اليوم الـ 40 للحرب: تحقيق روسي في مجزرة بوتشا وعقوبات غربية جديدة
السؤال الآن ــ وكالات وتقارير
في اليوم الاربعين للحرب، ما تزال ردود الفعل على ما وصفه الأوكرانيون بـ”حرب إبادة” في بوتشا، تتجلى في الإعداد لعقوبات جديدة ضد موسكو، تستهدف قطاعي النفط والفحم، في وقت تسلمت فيه وزارة الدفاع الأوكرانية صواريخ أميركية جديدة، وأعلنت تحرير منطقة كييف. بينما واصلت القوات الروسية عملياتها وقصفت مطارا و13 منشأة عسكرية في أوكرانيا.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن مجلس الأمن الدولي سينظر غدا الثلاثاء فيما وصفه بـ”جرائم حرب” مرتكبة في حق مئات المدنيين قتلوا في بوتشا وبلدات أوكرانية أخرى. وأن هناك حزمة عقوبات جديدة على روسيا، لكنه اعتبرها غير كافية.
وخلال زيارته لمدينة بوتشا (منطقة كييف) التي استعيدت قبل أيام من القوات الروسية، صرح بأن “جرائم حرب” سيعترف بها دوليا على أنها “إبادة جماعية”. وأوضح لوسائل إعلام من بينها “وكالة الصحافة الفرنسية” أنه “في أحد شوارع المدينة عثر على جثث الكثير من المدنيين: “إنها جرائم حرب وسيصنفها العالم إبادة جماعية”. ولا يزال عدد القتلى الإجمالي غير مؤكد، وقد عُثِر على جثث تعود إلى 410 مدنيّين في أراض بمنطقة كييف استعادتها القوّات الأوكرانيّة في الآونة الأخيرة من القوّات الروسيّة، وفق ما أعلنت النائبة العامّة لأوكرانيا إيرينا فينيديكتوفا الأحد.
ونقلت واشنطن بوست عن مسؤولين أوكرانيين قولهم إنهم طلبوا من محكمة الجنايات الدولية “زيارة المقابر الجماعية في ضاحية بوتشا”.
من جانبه، أمر كبير المحققين الروس اليوم الاثنين بإجراء تحقيق رسمي فيما أسماه “باستفزازات” أوكرانيا، وقالت لجنة التحقيقات الروسية في بيان إن رئيس اللجنة ألكسندر باستريكين أمر بفتح تحقيق بعد أن نشرت أوكرانيا “معلومات كاذبة عمدا” عن القوات المسلحة الروسية في بوتشا. وقال السفير الروسي بواشنطن: “قواتنا غادرت بوتشا في 30 مارس، والآن أظهرت كييف لقطات مثيرة لتشويه سمعة روسيا”.
ونقلت وكالة “سكاي نيوز” عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا اعلانها أن “صور القتلى المدنيين في بلدة بوتشا الأوكرانية كانت بأوامر من الولايات المتحدة، في إطار مؤامرة لتوجيه اللوم لموسكو”.
وكانت شركة “ماكسار تكنولوجيز الأميركية” اأادت يوم أمس أن صور الأقمار الاصطناعية لبلدة بوتشا الأوكرانية أظهرت خندقا بطول 45 قدما محفورا في أرض كنيسة، حيث تم اكتشاف مقبرة جماعية”. وأوضحت أن “الصور التي تم التقاطها في 31 مارس الأخير تأتي بعد صور سابقة من 10 مارس، تظهر علامات الحفر في أراضي كنيسة سانت أندرو.
ونقلت وكالة “سكاي نيوز” عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله :”إن الوضع والفبركة في بوتشا هو استفزاز ويمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين”. وأضاف في اجتماع مع نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث: “تم شن وتنفيذ هجوم وهمي (مزيف ومفبرك) آخر في مدينة بوتشا بمنطقة كييف بعد أن غادرت القوات الروسية.. ووفقا للمخطط (الغربي) أقيم هناك عرض مسرحي بعد أيام قليلة (من انسحاب القوات الروسية)، وتم نشر الفبركات عبر جميع القنوات والشبكات الاجتماعية من قبل الممثلين الأوكرانيين ورعاتهم الغربيين”.
وفي وقت سابق، وزعت السلطات ووسائل الإعلام الأوكرانية مقطع فيديو يزعم أنه تم تصويره في مدينة بوتشا بمنطقة كييف، حيث ترقد جثث القتلى على الطريق. شكك العديد من مستخدمي الإنترنت في مصداقية اتهامات كييف ضد موسكو، مشيرين إلى أنه لم يكن هناك دماء بالقرب من الجثث على الأرض، كما لاحظ المستخدمون أن “الموتى” يحركون أيديهم ويظهرون بصور غير واقعية ويتحركون.
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إعلانه اليوم أن “روسيا نفت قطعا كل الاتهامات الموجهة إليها بارتكاب إبادة جماعية في أوكرانيا، مؤكدا أن “خبراء وزارة الدفاع الروسية عثروا على مؤشرات تظهر تزوير مقاطع فيديو وأنباء كاذبة في المشاهد التي عرضتها السلطات الأوكرانية كأدلة على وقوع مجازر تتهم روسيا بارتكابها في المناطق التي تم تحريرها حول العاصمة كييف”.
من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم أن “ما حصل في بوتشا يتطلّب (فرض) حزمة جديدة من عقوبات وتدابير واضحة جدا”. مضيفا “سننسّق مع شركائنا الأوروبيين، وخصوصًا ألمانيا في الأيام المقبلة”، متحدثًا عن عقوبات فردية وتدابير تطال الفحم والنفط الروسيَّين. وأفاد: “هناك مؤشرات واضحة جدًّا على ارتكاب جرائم حرب، وثبت تقريبا أن الجيش الروسي كان موجودًا في هذه المدينة الصغيرة حيث قُتل مدنيون”، مؤكدا أنه “يجب إحقاق العدالة الدولية. ويجب محاسبة أولئك الذين كانوا سبب هذه الجرائم”، لأنه “لن يحلّ السلام من دون عدالة”.
ميدانيا، قال وزير الدفاع الأوكراني إنه تم تحرير منطقة كييف “بعد 39 يوما من صدنا تدخلا روسيا واسع النطاق”. وأعلنت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إسقاط 147 طائرة، و134 مروحية روسية، ومقتل 18 ألفا و300 عسكري روسي منذ بدء الحرب. ونقلت وكالة “رويترز” عن حاكم منطقة تشيرنيهيف بشمال أوكرانيا، فياتشيسلاف تشاوس قوله :”إن بعض القوات الروسية بقيت في المنطقة اليوم ، وذلك بعد الانسحاب من محيط المدينة الرئيسية بالمنطقة”. وذكر رئيس بلدية ماريوبول المحاصرة في جنوب شرق أوكرانيا فاديم بويتشينكو أن المدينة “دمرت بنسبة 90 في المئة” فيما “40% من بنيتها التحتية غير قابلة للإصلاح”، حسبما أفادت “وكالة الصحافة الفرنسية”. وقال في مؤتمر صحافي اليوم: “الخبر المحزن هو أن 90% من البنية التحتية للمدينة دمرت، و40% منها غير قابلة للإصلاح”. وأضاف أن “زهاء 130 ألف نسمة” لا يزالون محاصرين فيها.
في المقابل، أكدت الرئاسة الروسية ثقتها في أن تحقق العملية العسكرية في أوكرانيا أهدافها بالكامل، مبدية أملها في التوصل إلى اتفاقات عبر المفاوضات. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم عن استهداف مطار بولوفوي في مقاطعة ميكولايف الأوكرانية بصواريخ، مما أسفر عن تدمير 3 مروحيات عسكرية.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف “قامت القوات الجوية الروسية باستهداف عدة مواقع تابعة للجيش الأوكراني، ومنها في بلدة ليسيتشانك، حيث تم القضاء على مجموعة تعمل ضمن اللواء اللوجستي المسؤول عن العربات والدبابات العسكرية”. وأضاف “خلال الليل، ضرب الطيران العملياتي والتكتيكي للقوات الجوية الروسية 14 منشأة عسكرية أوكرانية”.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي إن شحنات من المساعدات العسكرية وصلت إلى أوكرانيا خلال الساعات الماضية، مشيرا إلى أن واشنطن تمدّ كييف بصواريخ جافلين وستينغر وغيرها من المعدات العسكرية. وشدد كيربي في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” على أن واشنطن ستواصل تقديم هذه المعدات العسكرية نظرا لحاجة أوكرانيا إليها، بينما اعتبر كبير موظفي البيت الأبيض رون كلين أن القوات الأوكرانية تحقق انتصارا في محيط كييف وشمالي البلاد، بفضل بسالة جنودها والدعم المقدم لها من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو). وأضاف في مقابلة تلفزيونية أن هناك أدلة على أن بوتين يقوم بإخراج قواته من شمال أوكرانيا لنشرها شرقا، بهدف إعادة إطلاق المعركة من هناك.
إلى ذلك، قال مسؤولون أوكرانيون إن القوات الروسية حفرت في المنطقة السامة بالقرب من تشيرنوبل، مرجحين نقل كميات من التراب الملوث نوويا إلى روسيا وبيلاروسيا ومناطق أخرى في أوكرانيا. بحسب شبكة “سكاي نيوز” البريطانية. وقالت مسؤولة أوكرانية للشبكة: “لقد كان هناك الكثير من الخنادق، فقد كانوا يحفرون في أماكن مختلفة “لكني علمت أن أخطر (عمليات الحفر) كانت في (منطقة) الغابة الحمراء، التي تعتبر أكثر المناطق تلوثا”. ومما زاد الأمر سوءًا، أن الأوكرانيين يقولون إن معدات الكشف عن الإشعاع التي كان الجنود الروس يستخدمونها، وعثروا عليها لاحقا تعود إلى الخمسينيات من القرن الماضي ولم تعمل في المكان. وأحصى الموظفون الأوكرانيون في تشيرنوبل مغادرة أكثر من 10 آلاف مركبة روسية للمنطقة خلال 5 أيام فقط. ويخشى هؤلاء أن تكون تلك المركبات قد عملت على أخذ كميات من التراب الملوث في المنطقة إلى بيلاروسيا، وربما عملوا على توزيعها في مناطق مختلفة في أوكرانيا. وأعربوا عن قلقهم بشأن الألغام الأرضية التي زرعها الروس، حيث قُتل بالفعل أحد الأوكرانيين وعدد من الحيوانات البرية إثر انفجار عدد من الألغام. ويقولون إن إزالة الألغام الأرضية في التربة المسمومة إشعاعيا سيكون تحديا كبيرا.
من جهة ثانية، نقلت وكالة “فرانس برس” إعلان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن “الاتحاد يناقش بشكل عاجل فرض مجموعة جديدة من العقوبات على روسيا استجابة لطلب فرنسا وألمانيا بصورة خاصة، في أعقاب العثور على جثث مئات المدنيين في محيط كييف ولا سيما في بوتشا بعد انسحاب القوات الروسية منها”.
ونقلت وكالة “رويترز” دعوة وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس لفرض عقوبات أشد على روسيا، وقالت: “إلى الآن لم يظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه جاد في الدبلوماسية. إن نهجا حازما من المملكة المتحدة وحلفائنا أمر حيوي لتعزيز موقف أوكرانيا في المفاوضات”. وتابعت “ساعدت بريطانيا في قيادة السبيل إلى العقوبات لشل آلة بوتين العسكرية. سنفعل المزيد لتكثيف الضغط على روسيا وسنواصل الضغط على الآخرين ليفعلوا المزيد”.
كما نقلت وكالة “رويترز” عن رئيس الوزراء البولندي ماتيوس مورافيتسكي قوله اليوم في مؤتمر صحافي :”إن ألمانيا هي العقبة الرئيسية أمام فرض عقوبات أكثر صرامة على روسيا، المجر لا تعرقل هذه العقوبات”.
وكانت ألمانيا أعلنت إنه لا يمكنها الاستغناء عن إمدادات الغاز الروسي “في الوقت الراهن”، وأن العقوبات المفروضة على موسكو في هذا القطاع ستضر الاتحاد الأوروبي أكثر من روسيا، حسبما أفادت “وكالة الصحافة الفرنسية”.