الانتخابات الإيرانية: المواجهة بين المحافظين والمتشددين
حسين عطايا
شهدت إيران يوم أمس انتخابات نيابية مع انتخابات مجلس خبراء النظام، ويعتبرها بعض المعارضين، وحتى بعض المقربين من النظام، على أنها الأسوأ والأقل نسبة مشاركة في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ نشأتها، وذلك ناتج عن إقصاء أكثرية المرشحين ممن ينتمون لتيار الإصلاحيين وحتى بعض المحافظين الذين يُعتبرون ليبراليين إلى حدٍ ما، وهذا ما جعل المرشحين المقبولين ينتمون إلى المحافظين وجناح المتشددين منهم، الذين يؤيدون النظام ويوالونه دون سؤال أو محاسبة، وبذلك اقتصرت المنافسة بين المحافظين والمتشددين منهم فقط مع بعض الموزاييك من قلة من الإصلاحيين والذين لم ينجح منهم أحداً .
هذا الأمر جعل من هذه الانتخابات معروفة النتائج سلفاً ومُعلبة ومظبوطة على ساعة المرشد تماماً، حيث تؤمن له ولمشيئته الاستمرارية بذات النهج، دون أي نكد سياسي أو بعض الإزعاج من الإصلاحيين وسواهم.
كذلك رافق الانتخابات النيابية، انتخابات مجلس خبراء القيادة، ويُعتبر الهيئة الناخبة التي تقوم باختيار المرشد فيما لو غاب المرشد الحالي بسبب الموت أو أية أسبابٍ أخرى، ويتألف من ثمانية وثمانين عضواً، وترشح لعضويته مئة وأربعين مرشحاً. أما الجهة المخولة قبول الترشيح لعضوية هذا المجلس تأتي بعد موافقة على الترشيح من قبل مجلس صيانة الدستور، الذي يعين نصف أعضائه المرشد نفسه، وهذا الأمر ما يجعله أداة مطواعة لرغبات المرشد، ليأتي مجلس الخبراء وفقاً لمشيئته وإرادته، والغريب في الموضوع أن من بعض الذين تم رفض ترشيحهم هو الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، الذي كان عضواً في المجلس نفسه لدورتين.
لذا يظهر أن هذه الانتخابات لا تختلف عن سابقاتها بشيء، وكأن البلاد لم تشهد اعتراضات، لا بل ثورة في العام الماضي، والتي لازالت بعض إرهاصاتها مستمرة في العديد من محافظات البلاد، وهذا ما أدى إلى شبه مقاطعة شعبية حتى أتت نسبة المشاركة في الانتخابات لما دون الواحد والأربعين بالمئة، والتي اعتُبرت الأسوأ والأقل نسبة منذ قيام الجمهورية الإسلامية في العام 1979، أي الانتخابات الأولى في هذه الجمهورية على إثر انتصار ثورة الملالي في العام 1978.
بذلك يكون النظام الإيراني يسير على نفس مسار الدول الدكتاتورية، التي تحفر مسار سقوطها كما العديد من الأنظمة البائدة التي سقطت في حقبات التاريخ واندثرت.