تبادل اتهامات حول تدمير سد نوفا كاخوفكا .. والوكالة الذرية تراقب
السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير
تعرض سد نوفا كاخوفكا الاستراتيجي المهم في جنوب أوكرانيا للتدمير. ويعادل تأثير تفجير السد بحسب الخبراء انفجار قنبلة نووية وسيؤدي إلى عواقب بيئية واقتصادية وتكنولوجية ضخمة على المنطقة المحلية، حيث خلال أربعة أيام ستغمر المياه المنطقة برمتها حسب التقديرات، لأجل ذلك يجب إجلاء المدنيين والحيوانات بأسرع وقت ممكن لتجنب الكارثة. وقد تم تدمير أربعة توربينات في محطة نوفا كاخوفكا جنوب أوكرانيا. وارتفع منسوب المياه إلى 10 أمتار.
وهذه الكارثة ستؤدي إلى نقص المياه في خزان نوفا كاخوفكا ما سيؤدي إلى جفاف الحقول في جنوب أوكرانيا. ويقع السد على نهر دنيبرو على بعد 30 كلم شرق مدينة خيرسون في جنوب أوكرانيا، ويحتجز كمية هائلة من المياه، حيث يبلغ ارتفاعه 30 مترا وعرضه مئات الأمتار. وقد تم بناء السد في عام 1956 كجزء من محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية.
ويحتوي خزان السد على ما يقدر بنحو 18 كيلومتراً مكعباً من المياه، وقد يؤدي تفجيره إلى إغراق القرى والمناطق المحيطة، بما في ذلك خيرسون، التي استعادت القوات الأوكرانية السيطرة عليها في أواخر عام 2022.
ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن أجهزة الطوارئ قولها إن حوالي 80 تجمعا سكنيا ربما تتأثر بدمار سد كاخوفكا.
من جانبه، أعلن حاكم منطقة خيرسون بدء عمليات إجلاء المناطق القريبة من كاخوفكا، وقال عبر تطبيق تليغرام: “خلال خمس ساعات سيصل منسوب المياه إلى مستوى حرج“.
وتزود المياه من الخزان شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014 بالإضافة إلى محطة زاباروجيا النووية. كما أنه يساعد في تشغيل محطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية. وسيضيف تدمير السد إلى مشاكل الطاقة المستمرة في أوكرانيا، بعد أن أمضت روسيا أسابيع في وقت سابق من هذا العام في استهداف البنية التحتية الحيوية.
وحث الرئيس فولوديمير زيلينسكي الغرب على تحذير روسيا من تفجير السد، مشيرا على أن تفجيره سيغرق منطقة كبيرة في جنوب أوكرانيا. وزعم حينها أن القوات الروسية زرعت متفجرات داخل السد. وقال زيلينسكي “تدمير السد سيعني كارثة واسعة النطاق” وقارن مثل هذا العمل باستخدام أسلحة الدمار الشامل. وقالت المخابرات العسكرية الأوكرانية إن “حجم الكارثة البيئية الناتجة عن تفجير السد سوف يتجاوز حدود أوكرانيا ويؤثر على منطقة البحر الأسود بأكملها“.
في الوقت نفسه، بعد أن استعادت أوكرانيا السيطرة على خيرسون في نوفمبر /تشرين الثاني، ظهرت صور لبعض الأضرار الكبيرة التي لحقت بالسد. واتهمت روسيا أوكرانيا بقصف السد في حملتها لاستعادة السيطرة على خيرسون. وفي مايو (أيار)، أفاد سكان قرية مجاورة للسد بتعرضها لفيضانات جارية ألقوا باللوم فيها على الاحتلال الروسي لنوفا كاخوفكا.
ولم يتضح بعد سبب اختراق السد، لكن الجيش الأوكراني اتهم روسيا بتعمد تفجيره في وقت مبكر من صباح اليوم. يبدو هذا معقولاً ، لأن موسكو ربما كانت تخشى أن تستخدم القوات الأوكرانية الطريق فوق السد لنقل القوات عبر النهر إلى الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، كجزء من هجوم مضاد.
في غضون ذلك، ألقى المسؤولون الذين تم تركيبهم في روسيا باللوم على أوكرانيا لقصف السد، لكنهم يقولون إن الجزء العلوي من المصنع فقط هو الذي دمر بسبب القصف وليس السد نفسه.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه لا توجد مخاطر فورية تتعلق بالسلامة النووية لكنها تراقب الوضع. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر السد قناة حيوية لنقل المياه من نهر دنيبرو إلى شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا، مما يعني أنه من المحتمل أن تتأثر إمدادات المياه هناك.
من جهة اخرى، وصف قائد مجموعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين اليوم حصيلة الخسائر الأوكرانية التي أعلنتها موسكو بعد تأكيدها صد هجومين كبيرين في يومين، أنها “تخيلات”.
وأكّدت وزارة الدفاع الروسية أنها صدّت هجومين أوكرانيين واسعي النطاق يومي الأحد والاثنين الماضيين في جنوب منطقة دونباس، وقتلت “أكثر من 1500 جندي أوكراني”، ودمرت “28 دبابة”.
من جهتها، لم تقدّم الحكومة الأوكرانية التي أعلنت تحقيق مكاسب قرب مدينة باخموت (شرقي البلاد) أي حصيلة.
وقال بريغوجين ساخرا من الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناتشنكوف”إن قتل 1500 جندي في يوم واحد هو مذبحة. إذا جمعنا كل الأرقام التي قدمها كوناتشنكوف سنكون قد دمّرنا كوكب الأرض برمّته 5 مرات”.
وقالت روسيا إنها أحبطت هجوما أوكرانيا آخر في شرق دونيتسك وتسببت في خسائر فادحة. والتزمت كييف الصمت التام بخصوص الهجوم المضاد، لكنها نفت مزاعم روسيا بأنها أحبطت الهجمات الأوكرانية.
كما شنت روسيا موجة جديدة من الضربات الجوية خلال الليل على كييف. وقالت أوكرانيا إن أنظمة دفاعها الجوي أسقطت أكثر من 20 صاروخا لدى اقترابهم من العاصمة.
وقالت السلطات المحلية إن مدينة شيبيكينو في منطقة بيلغورود الروسية المتاخمة للحدود الأوكرانية تعرضت لقصف متجدد اليوم، وحثت السكان على الاحتماء. ويقول مسلحون روس مناهضون للحكومة ومتمركزون حاليا في أوكرانيا إنهم تسللوا إلى المنطقة وسيطروا على القرى القريبة من الحدود.
وقالت المخابرات العسكرية الأوكرانية على “تليغرام” إن القوات الروسية فجرت السد وهي “في حالة ذعر” ، فيما قالت إنه “عمل إرهابي واضح وجريمة حرب ستمثل أدلة أمام محكمة دولية“.
وقال أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أوليكسي دانيلوف على “تويتر”، إن زيلينسكي سيعقد اجتماعا طارئا لمناقشة انهيار السد.
من جهته، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إن 71 جندياً روسياً قتلوا، و210 آخرين أصيبوا فيما وصفه بـ”الهجوم الأوكراني الفاشل” في الأيام الماضية. وأضاف في بيان نشرته وزارة الدفاع على تليغرام، أنه جرى تدمير 15 دبابة روسية، وتسع عربات مدرعة خلال القتال.
ونقل البيان عن شويغو قوله “أكرر أن العدو لم يحقق أهدافه ومني بخسائر فادحة”. وأكد شويغو أن خسائر القوات المسلحة الأوكرانية خلال الأيام الثلاثة الماضية من الأعمال القتالية على جميع المحاور بلغت 3715 عسكرياً، بالإضافة لتدمير 52 دبابة، و207 مركبات قتالية مصفحة، و134 مركبة، و5 طائرات وطائرتي هليكوبتر، و48 مدفعية ميدانية، و53 طائرة دون طيار.
وأشار شويغو إلى أن سلاح الجو الروسي دمّر 5 دبابات و29 مدرعة تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية بصواريخ موجهة أثناء صد هجوم القوات الأوكرانية.
وقال شويغو: “من الضروري، بشكل خاص، الإشارة إلى الإجراءات الصحيحة لسلاح الجو الروسي”، مؤكداً استخدام “50 صاروخاً موجهاً مضاداً للدبابات، ما أدى إلى تدمير 5 دبابات و29 مركبة قتالية مدرعة أخرى” للجيش الأوكراني. كما اتهم شويغو أوكرانيا بتفجير سد كاخوفكا الضخم في إطار خطة لإعادة انتشار وحدات من منطقة خيرسون القريبة للقيام بعمليات ضد القوات الروسية.
وقال بيان لوزارة الدفاع الروسية وقّعه شويغو، إن تفجير السد والفيضانات الناتجة عنه يهدف إلى منع روسيا من الهجوم بالقرب من خيرسون بينما يسمح لأوكرانيا “بنقل الوحدات والمعدات من جبهة خيرسون إلى منطقة العمليات الهجومية“.
وفي واشنطن، قال مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة “قلقة للغاية” بعد تفجير السد الذي تسيطر عليه روسيا في أوكرانيا، وتحاول معرفة المزيد عن التأثيرات المحتملة لذلك.
من جهة ثانية أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الثلاثاء، لمبعوث الفاتيكان من أجل السلام الكاردينال الإيطالي ماتيو زوبي، أن وقف إطلاق النار لن يؤدي إلى السلام، وأن أي اتفاق يجب أن يتم بناء على شروط كييف.
وقالت الرئاسة الأوكرانية في بيان: “شدد رئيس الدولة على أن وقف إطلاق النار وتجميد النزاع لن يفضي إلى السلام“.
وقال زيلينسكي للكاردينال إن الطريقة الوحيدة “لجلب السلام إلى أوكرانيا” هي عبر فرض “عزلة وضغوط” على روسيا. ولفت إلى أنه بإمكان الفاتيكان القيام بمساهمة فاعلة” للإفراج عن أسرى الحرب الأوكرانيين وإعادة الأطفال الذين تم “ترحيلهم” إلى روسيا.