بلا أضاليل: هذه هي مظاهر الاحتلال الإيراني للبنان
حسين عطايا
في أواخر أيلول – سبتمبر من العام 1982، وأثناء اجتياح الجيش الإسرائيلي لمناطق واسعة في لبنان، تم إنشاء مجموعات قتالية خضعت للتدريب في مناطق بقاعية على أيدي ضُباط من الحرس الثوري الإيراني، تحت مسمى “حزب الله ــ المقاومة الاسلامية في لبنان”، أي منذ اللحظة الأولى لولادة هذا الحزب كانت النشأة إيرانية وبتمويل وتسليح وتغذية إيرانية، ولتاريخه لا زال هذا الحزب يسير وفق هذا النهج، وهذا ما أعلنه مراراً وجِهاراً أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله “بأن فلوسنا وأكلنا وشربنا ومعاشاتنا وصواريخنا” من إيران.
ليس بعيداً عن الواقع إذا قلنا إنه حزب إيران في لبنان، وذلك للكثير من الشواهد المسجلة بالصوت والصورة لعدد كبير من القادة الإيرانيين، لاسيما قاسم سليماني الذي قُتل بغارة أمريكية فور وصوله إلى مطار بغداد وخروجه منه في كانون الثاني – ينايرمن العام 2020، كذلك الجنرال قاآني الذي خلفه بقيادة فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. وهنا نلفت نظر نائب حزب الله محمد رعد بأن سُليماني قال وبعد انتهاء انتخابات العام 2018، “بأننا أصبحنا من خلال حزب الله وحلفائه نمتلك أكثرية 76 نائباً في البرلمان اللبناني”.
قآني في أكثر من مناسبة صرح بأن حزب الله يُمثل طليعة القوات الإيرانية على حدود فلسطين في الشرق الأوسط.
علي غلام رشيدي نقل عن قاسم سُليماني بأنه قال قبل ثلاثة أشهر من اغتياله بأنه أسس ستة جيوش خارج إيران منها حزب الله في لبنان، “حماس” و”الجهاد الاسلامي” في فلسطين، “الحشد الشعبي” في العراق، والحوثيين في اليمن، للدفاع عن إيران.
هذا غيضٌ من فيض تصريحات القادة الإيرانيين، عدا عن مقولة بأن أربعة عواصم عربية تحت سيطرة طهران (بيروت، دمشق، بغداد وصنعاء).
يأتي هذا الكلام في سياق الرد على ما قاله محمد رعد رئيس كتلة حزب الله في البرلمان اللبناني، في إحدى المناسبات الدينية في بلدة عِبا الجنوبية منذ يومين، حول الاحتلال الإيراني، متسائلا أين هم الجنود الإيرانيين في لبنان؟ ولم يكتف بطرح هذا التساؤل فحسب، بل تطرق إلى ذكر أضاليل حزبه في أنه هو وحزبه حُماة لبنان ومن خلفهم قاسم سليماني المقتول في بغداد، خصوصا حين قال: “بأن سُليماني ساهم بالدفاع عن لبنان في وجه التكفيريين، وحماهم من الذبح”. هنا فقط للذكرىن بأنه حين أطبق الجيش اللبناني على التكفيريين في جرود رأس بعلبك، قام “حزب الله” بنقل التكفيريين بباصات “مدارس المهدي” الخضراء والمكيفة إلى دمشق، ومنها إلى مناطق آمنة في سوريا.
وعلى سيرة التكفيريين، لا ننسى أيضاً دموع وحنية السيد نصرالله حين حاصر قافلتهم الطيران الأميركي، وكيف ثارت عاطفة سماحته على نساء وأطفال التكفيريين الذين كانوا يضربون الأطفال اللبنانيين وأهاليهم في لبنان وفي ضاحية السيد تحديداً. وحبذا لو درس رعد تاريخ شعب لبنان جيدا وجنوبه خاصة لوجد بأن الجنوبيين، وقبل عقود من الزمن، هم من دافعوا عن جنوبهم وعن لبنان قبل أن يولد حزب الله في لبنان، ويومها كانت إيران لازالت تحت حكم الشاه، وقبل الثورة المسماة إسلامية، وهي نهضت على أكتاف ودماء الشعب الإيراني ثم تم اغتصابها وتحويلها إسلامية تحت حكم ولاية الفقيه.
فاللبنانيون والجنوبيون منهم، ليسوا بحاجة لمن يُدافع عنهم أو يحميهم من الذبح.
وفي معرض حديثه تساءل سعادة النائب عن الاحتلال الإيراني باستهزاء، سائلاً هل ترون جيشاً إيرانياً في لبنان؟ هذا النائب دخل الندوة البرلمانية بغفلة من الزمن وفي ظل الاحتلال الايراني ووصايته، لم يكن يعلم بأن للاحتلال أوجها عدة، احتلال عسكري، احتلال سياسي واحتلال اقتصادي، من خلال الهيمنة السياسية على إدارة البلاد، أو الاقتصاد وغيرها، وهنا لا يسعنا إلا أن نُذكره بأن منع مجلس النواب من الالتئام على مدى سنتين وخمسة أشهر إلى أن تم انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، وهذا ما كان منذ اللحظة الأولى مطلب الشيخ نعيم قاسم نائب نصر الله في الحزب بقوله: “إما أن تنتخبوا ميشال عون أو لا انتخاب أحد”.
أليس هذا احتلالاً يقع تحت بند الهيمنة السياسية على إدارة البلاد؟
كيف يتساءل رعد هل تعلمون عديد العسكر الأميركي الذي يتحرك ويتنقل ما بين “حامات” و”رياق” وسفارة الولايات المتحدة في “عوكر”؟؟
هنا الجواب واضح وجلي، ولا يحتمل التأويل أو الإبهام، أو التحليل أو الاستنتاج، لأن العسكر الأميركي يدخل إلى لبنان عبر مطار بيروت أو عبر مطار “رياق”، بعلم وموافقة ومواكبة الجيش اللبناني.
وهنا نطرح سؤالاً عكسياً.. هل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، يعلم كم عديد العسكر والضباط الإيرانيين من الحرس الثوري، وما يُسمى “فيلق القدس” الذين يدخلون إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية، التي يُسيطر عليها حزبه؟؟؟
وليس دخول قيس الخزعلي قائد “عصائب أهل الحق”عبر أحد تلك المعابر منذ فترة طويلة إلا أحد الامثلة.
وفي نقطة أخرى تحدث سعادة النائب رعد عن أسماء الشوارع في بيروت، مثلا شارع فوش وديغول وغيرها، هنا نوجه له السؤال، أليس في ضاحية بيروت شارع وساحة قاسم سليماني وتمثال له؟؟
هل تم ذلك نتيجة رِضا وقبول من جميع المواطنين؟
هل يرى الصور العملاقة لسليماني وغيره من القادة الإيرانيين، والأعلام الإيرانية التي تظهر على جنبات الطريق من مطار بيروت إلى بقية مناطق العاصمة؟ هل هذا أمر صحي؟
وهل في طهران عاصمة ولاية الفقيه شبيها لهذه الصور والأعلام؟
وهل هذا الأمر يدل على أن القادم إلى لبنان هو في عاصمته أو في أحد أحياء طهران، أو غيرها من المدن الايرانية؟؟!!
لقد عشنا الاحتلال الصهيوني، ولم تكن على الطرقات أعلاما صهيونية، أو صور قادة العدو، حتى في فلسطين المحتلة هذا الأمر غير موجود.
عشنا الاحتلال السوري ولم تكن الصور والأعلام موجودة سوى بالقرب من المواقع السورية وحواجزهم، بينما ما نجده في شوارع لبنان من الجنوب إلى بيروت والبقاع وغيرها من المناطق اللبنانية… نعم هو احتلال فعلي وواقعي يُهيمن على لبنان بقراره السياسي وحتى الأمني والاقتصادي..
فاللبنانيون يا سعادة النائب الإلهي.. يعيشون احتلالاً إيرانياً بالفعل والممارسة، ولا ننسى طبعاً سياسة تخوين اللبنانيين الذين يُعارضون حزبكم ورأيكم السياسي، خصوصاً إذا ما تذكرنا حكم المحكمة الدولية بخصوص لبنان قرارها الاخير، بفسخ براءة أعضاء حزبكم واعتبارهم مذنبون ومشاركون في جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. وبالطبع لن ننسى كوكبة الشهداء الذين سقطوا خلال العام 2005، وما تلاها من نواب وقادة وضباط جيش وأمن، واليد تُشير إلى جهة صدر بحق عناصرها حكم الإدانة، فكل ذلك يا سعادة النائب موثق بالأدلة والبراهين، وهنا لا يسعنا إلا أن نتذكر تلك المقولة السمجة بأن إسرائيل فد تكون هي من اغتالت هؤلاء الشهداء، وهنا المُصادفة الغريبة العجيبة، بأن كل من يقف في وجه حزب الله تقتله إسرائيل، وطبعا آخرهم الشهيد لقمان سليم.
يا سعادة النائب.. حضوركم احتلال اإراني بنسخة لبنانية، تأتمر بأوامر إيران، من أعلى القمة إلى أدنى رتبة تحت مسمى “تكليف شرعي من الولي الفقيه” في طهران، فحقاً إنكم تستحقون تسمية “حزب إيران في لبنان”.