النظام الإيراني وبدعة الحوار والإصلاح والاعتذار
ريم ياسين
مع دخول انتفاضة الشعب الإيراني شهرها الثاني، ومع تصاعد التحركات الشعبية التي عمت مختلف المدن والمناطق والفئات الاجتماعية، ظهرت نغمة جديدة في تصريحات المسؤولين الإيرانيين ومرشد الجمهورية الإسلامية، تتمثل في الدعوات إلى “الاستماع للمواطنين”، “الاعتذار للمواطنين”، والاستعداد “لتقبُّل النقد” وضرورة إصلاح المسؤولين لأنفسهم.
ويأتي ذلك مترافقا مع ممارسات القمع التي وصلت إلى حد اعتقال الأطفال وضرب الفتيات، وتسجيل حالات اغتصاب وتحرش من قبل القوى الأمنية، بالاضافة إلى الاعتقالات العشوائية. ومن الواضح أن نظام ولي الفقيه يحاول عبر دعواته لإصلاح ذات البين بين السلطة والشعب، خداع الإيرانيين بثرثرات بهدف وقف الاحتجاجات، والحد من تدفق الناس إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم ورغبتهم في التغيير وإسقاط النظام الذي كبل حريتهم منذ عقود ومنعهم من العيش الكريم، وهو يسعى إلى تصدير نموذجه نحو العالم العربي غير آبه بتلبية حاجات شعبه، بدل التلهي في حروب وتحديات وسياسات جعلت إيران معزولة ومعاقبة، على الرغم من حصول فائدة هنا أو هناك لا تغني ولا تسمن.
لقد عجز النظام عن ضبط انتفاضة الشعب، ووصل إلى طريق مسدود، وظهر عجزه عن وقف الاحتجاجات والتظاهرات على الرغم من القمع الشديد، وهو فشل في إيجاد الحلول للأزمات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الإيرانيون، وعلى أمل التقاط أنفاسه، يحاول حاليا مغازلة الشعب بتقديم اعتذارات أو الإعلان عن دعوات للتفاهم، لكنه يبقى عاجزا عن القيام بمبادرات حقيقية بدل المناورة وتنفيس الاحتقانات، مما يعني أن محاولاته قد لا تنجح في لجم غضب الشعب الذي لم يعد بإمكانه التراجع بعد هدر الدم إذ وصل فاق عدد الشهداء الـ 233 شهيدا.
ويمكن استشفاف ما يسعى إليه النظام من محاولات لإيقاف حركة الاحتجاجات من خلال التصريحات التي جاءت على لسان مسؤولين، ومنها على سبيل المثال ما قاله في هذا المجال رئيس السلطة القضائية غلام ايجئي الذي أكد على الاستعداد لسماع الانتقادات، ووجهات نظر الجميع، وإجراء بعض الإصلاحات إذا لزم الأمر. كما تحدث أمين سر المجلس الثقافي رضا عاملي عن “البيت الوطني للحوار الحر” الذي يتيح لكل شخص التعبير عن رأيه بلا قيود.
وتحدث عضو مجلس الشورى محمد باقري عن ضرورة “الحوار الوطني” لإيجاد حلول لمشكلات البلاد”. كما دعا عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام اسدي إلى تغيير الرؤية الأمنية للحكومة لتكون استراتيجية النظام مبشِّرة بالخير للمواطنين.
ويبدو أن هذه التصريحات تهدف في الحقيقة إلى خداع الايرانيين وتعبر عن خوف النظام من اتساع الانتفاضة، إلا أن التحركات تتواصل ومشاركة الإيرانيين فيها تتسع في المدن والمناطق والدعوات إلى المشاركة في الاحتجاجات لتطال مختلف القطاعات، لا تتوقف والدليل ارتفاع نسبة المشاركة في عدة مدن، وهذا يعبر عن أن محاولات النظام هذه لن تنجح والكشف عن أهدافها بين الناس من مهام شبان الأحياء الذين يحركون الشارع ويعبرون عما يريده الشعب الإيراني، فلا ثقة بهذا النظام ولا أمل إلا بتغييره ما دام يقتل الأطفال ويعتقل النساء والبنات ويقيد الحريات ويهين الكرامات الانسانية.