لا شفاعة للسنيورة عند “المستقبليين”
صبحي زعيتر*
يصح على موقف رئيس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة المثل القائل: “كثير من الجعجعة وقليل من الطحين”، حتى ليكاد المرء يتحسس رقبته ويصحو من غفوته، متسائلا في سره: في أي وقت أعيش؟! هل ما أسمعه حقيقة أنه من نسج خيالات الإعلام؟ هل الذي كان يتكلم في مؤتمر صحافي محاطا بجمهور كبير من الإعلام ومرتزقة الانتخابات، هو نفسه من كان يتباكى على إرث الرئيس الشهيد رفيق الحريري منذ استشهاده في 14 آذار- مارس 2005، وحتى قبل أيام من مؤتمره الصحافي؟
تحت عنوان “عدم ترك الساحة السنية للانتهازيين”، امتطى فؤاد السنيورة جواد المعركة وتحصن بعدم انتسابه إلى “تيار المستقبل”، ليغرد خارج سربه. فهو من الناحية القانونية غير معني بتعميم الرئيس سعد الحريري الالتزام بقرارته التنظيمية، وتدثر بعباءة المفتي، تحت شعار عدم إعادة تجربة المقاطعة المسيحية لانتخابات عام 1992 “إكراما للميثاقية”، ليجمع حوله كل طامح بالنيابة أو على لائحة “شرف” المرشحين للبرلمان.
من ذرف الدموع على ما عاناه اللبنانيون خلال عدوان إسرائيل في تموز – يوليو 2006، كان ظني به أن يبقي، ولو دمعة واحدة، ليذرفها على إرث رفيق الحريري المتمثل بـ”تيار المستقبل”، وحصريا بسعد الحريري. فما حققه السنيورة باسم الحريرية السياسية، إن كان على المستوى الرسمي (ترأس حكومتين باسم “تيار المستقبل”، وترأس كتلته النيابية لعدة سنوات) فضلا عن المكاسب المالية الكبرى، يُحسد عليها من قبل المستقبليين، وكل من كان قريبا من رفيق الحريري أولا، ومن ثم سعد الحريري في مرحلة ما بعد الاستشهاد.
اعتبر السنيورة اعتكاف سعد الحريري عن الترشح هو وتياره، فرصة ذهبية ليتبوأ الزعامة السنية في لبنان، لكنه في اللحظة الأخيرة تماهى مع زملائه في نادي رؤساء الحكومات، سعد الحريري وتمام سلام ونجيب ميقاتي، لكن عزوفه عن الترشح لم يشفع له لدى التيار الأزرق ورئيسه، بعد أن أسقط الحريري الحرم على كل عضو في “المستقبل” يتعاطى مع الاستحقاق الانتخابي ترشيحا أو نشاطا. وكانت ذروة امتعاض سعد الحريري من السنيورة، ما سرب عن مقربين منه، ألا وهو تحريم التعامل مع ثلاثة: فؤاد السنيورة، وأشرف ريفي، وسمير جعجع، وضمنا “القوات اللبنانية”.
* صحفي وكاتب لبناني