّم الأستاذ الجامعي الدكتور محمد حسّاوي، باسم قدماء تلاميذ الثانوية المذكورة، بتوصية ذات طابع بيداغوجي وعملي ألا وهي اعتماد ما أُنجز في الكتابين الأول والثاني من شهادات قدماء الثانوية ليكون نصّا لأرضية تصلح لتنظيم ملتقيات للبحث البيداغوجي والاجتماعي والنفسي والاقتصادي والتدبيري. حيث اقترح ذ. حسّاوي أن تُستخرج من هذه الأرضية عناوين لموضوعات تُدرّس، وعناوين لأوراش من مثل: ورش المهارات الحياتية، ورش المهارات التواصلية، ورش التعلمات العمودية والأفقية. وهي الأرضية التي يمكن أن تُعرض على متخصصين في السياسة والتربية وعلم النفس وعلم الاقتصاد والتدبير والقانون والتواصل.