ماذا عن عيد المرأة في زمن الأوبئة وانفجار الكراهيات؟
عائشة التاج*
هل تكفي الورود وكلمات المجاملة الجميلة لتطييب خواطر جحافل النساء اللواتي ما فتئن يحصدن هذا الركام من الاضطرابات والاختلالات البنيوية منها وتلك التي حملتها أمواج الأحداث والتقلبات الجديدة؟
إنه زمن القسوة والصلابة وحتى الشراسة، حيث تطفو قيم المواجهات البينية بين الدول والجماعات والأشخاص بطرق غير مألوفة، على الأقل في العشريات الأخيرة.
إنه زمن تقهقر الحقوق الإنسانية أمام صوت المدفع والصاروخ وحدة المكر السياسي والتهافت الاقتصادي..
زمن المنع الثقافي وانحسار مساحات الجمال..
زمن انحسار السياحة والتعاون الدولي وما ينتج عن ذلك من انغلاق على الذات.
لقد فتتت كورونا ومشتقاتها النسيج الإنساني، عالميا وداخل كل بلد، فتقلصت نسبة النشاطات الفكرية وما شابهها..
لا عروض ثقافية ولا فنية ولا فكرية فوق الركح العام، اللهم إلا من فتات الفتات ولغة الخشب السياسوية…
ومما لا شك فيه أن أي حديث عن عيد المرأة، ضمن هكذا سياق، يغدو من باب الترف، حتى وإن كانت الحاجة إليه أكثر إلحاحا من أي وقت كان. ذلك أن تداعيات الوباء على الوضع النسوي كانت وخيمة العواقب، دون أدنى شك.
ذلك أن الحظر الصحي ومنع ارتياد الأماكن العمومية، أو تقليص أنشطتها، جعلت الاحتكاك بين أفراد الأسرة داخل حيز زمني ومكاني يفرز نوعا من الاختناق النفسي والانفعالي، الذي قد يتحول لاصطدامات، وأحيانا لعنف، غالبا ما تكون ضحيته النساء. إذ ارتفعت نسبة العنف وحتى الطلاق، علما أن شروط المتابعة بالشكل المطلوب لم تكن متوفرة. وتمكن الإشارة أيضا إلى تلك المشاكل التي أفرزتها تداعيات كورونا وإجراءاتها العشوائية. كاتساع رقعة البطالة، نتيجة لتوقف بعض الأنشطة، وعجز البعض عن أداء مستحقات الكراء، وما قد ينتج عن ذلك من تفكك أسري تتحمل وزره الأكبر النساء، اللواتي يجدن أنفسهن أمام مسؤولية أطفال وحاجياتهم الكثيرة، أمام غياب أية مساعدات للدولة.
وحتى تلك المساعدات التي توفرت للبعض إثر الصندوق التضامني، كانت عابرة اللهم إلا المساعدات العائلية في بعض الحالات.
لقد خرجت فئات جديدة إلى سوق الشغل الأعرج، تتلمس طريقا للعيش مليئا بالأشواك. أعتقد أن هذه بعض المشاكل المستجدة التي تطرح نفسها على عيد المرأة في الزمن الكوروني…
هناك حتما مشاكل أخرى لا تقل أهمية، كالاكتئاب النفسي وآثاره، التأثير المباشر للوباء على الأسر ودور المرأة تجاه المرضى وتدبيرها لهذا المستجد.
قد تطول اللائحة، ولن يتسع لها صدر يوم أعزل ضمن صحراء زمن الحجر والممنوعات…
مع ذلك نقول:
شكرا لكل من أهدانا ورودا وكلمات ناعمة، تذكرنا بأنوثتنا وبأحلامنا الجميلة في الرقي بالمجتمع نحو مزيد من التكافؤ والتوازن والتكامل بين الجنسين.
هذه الورود لن تحل محل مطالبنا واحتياجاتنا وندواتنا في زمن الحصارات والتراجعات، ولكنها تبقى إشارة رمزية تعبر عن الاعتراف بأحقية النساء في يوم عالمي، للتذكير بمكانتهن وحقوقهن وأهدافهن ضمن سيرورة التمكين المجتمعي بكل أبعاده.
كل عام ونساء بلدي طموحات، مكافحات من أجل حياة تناسبهن..
كل عام ونساء العالم يحققن المزيد من المكاسب وعلى رأسها السلام والأمن والرفاهية للجميع، نساء ورجالا.