اليوم التاسع للحرب: استهداف منشأة زابوريجيا النووية يدق ناقوس الخطر
السؤال الآن ــــ وكالات
في اليوم التاسع للحرب، إقترب القتال اليوم بين القوات الروسية والأوكرانية من منشأة زابوريجيا النووية التي تعد الأكبر في أوروبا، مما تسبب في اندلاع حريق دفع قادة العالم الى دق ناقوس الخطر والتحذير من وقوع “كارثة شاملة”.
أعلنت كييف أنّ نيران القوات الروسية استهدفت الجمعة محطة زابوريجيا النووية وسط أوكرانيا والأكبر في أوروبا، ما أسفر عن اندلاع حريق بمبنى للتدريب، مطمئنة إلى عدم تضرّر أي معدات “أساسية” فيها، في قصف رأى فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لجوءاً من موسكو إلى “الرعب النووي” ومحاولة “تكرار” كارثة تشيرنوبيل. وقال المتحدّث باسم المحطة أندري توز في مقطع فيديو نشر على حساب المحطة على تطبيق تليغرام إنّه “نتيجة لقصف للقوات الروسية على محطة زابوريجيا النووية اندلع حريق”.
ولاحقاً طمأن أولكسندر ستاروخ رئيس الإدارة العسكرية لمنطقة زابوريجيا إلى أنّ السلامة النووية لهذه المنشأة باتت “مضمونة” وأن فرق الإطفاء تمكنت من إخماد الحريق. وقال عبر فيسبوك إنّ “مدير المحطة أشار إلى أنّ مبنى للتدريب ومختبراً تضرّرا جرّاء الحريق”، وأنه لا ضحايا بشرية”. وبحث الرئيس الأميركي، جو بايدن هاتفيا مع نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قضية محطة زابوريجيا النووية الواقعة في وسط أوكرانيا، وفق ما كشفه البيت الأبيض، إذ إنضم بايدن إلى زيلينسكي في حث روسيا على وقف أنشطتها العسكرية في المنطقة، والسماح لرجال الأطفاء بالوصول للموقع.
وأجرى بايدن اتصالات مع وكيلة الأمن النووي في وزارة الطاقة الأميركية ومديرة الإدارة الوطنية للأمن النووي، لمعرفة آخر المستجدات بشأن الوضع في المحطة النووية، حيث تم إبلاغه بالمستجدات أولا بأول. وإثر هذا القصف اتّهم زيلينسكي روسيا باللجوء إلى “الرعب النووي” والسعي “لتكرار” كارثة تشيرنوبيل.
وقال زيلينسكي في رسالة عبر الفيديو نشرتها الرئاسة الأوكرانية “لا يوجد أي بلد في العالم سوى روسيا أطلق النار على محطات للطاقة النووية. إنّها المرة الأولى في تاريخنا، في تاريخ البشرية. هذه الدولة الإرهابية تلجأ الآن إلى الرعب النووي”. وأضاف أنّ “أوكرانيا لديها 15 مفاعلاً نووياً. إذا حدث انفجار، فستكون نهاية كلّ شيء، ستكون نهاية أوروبا، سيجري إخلاء أوروبا”. وحذّر من أنّه “فقط تحرّك أوروبي فوري يمكنه أن يوقف القوات الروسية. يجب أن نمنع أوروبا الموت بسبب كارثة نووية”. وذكّر زيلينسكي بأنّه بسبب كارثة تشيرنوبيل في 1986 “مئات الآلاف عانوا عواقب وعشرات الآلاف جرى إجلاؤهم. روسيا تريد تكرار ذلك، وهي تكرّره الآن”.
وأوضحت وكالة تفتيش المواقع النووية الأوكرانية أن القوات الروسية تسيطر على أراضي منشأة زابوريجيا النووية في جنوب البلاد والتي تعرضت لضربات روسية خلال الليل مؤكدة أن الطاقم يؤمن تشغيل الموقع وفقا لمتطلبات القواعد التقنية لسلامة التشغيل”. ودعت الوكالة لوقف استخدام القوة قرب هذه المنشأة النووية، محذّرة من “خطر جسيم” إذا ما أصيبت مفاعلاتها. وقالت الوكالة في تغريدة أخرى إنّها “تدعو لوقف استخدام القوة وتحذّر من خطر جسيم إذا أصيبت المفاعلات”.
وكانت كييف أبلغت الخميس الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوجود دبابات وعسكريين روس على مقربة من بلدة إنيرهودار التي تبعد كيلومترات قليلة عن محطة زابوريجيا للطاقة النووية. ومحطة زابوريجيا التي بُنيت في 1985 حين كانت أوكرانيا جزءاً من الاتحاد السوفيتي السابق، تضمّ ستة مفاعلات نووية وتوفّر جزءاً كبيراً من احتياجات البلاد من الكهرباء. وفي 24 فبراير/شباط دارت معارك بين القوات الروسية والجيش الأوكراني قرب محطة تشرنوبيل للطاقة النووية المغلقة منذ 1986 حين وقع فيها أسوأ حادث نووي بالتاريخ. ومحطة تشيرنوبيل التي تسيطر عليها حالياً القوات الروسية تقع على بُعد نحو مئة كيلومتر شمال كييف وقد شهدت في 26 أبريل/نيسان 1986 أسوأ حادث نووي بتاريخ البشرية، إذ انفجر يومها مفاعل وتسبّب بتلوث في ثلاثة أرباع أوروبا تقريباً، ولا سيما في الاتّحاد السوفيتي.
وإثر الانفجار أجلي نحو 350 ألف شخص من محيط 30 كيلومتراً حول المحطة التي لا تزال منطقة محظورة. ولا تزال حصيلة الخسائر البشرية لهذه الكارثة موضع جدل. فما هي محطة زابوريجيا النووية؟ ما هي أهميتها؟ تقع المحطة النووية في مدينة إنيرهودار بمقاطعة زابوريجيا، جنوبي أوكرانيا، وتحديدا على ضفة خزان كاخوفكا المتفرع من نهر دنيبر. وتملكها وتديرها شركة توليد الطاقة النووية الأوكرانية (شركة دولة).
وزابوريجيا واحدة من أربح محطات طاقة نووية عاملة في البلاد، لكنها الأكبر والأبرز ليس على مستوى أوكرانيا بل على مستوى أوروبا كلها. وتنتج المحطة ما يعادل 42 مليار كيلو واط ساعة من الكهرباء، بما يشكل نحو 40 بالمئة من إجمالي الطاقة الكهربائية المتولدة من محطات الطاقة النووية الأوكرانية، وخمس إنتاج الكهرباء السنوي في أوكرانيا، بحسب موقع “بور تكنولوجي” العلمي. وبدأت هذه المحطة النووية في العمل عام 1984، لذلك تصميمها كان ولا يزال سوفيتيا وأنتجت نحو 1.23 تريليون كيلوواط ساعة من الكهرباء حتى كانون الاول 2021. وتتكون من 6 وحدات مفاعلات الماء المضغوط، التي جرى تشغيلها بين عامي 1984 و1995، بسعة تبلغ إجمالي 1000 ميغاواط لكل واحدة منها. وقبل يومين من الهجوم على المحطة النووية، كتب موقع السلام الأخضر تحليلا عن المخاطر النووية في زابوريجيا. وقال الموقع إن إنهاء الحرب في أوكرانيا فورا لإنهاء التهديد النووي غير المسبوق. وبحسب السلام الأخضر، يوجد في أوكرانيا 15 مفاعلا نوويا تجاريا، بما في ذلك أكبر زابوريجيا، أكبر محطة نووية في أوروبا. واعتبرت أن الهجوم الروسي يهدد، في حال استهداف هذه المنشآت النووية، بجعل مناطق شاسعة في أوروبا وكذلك روسيا غير صالحة للسكن، لعقود قادمة. وخلص بحث أجراه خبراء منظمة السلاح الأخضر إلى أن زابوريجيا تتعرض لخطر شديد بسبب الحرب. وفي أسوأ السيناريوهات، قد تدمر الانفجارات أنظمة احتواء المفاعل والتبريد، مما يؤدي إلى إطلاق نشاط إشعاعي من قلب المفاعل، بما يفضي إلى كارثة أسوأ بكثير من كارثة فوكوشيما عام 2011. ونشرت”وكالة الصحافة الفرنسية” نشرت معلومات عن المنشأة النووية، مشيرة الى إنها تقع المنشأة في جنوب أوكرانيا على نهر دنيبر، على بعد حوالى 525 كيلومترا جنوب تشرنوبيل، حيث وقع أسوأ حادث نووي في التاريخ عام 1986، موقعا مئات القتلى. وتبلغ الطاقة الإجمالية لمحطة زابوريجيا نحو 6 آلاف ميغاواط، وهي طاقة تكفي لنحو 4 ملايين منزل. وفي الأوضاع العادية، توفر المحطة خمس حاجات الكهرباء في أوكرانيا وقرابة نصف الطاقة التي تنتجها المنشآت النووية في البلاد. بدأت عملية بناء المفاعل الأول في المحطة عام 1979. ويضم المرفق حاليا 6 مفاعلات (في في إي آر-1000) من الطراز السوفياتي، علما أن بناء المفاعل الأخير بدأ عام 1995.
ويقدر عمر كل مفاعل بين 40 و60 عاما، وقد يطول أكثر مع تقدم التكنولوجيا النووية. وقالت السلطات الأوكرانية إن القوات الروسية قصفت منشأة زابوريجيا النووية، مما أسفر عن اندلاع حريق في مبنى للتدريب. وبعد ساعات، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن أوكرانيا لم ترصد “أي تغير” في مستوى الإشعاعات في المحطة عقب القصف. وطمأن مسؤولون أميركيون إلى أن “المفاعلات في المنشأة تحميها هياكل قوية ويتم إغلاق المفاعلات بشكل آمن”. ومفاعلات زابوريجيا هي من نوع مفاعلات الماء المضغوط، التي تعد من بين الأكثر أمانا. وتوجد مفاعلات مماثلة في بلاكوفو على نهر فولغا في جنوب غرب روسيا وفي كوزلوديو على نهر الدانوب في بلغاريا.
وتم تطوير التصميم الأساسي من مفاعل على غواصة نووية، مما يختلف بشكل كلي عن تصميم مفاعل الغرافيت في تشرنوبيل. وبخلاف زابوريجيا، جرى تصميم مفاعل تشرنوبيل أساسا لانتاح البلوتونيوم وليس توليد الطاقة. وتعمل مفاعلات محطة زابوريجيا على الوقود المخصب بيورانيوم 235 ويتم تشغيلها بواسطة نظام تسخين يحول المياه الى بخار. وبخلاف مفاعلات أخرى، لا يتم استخدام البخار النووي الملوث لتوليد الطاقة، بل لتشغيل دائرة بخار أخرى غير ملوثة، تشغل بدورها التوربينات. ويعني ذلك أن مستويات الإشعاع للعاملين في المحطة منخفضة نسبيا. ووفقا لمشغل المحطة، تبلغ مستويات الإشعاع الخلفية حول الموقع نحو 0,1 ميكروسيفرت في الساعة، أي أنها ما دون المتوسط العالمي لإشعاع الخلفية وأقل بكثير من الطيران على متن طائرة أو الخضوع للأشعة السينية.
خلال كارثة تشرنوبيل، بلغت مستويات الإشعاع نحو 300 سيفرت في الساعة، أي أعلى بملايين المرات. بعد العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا عام 2014، طوّرت كييف أنظمة أما جديدة تضمن الحماية المادية للمنشآت النووية في أنحاء البلاد، بما في ذلك عمليات تفتيش منتظمة وتقييم مواضع الضعف وتطبيق أنظمة تحكم آلي بالبيانات.
وأعلنت أجهزة الطوارئ المحلية أنه بحلول الساعة السادسة والثلث صباح اليوم بالتوقيت المحلي، تم إخماد حريق خلفه القصف الروسي على المحطة، مؤكدة عدم وقوع أي ضحايا. لكن الحريق الذي استمر لوقت قصير لم يمر من دون ردود فعل فورية قوية. إذ حذر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من أنّ تصرّفات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “المتهورة” يمكن أن “تهدد مباشرة سلامة أوروبا بأسرها”. ودعا مجلس الأمن الدولي الى عقد اجتماع طارئ للبحث في هذه المسألة.
من جهة ثانية، نقلت وكالة “سبوتنيك” عن المتحدث باسم القوات المسلحة الروسية، الجنرال إيغور كوناشينكوف قوله اليوم :”أن الجيش الروسي دمر أكثر من 1800 هدف عسكري أوكراني منذ بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا”. واضاف خلال مطالعة إعلامية بشأن العملية العسكرية في أوكرانيا: “تواصل القوات المسلحة الروسية استهداف البنية التحتية العسكرية الأوكرانية، حيث تم تدمير 1812 هدفا أثناء العملية من بينها: 65 مركز قيادة اتصالات للقوات المسلحة الأوكرانية و56 نظاما مضادا للطائرات من طراز “إس 300″ و”بوك إم 1″ و”أوسا” و59 رادارا”. وتابع أن “القوات المسلحة الروسية دمرت 49 طائرة للقوات الجوية الأوكرانية على الأرض و13 طائرة في الجو و635 دبابة ومدرعات أخرى و67 و252 مدفع ميدان ومدافع هاون و442 وحدة آلية عسكرية خاصة، بالإضافة إلى تدمير 54 طائرة مسيرة قادرة على حمل عبوات ناسفة”.
الى ذلك، نقلت وكالة “رويترز” عن أوليكسي أريستوفيتش، المستشار العسكري للرئيس الأوكراني اليوم قوله:”إن التقدم الروسي في مدينة ميكولايف الأوكرانية توقف بعد أن أبلغت السلطات المحلية عن دخول القوات الروسية للمرة الأولى إلى المدينة وهي مركز لبناء السفن على البحر الأسود”. واضاف: “يمكننا أن نشعر بتفاؤل حذر بشأن الآفاق المستقبلية لهجوم العدو، أعتقد أنه سيتوقف في مناطق أخرى أيضا”.