خوفا من عواصف البحر الأسود… العرب وسيطا لحل الأزمة؟
د. خالد العزي
في ظل الحراك الدولي للتوسط بين طرفي الصراع في الأزمة الأوكرانية ــــ الروسية للوصول الى تسوية، تبدأ بالجلوس على طاولة المفاوضات وتنتهي بوقف الأعمال العسكرية، كان للجامعة العربية توجه خاص للعب دور ريادي في إنجازها من خلال موقف الحياد المتخذ من الحرب العسكرية الناشئة بين الطرفين.
ففي حدث غير عادي، التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وفدا من وزراء الدول العربية للبحث في كيفية إيجاد مخرج لتسوية سريعة للصراع الاوكراني ـــ الروسي بحسب صحيفة كوميرسانت الروسية بتاريخ 4\4\2022. والمعروف أن روسيا كانت منذ فترة طويلة تلعب دور الوسيط في تسوية نزاعات الشرق الأوسط، لكن هذه المرة تغيرت الأدوار، حيث قامت جامعة الدول العربية بدور الوسيط الذي قرر المشاركة في المصالحة بين روسيا وأوكرانيا. ولهذه الغاية، التقى الأمين العام لجامعة الدول العربية مع وزراء خارجية خمس دول عربية مع لافروف في موسكو، ومن هناك سوف يتوجهون إلى وارسو للقاء وزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا.
واشارت الصحيفة المذكورة الى ان لافروف التقى بوزراء خارجية الدول الأعضاء في مجموعة الاتصال بشأن أوكرانيا التابعة لوفد جامعة الدول العربية، ويبدو أنه لم يكن مرتاحا تماما لدوره الجديد كممثل لأحد الأطراف المتحاربة في النزاع، والذي عمل ممثلو الدول العربية كوسطاء في تسويته. وقد شارك في الاجتماع كلا من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ووزراء الخارجية في الأردن ومصر والعراق والسودان والجزائر وانضم إليهم سفير دولة الإمارات في روسيا وجرت محادثات معمقة في مقر وزارة الخارجية الروسية في موسكو.
ابدى وفد الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية استعداده للعمل كوسيط في المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، كما صرح بذلك وزير الخارجية المصري سامح شكري، في مؤتمر صحفي عقب الزيارة مع نظيره الروسي شارحا حيثيات عمل مجموعة اتصال جامعة الدول العربية بشأن أوكرانيا مع سيرغي لافروف. وبحسب الوزير المصري، فإن وفد الجامعة العربية غادر موسكو متوجها إلى وارسو لعقد اجتماع مع وزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا هناك، حيث سيتاح لجامعة الدول العربية الفرصة للتعرف على جميع وجهات النظر حول الصراع الروسي الأوكراني بشكل مباشر. وكان القرار العربي بإنشاء مجموعة معنية بالأزمة الأوكرانية اتخذ في 9 \3\2022 في اجتماع خاص لمجلس جامعة الدول العربية حول أوكرانيا، حيث عُقدت خلية الازمة بمبادرة من مصر، بهدف مراقبة وإجراء مشاورات واتصالات لازمة مع جميع الأطراف المعنية من أجل للمساعدة في إيجاد حل دبلوماسي للأزمة.
وفي مؤتمر صحفي عقده في موسكو أثار الأمين العام لجامعة الدول العربية مرة أخرى، مسألة تأثير الصراع الأوكراني على الأمن الغذائي العالمي والعربي، كما أعرب عن قلقه من ارتفاع أسعار الطاقة الذي يقوض بحسب قوله اقتصاد الدول العربية. وقال أبو الغيط في ذلك الوقت “يجب أن نكون مستعدين للدفاع عن مصالحنا واتخاذ المواقف التي تخدم أهدافنا. إن المواجهة بين القوى العالمية الكبرى ستضغط علينا جميعا، وسوف يعاني منها بعض شعوبنا”، مضيفا: “الأزمة الناشئة تهدد العالم العربي بعواقب اقتصادية وخيمة، وعلى رأسها الأمن الغذائي”.
يمن) و 80٪ (مصر) من قمحها من روسيا وأوكرانيا. كما أشار إلى تراجع التدفق السياحي من روسيا وأوكرانيا، وهو أمر مؤلم للغاية للمنطقة وخاصة الى مصر. وقد اثار الوفد مشكلة أخرى هي مصير مئات المواطنين العرب الذين انتهى بهم المطاف في أوكرانيا. وهناك بالفعل ضحايا بينهم، في بداية “العملية الخاصة” الروسية في خاركوف، حيث توفي طالب جزائر، وحتى الآن لم يتم نقل جثته لدفنها في وطنه.
وفي موسكو، عُرض على الوزراء العرب رؤية الجانب الروسي بشأن تاريخ الصراع في أوكرانيا. ووضع رئيس وزارة الخارجية الروسية هذا تقليديا في السياق الأوسع للمواجهة الروسية مع الغرب، مع الولايات المتحدة في المقام الأول. وقال سيرغي لافروف بان “النقطة المهمة هي أن الغرب الجماعي، بعد أن احتشد أخيرا دون أدنى شك تحت سقف واشنطن، هو نموذج لعالم أحادي القطب يود الحفاظ عليه عن طريق الخطاف أو المحتال، وفي الغالب عن طريق المحتال”. بانتظار اللقاء القادم مع وزير خارجية أوكرانيا دميتري كوليبا من اجل التعرف على وجهة نظر الفريق الثاني لكي يقدم الوفد العربي رأيته للتسوية وكيفية العمل على تفكيك مفاصل الخلاف نتيجة المصالح المشتركة للدولة العربية مع الطرفين، بالاضافة للعمل على النقطة الثانية المتعلقة بمصير الجاليات العربية المتواجدة في أوكرانيا وكيفية التنسيق مع الطرفين لإخراجهم من المدن المحاصرة.
والسؤال المطروح امام الوفد هل يستطيع الوفد من تسويق رؤية الجامعة العربية المستقلة والمحايدة من طرفي النزاع للوصول الى صيغة فاعلة تحد من تطور الازمة على الداخل الروسي والاوكراني وعلى المحيط الخارجي، حيث باتت الازمة الاقتصادية لا تبعد سوى امتار عن الجو العربي الملبد بغيوم العاصفة القادمة من البحر الاسود.؟