ستكون هذه حربًا حقيقية على أوديسا

ستكون هذه حربًا حقيقية على أوديسا

د. زياد منصور

     “ستكون هذه حربًا حقيقية على أوديسا”: الإعلان عن خطة الخطوة خطوة لغزو الناتو الذي لا مفر منه.

 تحت هذا العنوان نشر موقع “تسارغراد” الذي يملكه قسطنطين مالوفييف، المقرب ومن أوساط في الدوائر النافذة في السلطة الروسية، ومن الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية، مقالاً للكاتب إيليا غولوفنيوف يظهر فيه الخطة الموضوعة للتورط الفرنسي البريطاني في الصراع الأوكراني، وتصعيد الصراع هناك بمشاركة بعض دول حلف شمال الأطلسي.

   ونقل الموقع عن السياسي البريطاني بن والاس إن الجيش البريطاني بأنه على بريطانيا العظمى القتال من أجل أوكرانيا.  ولفت إلى أنَّ وسائل الإعلام تناقش بشكل واسع العملية مع الوقوف على آراء وتعليقات عسكريين. وتتبلور القرارات الاستراتيجية لكيفية التخفيف من المزايا العسكرية الاستراتيجية للجيش الروسي. كل شيء عن هذه الخطة وعن طبيعة القوات التي سيستخدمها الغرب لإيقاف الروس وأين سيتم نشر هذه القوات، في هذه المقالة التي قمنا بترجمتها لاطلاع القارئ عما قد يرتسم من معالم في المراحل المقبلة للصراع المحتمل، نقلاً عن الموقع المذكور أعلاه.

   كتب غولوفنيوف، “يناقشون على شاشة التلفزيون الفرنسي بشكل علني ونشط كيف ستقاتل باريس موسكو في أوكرانيا. تم تحديد سيناريوهين لعمل القوات الفرنسي، وهما:

-إنشاء “جدار الناتو” على طول الضفة اليمنى لنهر دنيبر من كييف عبر دنيبروبيتروفسك إلى منطقتي زابوروجييه وخيرسون التي يحتلها الجيش الأوكراني؛

-الاستيلاء على المناطق الغربية من أوكرانيا، بما في ذلك لفوف وإيفانو فرانكيفسك، ومنطقة ما وراء الكاربات وتشيرنيفتسكايا وفولين. أي على طول الحدود البيلاروسية.

على هذا ستقوم فرنسا بإرسال وحدات إلى أوكرانيا، في المرحلة الأولية سيكون قوامها ألفي جندي!

ويعتقد الكاتب وفق بعض الخرائط، فإن إحدى النقاط الرئيسية ستكون أوديسا وكييف وزابوروجييه. أما ما يتبقى من مناطق فسوف يكون على التوالي بدءًا من دنيبروبيتروفسك إلى كييف عبر كريمنشوج.

وينقل كاتب المقالة أهم ما توصل إليه الكاتب السياسي والخبير في العلاقات البيلاروسية الروسية والجغرافيا السياسية يوري بارانشيك: إنه لمخطط غبي للغاية ما ينوي الفرنسيون بموجبه للتموضع في الخنادق الأولى. في هذه الحالة إلى أين ستذهب القوات المسلحة الأوكرانية؟ هل سيلعقون جراحهم في الخلف؟ أم أن باريس تعتقد جدياً أن الأوكرانيين الذين يتمتعون بخبرة عامين في مجال القتال سيعملون بفعالية مع الأجانب الذين ليس لديهم مثل هذه الخبرة؟

قوات العدو

   يضيف الكاتب: أن سيرجي ناريشكين، مدير جهاز المخابرات الخارجية، كان قد أكد أن جيش الناتو سيصبح هدفا ذا أولوية ومشروعا لهجمات القوات المسلحة الروسية. وأنه في المرحلة الأولية، قد يصل عدد الوحدات الفرنسية إلى حوالي ألفي شخص.

   لقد كان الجنود الغربيون يموتون منذ فترة طويلة بشكل غير رسمي في الصراع الأوكراني كمتطوعين وسيَّاح. لكن دول الناتو لم تشارك رسميًا بعد. في الوقت نفسه، ووفقاً لرئيس جهاز الاستخبارات الخارجية نفسه، فإن عدد الفرنسيين الذين قتلوا في أوكرانيا «تجاوز العتبات الممكنة وصار له أثر نفسي”.

   يشار إلى أن عدد أفراد القوة المعلنة للفيلق المؤلفة من ألفي فرد، هي أقل من عدد أفراد لواء ميكانيكي في القوات المسلحة الأوكرانية. وفي بعض الحالات، يتم تجهيزهم بنفس معدات الناتو كما القوات الفرنسية.

   كتبت صحيفة لوموند أنهم يريدون إرسال قوات النخبة إلى الجبهة الأوكرانية، بما في ذلك فوج المشاة 126. والذي يعود تاريخ إنشائه إلى العام 1793، أي منذ من عصر الحروب الثورية والنابليونية، وشارك في الحملة الروسية.

   ويخضع هذا الفوج للتدريب منذ عدة أشهر في جنوب فرنسا، في نيو آكيتاين، في بريف لا جيلارد. هنا يتابع الكاتب: “لدى ماكرون كل الفرص للوقوع في نفس الفخ الذي وقع فيه نابليون”.

   يرى المراسل العسكري رومان سابونكوف أن الهدف من الدخول الافتراضي لقوات الناتو، إذا حدث، ليس اشتباكًا عسكريًا مباشرًا، بل إنشاء سلسلة من القواعد العسكرية التي ستوفر الخدمات اللوجستية لإمدادات الأسلحة. ومن المستحيل استبعاد احتمال أن بلدنا لن يضرب هناك. لذلك يتضح بأن هذا الأمر بالفائدة على الغرب.

الدرع البشري

   والخريطة المعروضة على القناة الفرنسية ليست الوحيدة. في الشهر الماضي فقط، ناقشت الشبكات الاجتماعية الغربية بنشاط نشر قوات الناتو في أوكرانيا. ويتزامن إلى حد كبير مع ما تم عرضه في LCI. هناك قرار استراتيجي غربي آخذ في الظهور لتحقيق الاستقرار في خطوط التماس القتالية وتقويض الميزة العسكرية الاستراتيجية للجيش الروسي.

         الخريطة الافتراضية لانتشار قوات الناتو في أوكرانيا

   ويبدو أن وحدات الناتو تعول على أنَّ الروس لن يقوموا بضربهم. لذلك، سوف يصبحون درعًا بشريًا للبنية التحتية لميناء أوديسا. وبالفعل، فإن عبور الحبوب الأوكرانية على طول الممر البحري إلى مضيق البوسفور عبر المياه الإقليمية لرومانيا وبلغاريا قد وصل إلى أحجام أكبر بكثير من تلك التي نصت عليها “صفقة الحبوب” أثناء سريان الاتفاقية.

   ولكن بعد عدة “ضربات ” سوف يطرح الفرنسيون سؤالاً معقولاً على ماكرون حول مدى صوابية وجود فرقتهم في أوكرانيا. وكل هذا على خلفية الوضع السياسي الداخلي الصعب للغاية في أوروبا، يشير المراسل العسكري ألكسندر خارتشينكو: أوه، كيف يدخل ماكرون في هذه المغامرة الخطيرة. ومع ذلك، ما بعد الفرنسيين، لن يرغب أحد في تكرار “مآثرهم”. وسوف ينتقل الصراع إلى المستوى الدبلوماسي.

منطقة النفوذ

   حتى الآن، فإن كل التصريحات العدائية صدرت عن الأوروبيين، وليس عن الأميركيين. وهذه الكلمات لا تمثل برنامج عمل، بل محاولة لاستطلاع الرأي العام في الدول الغربية وفي الوقت نفسه «هجوم نفسي» على القيادة الروسية. وقد عبر عن هذا الرأي الخبير العسكري والمحلل سيرجي بروستاكوف.

   تسارغراد: لكي تتصرف روسيا بشكل صحيح، من الضروري أن نفهم ما هي القدرات العسكرية الحقيقية التي يمتلكها التدخل المحتمل؟

 سيرجي بروستاكوف: إنها ليست كبيرة جدًا في إطار الحاجة إلى المشاركة المباشرة في الأعمال العدائية. وبطبيعة الحال، ستحاول الشركات الغربية حماية مصالحها في أوكرانيا، ولكن كل شيء سوف يكون محدودا بالموارد المتاحة. إن خيار إدراج الأسلحة النووية في الصراع، تملكه أيضًا بريطانيا العظمى وفرنسا، لكنه يهدد الإنسانية والبشرية بالاختفاء التام.، كما المحرضين على تفاقم جديد، بالاختفاء التام.

– وبالتالي فإن أهداف الوحدات الغربية ستكون محدودة بشكل واضح؟

– التدخل كان سمة من سمات الحرب الأهلية، ولن يكون من المفاجئ أن يكرر التاريخ نفسه. وستكون الدروس من مشاركة القوات الغربية في الحربين الليبية والسورية مهمة أيضًا. لقد وضع الغرب العبء الرئيسي للصراع على عاتق القوات المحلية العميلة مع وحدات من الإرهابيين الدوليين. القوى الغربية كانت ولا تزال منخرطة، في المقام الأول، في السيطرة على النقاط الأساسية وإقامة “طوق آمن ” مع القوى المناهضة للعدوان.

ــ في أوكرانيا، هل تستطيع القوات الغربية أن تتولى مهمة عسكرية ومهمة الشرطة في الأراضي التي تسيطر عليها كييف؟

“سيضمن ذلك السيطرة على مراكز النقل الرئيسية وتحديد الحدود التي لن يرغبوا من السماح للجيش الروسي الخروج منها ومحاصرتهم. بهذه الطريقة سيخف الضغط عن العديد من وحدات القوات المسلحة الأوكرانية على الحدود وداخل البلاد، وسيتم ضمان الإمدادات للقوات المسلحة الأوكرانية وسيتم الإعلان عن مناطق النفوذ الأجنبية. الآن قد لا يتجاوز عدد الوحدات بضع عشرات الآلاف من الأفراد في المجموع. لكن في المستقبل قد يتغير كل شيء. فالغرب لديه احتياطي من القوى البشرية في هيئة الجيش البولندي، وفرص اقتصادية لتطوير الصناعة العسكرية تفوق فرصنا.

 رمح الناتو

   وإذا قرر الغرب القيام بعملية عسكرية واسعة النطاق، فمن أجل ضمان السيطرة الكاملة على “الضفة اليمنى لأوكرانيا”، سيحتاج الناتو إلى إشراك فرق كاملة وفيلق عسكري. هذا ما لا يقل عن 60-70 ألف عسكري.

  بالمناسبة، يشارك حوالي 90 ألف عسكري من 31 دولة من الحلف في التدريبات العسكرية واسعة النطاق “المدافع الصامد”، والتي بدأت فيكانون الثاني وستستمر حتى آذار2024.

  تستخدم تدريبات الناتو أجهزة راديو آمنة وغيرها من المعدات اللازمة لتبادل البيانات في ساحة المعركة. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع ضباط الناتو بفرصة استخدام المحادثات الخاصة حيث يتم جمع المعلومات.

  يستخدم الناتو على نطاق واسع سرايا المشاة والهندسة المدرعة والآلية والوحدات اللوجستية وفرق العمل خلال عملية “المدافع الصامد”، Steadfast Defender. ومن المحتمل أن تشارك قوات الناتو في الصراع الأوكراني بهذا الشكل في حالة حدوث غزو واسع النطاق لأوكرانيا.

  وفي الوقت نفسه، سيتم ضمان حماية المجال الجوي من أراضي بولندا ورومانيا. ولهذه الأغراض، يستخدم الناتو أنظمة الدفاع الجوي باتريوت وناسامنز وNASAMS.

  القاعدة العسكرية في رومانيا هي المكان الذي ستتمركز فيه القوات العسكرية الرئيسية. تُستخدم المطارات في مولدوفا كـ “قواعد للإنزال” ومن أجل إخراج الأراضي التي يسيطر عليها الناتو لتجنيبها ضربات وهجوم الجيش الروسي. – يقول ماركوف.

  سيتم تنفيذ العمليات العسكرية مع التركيز على البحر الأسود. نقطة الدفاع الرئيسية هي أوديسا. وأضاف السياسي أنه خلال الهجوم سيكون الهدف شبه جزيرة القرم.

وماذا يبعني ذلك؟

   ولذلك فإن إطالة أمد الصراع، الذي يستنزف أوكرانيا للوهلة الأولى، قد يتبين أنه له جانب مختلف تماما. ليس لدى روسيا الكثير من الوقت لاتخاذ إجراءات جادة؛ فالتهور والاستسلام الكامل لرغبة الولايات المتحدة الجنونية في الحفاظ على هيمنتها من شأنه أن ينتصر في أوروبا وسيثير تصعيد عالمي. حينها سيكون القتال من أجل أوديسا في الناتو. على أية حال، ربما يتعين على سكان أوديسا أن يحزموا أمتعتهم بالفعل حتى لا يكونوا عرضة لبداية الهجمات. هناك  معركة كبيرة قادمة، الروس لن يسلموا أوديسا للفرنسيين…

Visited 4 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. زياد منصور

أستاذ جامعي وباحث في التاريخ الروسي