اليوم الـ 53 للحرب: غموض في ماريوبول وقصف في كييف
السؤال الآن ــــ وكالات وتقارير
في اليوم الـ 53 للحرب، أعلنت السلطات الأوكرانية تعليق الممرات الإنسانية لإجلاء المدنيين من شرق أوكرانيا، وسط تصعيد روسي في المدينة التي تخوض فيها القوات الأوكرانية معركة الأمتار الأخيرة، وترفض التفاوض على الاستسلام، بموازاة ترقب دولي لمرحلة ما بعد ماريوبول، التي قالت كييف إن تطوراتها قد تنهي كل الحلول السلمية لإنهاء الحرب.
وقالت نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشوك على “تلغرام”: “هذا الصباح، فشلنا في التفاوض مع المحتلين على وقف إطلاق النار على ممرات الإخلاء. لهذا السبب، للأسف، لن نفتح ممرات إنسانية اليوم”. وطالبت بفتح ممر لإجلاء الجنود الجرحى من مدينة ماريوبول التي دمرها القتال.
في المقابل، اتهمت وزارة الدفاع الروسية الحكومة الأوكرانية بمنع قواتها المحاصرة في مصنع “آزوفستال”، آخر معقل لها في مدينة ماريوبول، من التفاوض على الاستسلام”. وأكدت موسكو سيطرتها الكاملة على منطقة ماريوبول السكنية، ونقلت وكالة “تاس” عن روسيا اشتراطها وضع القوات المقاتلة في ماريوبول أسلحتها قبل الثالثة صباحا بالتوقيت العالمي، للحفاظ على حياة أفرادها. لكن مجلس الأمن القومي الأوكراني نفى سيطرة روسيا على ماريوبول. وسيشكل استيلاء روسيا على هذه المدينة انتصارا مهما لموسكو، لأنه سيسمح لها بتعزيز مكاسبها في المنطقة الساحلية على طول بحر آزوف، من خلال ربط منطقة دونباس التي يسيطر موالون لها على جزء منها، بشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في 2014.
في غضون ذلك، أعلنت روسيا أن قواتها بطلب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفذت عملية خاصة لتحرير رهائن محتجزين لدى قوات موالية لحكومة كييف، في مسجد تركي بمدينة ماريوبول جنوب شرق أوكرانيا. ودوت صفارات الإنذار في أنحاء البلاد في وقت مبكر من صباح اليوم الأحد،
وذكر تقرير صباحي من الجيش الأوكراني أن الضربات الجوية الروسية على ماريوبول استمرت بينما كانت هناك “عمليات هجومية بالقرب من الميناء”.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن انفجارا وقع في العاصمة كييف، إلا إن نائب رئيس بلدية المدينة ميكولا بوفوروزنيك قال إنه لم تكن هناك انفجارات، وأن أنظمة الدفاع الجوي حالت دون وقوع هجمات روسية، بحسب ما ذكرت رويترز.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان “مع الأخذ في الاعتبار الوضع الكارثي في مصنع آزوفستال، فضلا عن الاسترشاد بمبادئ إنسانية بحتة، تعرض القوات المسلحة الروسية على مقاتلي الكتائب القومية والمرتزقة الأجانب وقف أي أعمال قتالية وإلقاء السلاح بدءا من الساعة 6 صباحا بتوقيت موسكو، في 17 أبريل 2022“. وذكرت أن “كل من يلقي سلاحه سينجو بحياته”، مضيفة أن المدافعين يمكن أن يغادروا المصنع بحلول الساعة 10 صباحا بدون أسلحة أو ذخيرة. ويقع مصنع آزوفستال، الذي يوصف بأنه حصن في المدينة، في منطقة صناعية تطل على بحر آزوف مساحتها أكثر من 11 كيلومترا مربعا، وتضم عددا كبيرا من المباني وأفران صهر المعادن وخطوط السكك الحديدية. ومن بين المدافعين عن المدينة مشاة البحرية الأوكرانية وألوية آلية، ولواء من الحرس الوطني وفوج آزوف، وهو ميليشيا شكلها القوميون اليمينيون المتطرفون، وتم دمجها لاحقا في الحرس الوطني. ولم يعرف بعد عدد الموجودين في مصانع الصلب، غير أن موسكو تقدر العدد حاليا بحوالي 2500 مقاتل من القوات الأوكرانية و”مقاتلي الكتائب القومية المتطرفة والمرتزقة الأجانب”، وذلك بعد استسلام 1464 عنصرا من القوات الأوكرانية ومقتل نحو 4000 آخرين.
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لبوابة “أوكرانسكا برافدا” الإخبارية إن الوضع في ماريوبول صعب للغاية، مضيفا “جنودنا محاصرون والجرحى محاصرون. هناك أزمة إنسانية… ومع ذلك الرجال يدافعون عن أنفسهم”.
ولاحقا أعلن مجلس الأمن القومي الأوكراني، أنّ “التقارير الروسيّة عن تطهير ماريوبول الأوكرانية، من مقاتلي آزوف مزيفة”.
وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن “قواتها أسقطت طائرة شحن عسكرية أوكرانية محملة بأسلحة غربية قرب ميناء أوديسا جنوب أوكرانيا؟ وأفادت وسائل إعلام محلية، عن سماع دوي انفجارات في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد في العاصمة الأوكرانية كييف. وأطلقت صفارات الإنذار في جميع أنحاء أوكرانيا تقريبا خلال الليل. وأعلنت رئاسة هيئة الأركان العامة الأوكرانية، أنه “تم قتل 20 ألفا و300 جندي روسي، وتدمير 165 طائرة، و146 مروحية، و773 دبابة في الفترة بين 24 شباط و17 أبريل نيسان 2022“.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت بدورها، أن “قواتها دمرت الليلة الماضية بصواريخ عالية الدقة مطلقة من الجو مصنع ذخيرة في مدينة بروفاري قرب العاصمة الأوكرانية كييف”.
وأعرب رئيس بلدية العاصمة الأوكرانية كييف، فيتالي كليتشكو، عن شكره تركيا لتقديمها الدعم السياسي والعسكري وإبدائها “صداقة حقيقية” لبلاده خلال الحرب الروسية عليها”، وأوضح أن “أوكرانيا في حاجة إلى مساعدات إنسانية وطبية وعسكرية إضافة إلى الدعم السياسي”. وقال إن “الأسابيع الأخيرة لم تشهد هجمات روسية على العاصمة كييف إلا أن الخطر لا يزال قائماً”، مشيراً إلى أن “الجيش الروسي يمتلك أعدادا ضخمة من الصواريخ وأنه لم يستبعد في بياناته الأخيرة احتمال القيام بهجوم صاروخي أو غارات جوية على كييف”. ولفت إلى “استمرار الاشتباكات العنيفة والهجمات الروسية في شرقي البلاد”، وتابع: “الوضع في العاصمة أهدأ إلا أن ذلك لا يستبعد احتمال اندلاع اشتباكات وحدوث هجمات عليها”، موصياً المدنيين الذين خرجوا من المدينة بعدم الاستعجال في العودة. ونصح “سكان العاصمة كييف الذين خرجوا منها بسبب الحرب بعدم التعجل في اتخاذ قرار الرجوع إلى المدينة، لأننا لا يمكننا أن نضمن لهم الأمن بدرجة 100 في المئة جراء الهجمات الروسية التي يمكن أن تتجدد في أي وقت”.
وأفادت وزارة الدفاع البريطانية في نشرة دورية، أن القوات الروسية مستمرة في إعادة نشر المعدات القتالية وأجهزة الدعم من بيلاروسيا باتجاه شرق أوكرانيا بما في ذلك المواقع القريبة من خاركيف وسيفيرودونيتسك. وفي حديث للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قال إن “معركة دونباس مهمة للغاية بالنسبة لنا، ويمكن أن تغير مسار الحرب الجارية”، مؤكداً أن “القوات الأوكرانية في دونباس هي الأقوى والأكثر تدريبا”. وأوضح أن “الوضع في ماريوبول صعب للغاية، ومن الواضح أن الأوضاع لن تتحسن لأسباب عدة”، لافتاً إلى “أننا لا نعرف عدد السكان الذين لا يزالون في ماريوبول أو عدد القتلى، كما لا نعرف بالضبط عدد القتلى من المدنيين في مناطق مثل خيرسون وبيرديانسك وماريوبول“. وأشار إلى أن “لدينا تسجيلات صوتية ومقاطع مصورة تؤكد ارتكاب القوات الروسية إبادة جماعية في بوتشا”. ودعا زيلينسكي الرئيس الأميركي، جو بايدن، لزيارة أوكرانيا،وقال: “أريد أن يفهم الرئيس بايدن أن ما يجري ليس حربا وإنما إبادة جماعية”.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء الأوكراني، دينيس شميغال، أن “لدينا عجز في الموازنة يقارب 5 مليارات دولار كل شهر منذ بدء الحرب”، موضحاً أن “بلاده تريد مزيدا من المساعدات المالية والذخائر والعقوبات على روسيا“. وأكد شميغال، أن “مدينة ماريوبول لم تسقط بعد والقوات الأوكرانية لا تزال في المدينة، وستقاتل حتى النهاية”، مشدداً على أنه “إذا لم يرغب الروس في إجراء مفاوضات فسنقاتل حتى النهاية ولن نستسلم“.
إلى ذلك، أشار المستشار النمساوي، كارل نهامر، إلى “أنني توجهت إلى موسكو بعد زيارة أوكرانيا من أجل مواجهة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بما رأيته في بوتشا“، مؤكداً أنه “لم يتصافح مع بوتين خلال اجتماعهما ولم يكن يرغب في ذلك”؟ ولفت إلى أن “المحادثات مع بوتين لم تكن ودية بل صريحة وصعبة”، وذكر “أنني أخبرت الرئيس الروسي بأن هناك حاجة إلى خلق ممرات إنسانية في مدن مثل ماريوبول وخاركيف”. وأوضح أن “بوتين أخبرني أن العقوبات على روسيا قاسية للغاية، لكنه أكد أن العملية العسكرية ضرورية”، مشيراً إلى أن “بوتين يعتقد أنه يكسب الحرب، ولديه منطقه الخاص حول الحرب في أوكرانيا”، وتابع: “الرئيس الروسي أبلغني أن بلاده ستتعاون مع محققين دوليين فيما يتعلق بجرائم الحرب في أوكرانيا، لكنه لا يثق بالغرب”. ورأى المستشار، أن “بوتين لم يبد أي تجاوب مع عرض بشأن عقد لقاء مباشر مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي“، مردفاً أن “الرئيس الروسي يؤيد استمرار المحادثات بين روسيا وأوكرانيا، التي بدأت في إسطنبول“.